تونس | أجمع ممثلو الاحزاب والمنظمات والجمعيات، المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني، الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، على رفض موعد الانتخابات التشريعية، الذي حددته أحزاب الترويكا، في ٢٣ حزيران ٢٠١٣. ورأت الأحزاب المشاركة في المؤتمر، الذي عُقد تحت شعار «الحوار الوطني دعامة للوحدة الوطنية»، أن الموعد المحدد غير ملائم، وذلك لتزامنه مع الامتحانات المدرسية والجامعية وموسم الحصاد والموسم السياحي. وأجمع المداخلون في الجلسة الاولى لمؤتمر الحوار الوطني على استحالة تنظيم الانتخابات في الموعد المقترح، لأنه سيحرم الآلاف المشاركة في الانتخابات. كذلك رأى بعض المداخلين أن احزاب الترويكا (حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية وحزب التكتل من اجل العمل والحريات)، كانت تدرك من البداية استحالة تنظيم الانتخابات في هذا الموعد، لكنها تعمدت اقتراحه حتى تكون الدعوة إلى التأجيل صادرة عن المعارضة لا عن الترويكا الحاكمة، وباعتبار أن فصل الصيف يتزامن مع شهر رمضان، ثم العودة المدرسية والجامعية، فإن الموعد الأقرب سيكون الخريف المقبل، وتحديداً شهر تشرين اول ٢٠١٣، وهو ما سيمنح الترويكا مزيداً من الوقت لمحاولة استعادة ثقة المواطنين في الأداء الحكومي المتعثر.
ولم يكن الموعد فقط سبب رفض أحزاب المعارضة والمنظمات والجمعيات الوطنية، وبينها الاتحاد العام التونسي للشغل، بل هناك ايضاً تمسك المعارضة باستقلالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي تبقى الجهة الوحيدة المخولة تحديد موعد الانتخابات، حسب ما تراه صالحاً، وبما يستجيب للمعايير الدولية، التي حددها الرئيس السابق للهيئة كمال الجندوبي بثمانية اشهر.
ويبدو أن الجندوبي يحظى بثقة كل الفاعلين في الحكومة والمعارضة، ليكون الرئيس الجديد للهيئة بعد تصديق المجلس الوطني التأسيسي على ترشيحه، وذلك بعد الكفاءة والصدقية والاستقلالية التي أثبتها في الانتخابات السابقة. وجاء ترشيح الترويكا للجندوبي بعد تمسك حزب «التكتل من اجل العمل والحريات» به، رغم عدم حماسة النهضة في البداية لترشيحه تحت ذريعة التداول.
بموازاة ذلك، لم تنجح مبادرة أحزاب الترويكا المعلن عنها عشية انطلاق مؤتمر الحوار الوطني في سحب البساط والأضواء من الاتحاد العام التونسي للشغل، اذ عمّق المؤتمر عزلة حركة النهضة وحليفها «المؤتمر من اجل الجمهورية» بعد انخراط الشريك الثالث «التكتل» في مبادرة اتحاد الشغل، في خطوة وصفت بأنها مقدمة لـ «تصدع الائتلاف». كذلك جاءت مشاركة خمسين حزباً ومعظم المنظمات والجمعيات وبعض الشخصيات الوطنية، مثل احمد المستيري واحمد بن صالح ومصطفى الفيلالي، محرجة لحركة النهضة، التي نالت نصيبها من الهجوم في مداخلات ممثلي الاحزاب السياسية والجمعيات التونسية. وحمّل اغلب المداخلين الحركة مسؤولية الاحتقان السياسي والاجتماعي والانهيار الاقتصادي، كما اتهموها بالإقصاء والالتفاف على المطالب الشعبية ومحاولات الهيمنة على الدولة، منتقدين النقاط التي بررت بها الحركة غيابها عن المؤتمر. وطالب بعض المداخلين، وبينهم الامينة العامة للحزب الحمهوري مية الجريبي، بضرورة إقالة وزراء السيادة الثلاثة المنتمين إلى حركة النهضة، ومنح حقائب الداخلية والعدل والخارجية لشخصيات مستقلة، حتى تتوافر الشروط الملائمة لانتخابات نزيهة وديموقراطية.
في اطار آخر، شدد زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، على أن تشويه صورة السلفيين في البلاد خطأ لن يؤدي سوى إلى وصولهم إلى الحكم في نهاية المطاف. وفي تصريح لصحيفة «لوموند» الفرنسية، أمس، اوضح الغنوشي أن «على المرء أن يميز بين الأصوليين، الذين يتحولون إلى العنف، والآخرين. إذا شوهنا صورة السلفيين فسيصبحون في السلطة خلال عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً». واكد أنه يجب السماح لبعض العناصر في الحركات السلفية بالمشاركة في انتقال تونس إلى الديموقراطية، ما داموا يعملون في اطار القانون.
من جهة أخرى، كشف وزير الاقتصاد، رضا السعيدي، أمس، أن الحكومة ستطلق في نهاية الشهر الحالي قناة «القصبة تي. في» على الانترنت، مخصصة للتعريف بإنجازات الحكومة رداً على ما تقول إنه تعتيم الاعلام المحلي على أنشطتها، ولفك عزلتها الإعلامية، وستحمل شعار «الخبر مقدس والتعليق حر».