رأت أنقرة أنّ نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، يمكن أن يقود البلاد في مرحلة انتقالية، فيما شهدت مدينة حلب قصفاً واشتباكات، بينما أعلن النظام «تطهير» مناطق بريف دمشق، في الوقت الذي ذكرت فيه صحيفة «نيويورك تايمز» أنّ السعودية وقطر أوقفتا تزويد المقاتلين بالأسلحة الثقيلة في غياب دعم أميركي لذلك.
وأكد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أنّ نائب الرئيس السوري فاروق الشرع «رجل عقلاني»، ويمكن أن يحلّ محلّ الرئيس بشار الأسد على رأس حكومة انتقالية في سوريا، لوقف الحرب الأهلية في البلاد. وقال داود أوغلو إنّ «فاروق الشرع رجل عقل وضمير، ولم يشارك في المجازر في سوريا. لا أحد سواه يعرف على نحو أفضل النظام في سوريا».
وأكد الوزير التركي أن المعارضة السورية «تميل إلى قبول الشرع» لقيادة الإدارة السورية في المستقبل. وأضاف إنّه مقتنع بأن نائب الرئيس السوري ما زال موجوداً في سوريا. في سياق آخر، دعت قطر المعارضة السورية إلى إبقاء حياة 48 إيرانياً احتجزتهم قبل شهرين قرب دمشق وهدّدت بقتلهم. وجاءت مناشدة رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم آل ثاني استجابة لطلب من إيران بالسعي لاطلاق سراح الإيرانيين المحتجزين. وصرّح بن جاسم، في حديث تلفزيونيّ، بأنّ سياسة قطر العامة لا تقرّ بقتل محتجزين، مضيفاً إنّ بلاده ترفض مزيداً من التصعيد في سوريا. كما حثّ حمد الدول العربية على التحرك إزاء سوريا، بعدما وصلت المفاوضات بين القوى الكبرى في مجلس الأمن إلى طريق مسدود. وقال إنه ينبغي أن يتحرك العالم العربي بصفة عامة، ويجب أن يكون هناك تصرّف واضح.
بدورها، طالبت وزارة الخارجية الإيرانية بالافراج الفوري عن مواطنيها المخطوفيين، محذرة من أنّ هذه المجموعات ستتحمل المسؤولية عن حياتهم. من ناحية أخرى، رحّبت وزارة الخارجية الروسية، أول من أمس، بإدانة مجلس الأمن الدولي لما وصفها بالأعمال «الإرهابية» في سوريا. وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، في صفحته على موقع «توتير»، إن «مجلس الأمن الدولي ردّ بمبادرة من روسيا على الأعمال الإرهابية في سوريا»، مشيراً إلى أنّ الوضع الصعب في هذا البلد يتطلّب «تقويماً موضوعياً».
ميدانياً، سقطت قذيفة أطلقت من سوريا، أمس، على قرية أكجاقلعة، حيث قتل الأربعاء خمسة مدنيين في قصف سوريّ، من دون أن تؤدي إلى سقوط ضحايا، ما حمل الجيش التركي على الردّ على مصادر النيران، بحسب ما قال رئيس بلديتها.
في موازاة ذلك، وقعت اشتباكات عنيفة، يوم أمس في حلب، تركّزت في أحياء الصاخور، ومساكن هنانو، والميدان شرق المدينة، رافقها قصف على حيّي الصاخور والكلاسة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتزامن استمرار الاشتباكات مع إعلان الإعلام الرسمي السوري عن سيطرة القوات النظامية على أجزاء في شرق المدينة، وهروب المسلحين منها. ورأت صحيفة «الوطن» السورية أنّ المعارك في الأحياء الشرقية كشفت «حقيقة وهم القوة والسيطرة الذي يعيشه المسلحون». وأضافت «ما إن بسط الجيش العربي السوري سيطرته على مستديرة الصاخور، التي تمثل مدخل المنطقة (الشرقية) حتى سارع المسلحون إلى الهرب باتجاه الريف الشرقي».
وفي وسط المدينة، أفاد المرصد عن وقوع «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب الثائرة في حيّ العرقوب وفي محيط ثكنة هنانو»، أدّت إلى إعطاب آلية عسكرية. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر عسكري قوله إنّ المقاتلين المعارضين شنوا هجوماً ضخماً على ثكنة هنانو، استخدموا فيه «كل شيء لمحاولة السيطرة على الثكنة، من قذائف الهاون إلى الرشاشات الثقيلة، لكنهم لم ينجحوا».
وفي ريف دمشق، حيث شدّدت القوات النظامية حملتها في الأيام الماضية على أماكن عزّز المقاتلون المعارضون وجودهم فيها، أفاد المرصد عن العثور على «جثامين عشرة رجال، أحدهم مقاتل قضوا برصاص القوات النظامية». وأورد التلفزيون الرسمي أنّ «وحدات من قواتنا المسلحة تطهر منطقتي الهامة وقدسيا في ريف دمشق من المجموعات الارهابية المسلحة، وتعلنهما منطقتين آمنتين».
وفي وسط دمشق، وقع أمس انفجار ناتج عن سيارة مفخخة في شارع خالد بن الوليد، ما أدى إلى اصابة شخص واحد بجروح، بحسب ما أفاد التلفزيون الرسمي السوري. من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن الانفجار استهدف مقر قيادة الشرطة.
أما في إدلب، فتعرضت قرى وبلدات في المحافظة للقصف، بعد يوم من سيطرة المقاتلين المعارضين على قرية خربة الجوز الحدودية، إثر اشتباكات أدت إلى مقتل 40 جندياً من القوات النظامية، بحسب المرصد، كما تقوم القوات النظامية «بمداهمة أحياء البارودية، والمناخ، والأميرية، والحميدية والشرقية» بمدينة حماة، مع انتشار عسكري في أحياء عدة من المدينة، بحسب المرصد.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن مسؤولين سعوديين وقطريين أنّ بلديهما سيوقفان تزويد المقاتلين السوريين بالأسلحة الثقيلة، بسبب مخاوف أميركية من وصولها إلى «ارهابيين». وأعرب هؤلاء المسؤولون عن أملهم في اقناع الولايات المتحدة بأنّه يمكن معالجة المسائل التي تثير مخاوفها. وصرّح مسؤول عربي «نبحث عن طرق لتطبيق تدابير لمنع وصول هذا النوع من الأسلحة إلى أيد خاطئة».
إلى ذلك، قال معارضون سوريون مسلحون، على الحدود السورية التركية، للصحيفة إنّ المزوّد الرئيسي للأسلحة القادمة من الرياض هو النائب اللبناني عن تيار المستقبل عقاب صقر. وصرّح أحد قادة المعارضين، الذي عرّف عن نفسه باسم ميسرة، بأنّ «الكميات ليست كبيرة»، موضحاً أنّهم «يسلّمون أسلحة مرة كل بضعة أسابيع». وتابع ميسرة، كما نقلت عنه الصحيفة، أنّ الحكومة السعودية تميل إلى تمويل مجموعات معارضة أقلّ تديّناً، بينما تميل قطر أكثر إلى الإخوان المسلمين.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)