رجّحت وسائل الإعلام الاسرائيلية، أمس، أن يتمكن رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، من الفوز في الانتخابات المبكرة للكنيست، وخصوصاً أنه ليس في الحلبة السياسية الاسرائيلية حالياً، أي منافس جدي، يقف أمامه، ويتجاذب معه صناديق الاقتراع. وقال صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن الحملة الانتخابية بدأت، مع خطبة الانتخابات الثانية لنتنياهو أول من أمس، التي أعقبت خطبة الانتخابات الأولى في الامم المتحدة ضد ايران، لكن الفارق بينهما، أنه «ليس في الخطبة الثانية رسوم توضيحية، ولا ألاعيب دعائية، ولا تهديدات باطلة»، مشيرة الى أن «المتوقع أن يعمد نتنياهو، من الآن فصاعداً، الى عرض قدراته، وسيحاول أن يستخدم ايران في اتجاهين لإثبات أنه هو وحده من ربط العالم بمواجهة الملف النووي الإيراني، وأيضاً كي يحصر بنفسه العناية بالخطر الوجودي الذي يترصد بإسرائيل».
وبحسب الصحيفة، فإن نتنياهو سيعمل على إفهام الناخب في إسرائيل، أنه هو وحده من يترصد الخطر الإيراني، وهو وحده لا غيره، من يعرف مواجهته، مضيفة أنه «لم يضر التخويف من الخطر الوجودي، أياً من وزراء الحكومة في اسرائيل، من ذوي الاتجاهات اليمينية، ممن نافسوا على الانتخابات».
ورأت الصحيفة أن تقديم نتنياهو موعد الانتخابات، وإجراءها بأسرع وقت ممكن، يأتي في مصلحته، اذ إن «وضعه لا يزال افضل بكثير مما قد يكون عليه بعد عام من الآن، وخصوصاً أن العام المقبل يحمل الكثير من المشاكل، من بينها إمكان انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، لولاية رئاسية جديدة، مع كثير من المصاعب الاقتصادية، وضرورة الحسم في الشأن النووي الإيراني».
من جهتها، رأت صحيفة «معاريف» أنه كان بإمكان نتنياهو، إنجاز الموازنة العامة في وقتها المحدد بحسب القانون، وبالتالي تجاوز مسألة الانتخابات المبكرة، الا أن «نتنياهو، يريد بالفعل اجراء هذه الانتخابات، بأسرع وقت ممكن، لأنه يخشى من عودة (رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق، ايهود) أولمرت، وأن يتمكن من توحيد خصومه، ويسرق منه رئاسة الحكومة».
وكتب معلق الشؤون السياسية في الصحيفة، بن كسبيت، أن نتنياهو عاين استطلاعات الرأي، ورأى أن الوحيد القادر على خوض المعركة في مواجهته، هو أولمرت، وبالتالي إن «خطوة تقديم موعد الانتخابات، تعد خطوة سياسية صحيحة، بل وكان ينبغي أن تحصل قبل ذلك؛ فلو لم يعمد نتنياهو الى قصة الغرام المهزوزة مع رئيس المعارضة شاؤول موفاز، لكنا اليوم بعد شهر من الانتخابات، وربما في ذروة المفاوضات الائتلافية تمهيداً لإعلان الحكومة الجديدة».
وأكد الكاتب ضرورة انتظار نهاية الأسبوع الحالي، بعد اجراء استطلاعات الرأي، لمعاينة النتائج، الأمر الذي يتيح للمراقبين، تعزيز رؤاهم أو تغييرها، حيال المشهد الانتخابي المقبل، مشيراً إلى أن «الخريطة السياسية تعج بالحركة ولا ينتهي دورانها، ويتعين على عدد من الأشخاص أن يتخذوا بعض القرارات الصعبة، مثل أولمرت، ورئيسة «كديما» السابقة، تسيبي لفني، وربما أيضاً رئيس أركان الجيش السابق، غابي اشكنازي».
معلق الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس»، يوسي فيرتر، أكد أن «أكبر همّ يشغل بال نتنياهو قبل الانتخابات، هو أن تتحد أحزاب وقوى اليسار والوسط، على مواجهته ومنافسته في السباق، الأمر الذي سيدفعه الى التفكير في الوحدة بين حزب الليكود برئاسته، وحزب اسرائيل بيتنا، برئاسة وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان».
ورأى الكاتب أن فكرة الوحدة بين الحزبين، عُرضت في شهر أيار الماضي، عشية تقديم موعد الانتخابات، التي أُلغيت في اللحظات الأخيرة، بعد انضمام حزب «كاديما» برئاسة موفاز، الى الائتلاف الحكومي، مضيفاً أن «هذه الفكرة عادت لتثار مجدداً من حول رئيس الحكومة».
أما محلل الشؤون السياسية في «هآرتس»، ألوف بن، فأكد نجاح نتنياهو في مواجهة الجماهير ورفع احتجاجاتهم من الشوارع والميادين، على خلفية المطالب الاجتماعية، رغم أنه لم يعط أملاً جديداً لهم. لكن لماذا عمد الى تقديم موعد الانتخابات؟ الجواب بحسب بن، أن «خصوم نتنياهو المحتملين، لا يبدو أنهم في موقع أكثر إقناعاً منه، بالنسبة إلى الناخب الإسرائيلي، وفي مثل هذه الظروف، فضل نتنياهو السير في الانتخابات، قبل أن يسوء الوضع، أو أن يواجه خصماً ذا وزن».
وكانت الكاتبة في صحيفة «معاريف»، مازال موعلم، قد أكدت أن توجه نتنياهو الى الانتخابات المبكرة، من شأنه أن يحافظ على قاعدته اليمينية، وبالتالي إن توقيت الخطوة جاء صائباً، مشيرة الى «وجود فراغ في الزعامة لدى الطرف الآخر من الخريطة السياسية في اسرائيل، أي في كتلة الوسط واليسار، بما فيها وزير الدفاع، ايهود باراك، الذي سيكافح ويصلي كي يجتاز نسبة الحسم في الانتخابات».
وأيدت موعلم، ما ذهبت اليه صحيفة «يديعوت»، من أن المنافس الوحيد، الذي ينظر نتنياهو اليه جيداً، هو ايهود أولمرت، الذي «يمكنه أن يرصّ من حوله صفوف موفاز وليفني، وأن يقدم نفسه بديلاً لرئاسة الحكومة، وما إسراع نتنياهو الى تقديم موعد الانتخابات على عجالة، الا دليل على خشيته من أن يتمكن أولمرت من تنظيم نفسه».
وحول الأجندة الانتخابية لنتنياهو، أشارت الكاتبة الى أن «رئيس الحكومة، الذي كرّس ولاية كاملة للتهديد النووي الايراني، لا أمل في أن يبتعد كثيراً عن هذه الأجندة »، مشيرة الى أن السؤال المركزي في هذه المرحلة هو عمّا إن كان خصوم نتنياهو سيعمدون إلى ادارة حملة انتخابية انطلاقاً من الشؤون الأمنية، أو انطلاقاً من شؤون أخرى، كتكرار لتجربة حزب المتقاعدين، ولحزب «كديما» بقيادة تسيبي ليفني.