تونس ــ أغلقت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في تونس أبوابها، أول من أمس، وعلقت الدروس لمدة ثلاثة أيام بعد نشوب أحداث عنف بين الإسلاميين واليساريين أدت إلى خسائر فادحة في قاعات التدريس وبعض التجهيزات، ما يشير إلى أن السنة الجامعية الحالية ستكون صعبة.
وذكر شهود عيان أن الخلاف بدأ على خلفية اجتماع دعا إليه الاتحاد العام التونسي للطلبة، وهو المنظمة الطلابية التابعة لحركة النهضة، لتدارس ملف طلبة الماجستير، إلا أن تدخل الطلبة الموالين للاتحاد العام لطلبة تونس، المنظمة التاريخية للحركة الطلابية التونسية التي ساهمت في معركة الاستقلال، حال دون إنجاز الاجتماع، وسط اكتفاء قوات الأمن بمراقبة ما يحدث عن بعد، بعد إلغاء جهاز الأمن الجامعي على أثر رحيل الرئيس زين العابدين بن علي.
وتعود أسباب الخلاف إلى أن ممثلي الاتحاد العام لطلبة تونس يعتبرون أن هذا الملف من اختصاصهم، وسبق لهم أن درسوه مع وزارة التعليم العالي قبل صعود حركة النهضة إلى الحكم، وبالتالي فإن اقتراح الاتحاد العام التونسي للطلبة تبنّي الملف يعتبر «سرقة» و«استغلالاً» لمشاكل الطلبة.
كذلك اتهم الاتحاد العام لطلبة تونس، الذي يسيطر عليه اليساريون منذ سنة ١٩٨٨، وزارة التعليم العالي بأنها تحابي المنظمة الطلابية الموازية باعتبارها تابعة للحزب الحاكم. وندد
من جهته، ندد الاتحاد العام التونسي للطلبة بتعرض أنصاره للعنف وتمزيق معلقاتهم ووثائقهم، وهو ما نفاه الاتحاد العام لطلبة تونس، الذي اتهم جناح النهضة الطلابي بالاستعانة بميليشيا من خارج الحرم الجامعي لتعنيف أنصاره.
وأعادت الأحداث المؤسفة، التي عرفتها أعرق كليات الجامعة التونسية، من جديد إلى الأذهان سيناريو العنف الذي كانت الجامعة التونسية مسرحاً له بين اليساريين والإسلاميين وقد بلغ ذروته في ربيع سنة ١٩٨٢ في ما يعرف بأحداث كلية الآداب بمنوبة، والتي كانت نهاية سيطرة اليساريين على الفضاء الجامعي وصعود التيار الإسلامي الممثل لحركة الاتجاه الإسلامي التي أصبحت حركة النهضة بعد انقلاب بن علي في ١٩٨٧. وقد تمكن الإسلاميون بدعم من رئيس وزراء بورقيبة، الراحل محمد مزالي، من إنجاز مؤتمر تأسيسي سنة ١٩٨٥ وأعلنوا قيام منظمتهم الجديدة، إلا أن الطلبة اليساريين رفضوا الاعتراف بهذه المنظمة واعتبروها محاولة من السلطة لاختراق الحركة الطلابية.
يذكر أن قائمة اليسار المتحالفة مع المستقلين المحسوبين على التيار الدستوري الذي كان ممثلاً في الجامعة بمنظمة طلبة التجمع الدستوري الديموقراطي، التي تم حلها بعد ١٤ يناير، فازت بأغلب مقاعد المجالس العلمية العام الماضي.