تونس | تداولت الصحف الإلكترونية التونسية أخباراً عن مطاردة أمنية لمجموعة سلفية في جبال قفصة (الوسط الغربي). ورغم النفي الرسمي لوزارة الدفاع لهذه الأخبار، فإن التونسيين لا يزالون يعدّون أنفاسهم خوفاً من تغلغل المجموعات السلفية ومن إمكان امتلاكها للسلاح. ومنذ أحداث الاعتداء على السفارة الأميركية يوم ١٤ تموز، يتعرض السلفيون لمتابعة أمنية دقيقة. وقد اعتقل زعيم تيار أنصار الشريعة، حسن بريك، وبعض القياديين الآخرين. ووجهت لهم تهمة «تغيير هيئة الحكم بالعنف». وهي تهمة تصل عقوبتها الى الإعدام. وهي التهمة نفسها التي وجهت لمجموعة بئر علي بن خليفة من محافظة صفاقس، وهي المجموعة السلفية التي تم اكتشافها عن طريق الصدفة. السلفيون هددوا برد فعل ما لم تتخلّ وزارة الداخلية عن مطاردتهم، متهمين أطرافاً سياسية لم يحددوها بالوقوف وراء هذه الحملة، للتضحية بهم من أجل إرضاء الطرف الأميركي. وقد تداولت وسائل الإعلام العالمية والتونسية أنباءً عن قائمة وصور سلمتها السفارة الأميركية للحكومة التونسية، مطالبةً بتتبع المتورطين في أحداث السفارة الذين اعتقل حوالى ثلاثة عشرة منهم. وقد دخل هؤلاء في إضراب جوع مفتوح في سجن المرناقية في ضواحي العاصمة.
الشيخ خميس الماجري، المنشق عن حركة النهضة في التسعينيات، وواحد من ثلاثة شيوخ استقبلهم الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي، صرّح في الندوة الصحافية التي عقدها ظهر الجمعة الماضي مع أربعة شيوخ آخرين من السلفيين، بأن السلفيين أبرياء من العنف ومن أحداث السفارة. وأكد أن صبر الشباب السلفي بدأ ينفد، مشيراً إلى أن مجموعات كثيرة تمتلك السلاح. هذا التصريح، الذي واجهته وزارة الداخلية بلامبالاة، أثار مخاوف التونسيين. ويخشى التونسيون أن يكون السلفيون هم اليد الطولى التي ستستعملها حركة النهضة في «تأديب» معارضيها يوم ٢٣ تشرين الأول. ومن المتوقع أن تشهد البلاد احتجاجات شعبية قد تصل الى حد تبادل العنف بين أنصار النهضة ومعارضيها، مثلما حدث يوم الأحد في مدينة قفصة عندما تبادل أنصار النهضة العنف مع أنصار الجبهة الشعبية (تحالف يساري)، أحد المكونات الأساسية للمعارضة. كما تخشى النهضة أن تتعمد المجموعات السلفية التصعيد، ما سيعقّد موقفها تجاه الرأي العام الوطني والدولي.
العلاقة بين السلفيين وحركة النهضة فيها الكثير من اللبس، ولا يمكن الجزم بحقيقتها. فالنهضة محرجة من العنف الذي أبدته المجموعات السلفية تجاه المجتمع، ولا سيما في ما يتعلق بقضايا الحريات. لكنها في المقابل مترددة في تشديد القبضة الأمنية في مواجهة هذا الملف، حتى لا تخسر مساندة السلفيين وبقية الأحزاب ذات المرجعية الدينية.