كما كان متوقعاً، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقديم موعد الانتخابات العامة، على خلفية عدم توصّل أطراف الحكومة إلى تفاهم يسمح بإمرار موازنة عام 2013. وأكّد نتنياهو، في بيان صحافيّ، أنّ اقتصاد إسرائيل دينامي وناجح، مشدداً على «وجوب الحفاظ على اتفاقيات السلام والدفاع عن حدودنا من الإرهاب». وقال: «لن أسمح بأن ينهار الاقتصاد الإسرائيلي كاقتصاد أوروبا». وأشار إلى أنّ مصلحة إسرائيل تقتضي الذهاب إلى «انتخابات الآن، وفي أسرع فرصة ممكنة، ومن الأفضل أن تجري معركة انتخابات قصيرة لمدة 3 أشهر من أن تجري لسنة». قرار نتنياهو أتى بعد سلسلة من المشاورات مع كافة كتل الائتلاف، والتي باتت تسمح له بالادّعاء «حاولت ولم أفلح»، انطلاقاً من أنّه استنفد كافة الخيارات والمحاولات من أجل استكمال الكنيست ولايته الحالية، ولكن لم يبق أمامه سوى خيار «الضرورة»، الذي يفرضه الواقع السياسي والقانون. بالرغم من أن الكنيست الإسرائيلي لم يتمكّن من إتمام ولايته الكاملة خلال الـ40 سنة الماضية، سوى مرة واحدة (1984 – 1988)، لا يلغي ذلك خصوصية السياق السياسي الذي تمخض عن قرار نتنياهو تقديم موعد الانتخابات، لجهة أن مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية أسهمت في إنضاج وبلورة هذا القرار.
أولاً، الكنيست الحالي بات على أبواب إتمام عامه الرابع، وبالتالي بعيداً عن أيّ قرار استثنائي، دخلت إسرائيل في عام الانتخابات التي كان ينبغي أن تجري بحسب قانون أساس الكنيست في تشرين الاول عام 2013.
ثانياً، لم يعد بالإمكان تفادي طغيان التنافس الانتخابي على مواقف الكتل السياسية التي باتت أكثر حضوراً في خلفيات مواقفها.
ثالثاً، حضور العامل الاقتصادي في خطاب الكتل السياسية المتنافسة، بفعل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها إسرائيل، وهو ما انعكس رفضاً حاداً من قبل حزبيْ «شاس» و«اسرائيل بيتنا»، اللذين يستند كل منهما إلى جمهور قطاعيّ محدّد، للاقتطاعات التي اقترحها نتنياهو على موازنة يرى أنها تسمح لإسرائيل بمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وفي الوقت نفسه، توفير موازنة أمنية تسمح ببناء وتطوير قدرات تمكّن إسرائيل من مواجهة التطورات التي تشهدها المنطقة.
رابعاً، حاجة نتنياهو إلى إعادة انتخابه في وقت مبكر، كي يتمكّن من تكريس نفسه رئيساً للحكومة المقبلة، والتفافاً على أيّ خطوة انتقامية قد يقدم عليها الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد الدور السلبي الذي أداه في مواجهته على أبواب الانتخابات الرئاسية، على خلفية التباين في الموقف العملاني من البرنامج النووي الإيراني. في كل الأحوال، تبقى خشبة الخلاص الوحيدة لنتنياهو تتمثل في تعزيز خطابه السياسي والأمني عبر تظهير المخاطر المحيطة بالدولة العبرية، بدءاً من التهديد النووي الإيراني، وانتهاءً بالتطورات التي يشهدها العالم العربي.