القاهرة | «تكريم الرئيس الراحل أنور السادات تأخر»، هكذا علقت عقيلته جيهان، على قرار الرئيس المصري محمد مرسي، أول من أمس، بتكريم السادات والفريق سعد الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق‏، ومنحهما قلادة النيل «تقديراً لدورهما في انتصار حرب أكتوبر»، حسبما قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، ياسر علي، الذي أشار إلى أن «المناسبات العسكرية الكبرى، تستوجب تكريماً لأبطال صنعوا هذا الانتصار»، سواء في ما يتعلق بقرار حرب أكتوبر للرئيس السادات، أو أحد الذين صنعوا هذا الانتصار، المتمثل في رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وهو الفريق سعد الدين الشاذلي». أما التيار الإسلامي، فانقسم حول التكريم. وفي الوقت الذي ذهب فيه بعضهم إلى أن «التكريم إعادة الحق إلى أصحابه»، رأى البعض الآخر أن مرسي أخطأ في قراره. وقال أصحاب هذا الرأي إن «السادات أخطأ في حق الدعوة الإسلامية، وسب شيوخها، وتعاهد مع الأميركيين واليهود، ولم يكن يعمل على تطبيق شرع الله في الأرض». وأضافوا رغم ذلك «نعلم أن الرئيس مرسي اتخذ مثل هذا القرار كمواءمة سياسية».
أما ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامي، وأحد مؤسسي الجماعة الإسلامية التي وقفت وراء الاغتيال، فرأى أن قرار مرسي بتكريم السادات «أمر جيد وقرار صائب وإعادة اعتبار إلى صاحب أول وآخر انتصار مصري في التاريخ على إسرائيل». وأضاف في حديثه لــ«الأخبار»: «السادات أفرج عن أعضاء الجماعات الإسلامية من سجون جمال عبد الناصر، وسمح لهم بنشر الدعوة في الجامعات». ومضى يقول «هو في الحقيقة لم يضر الجماعات الإسلامية بشيء. هي من قتلته.. ومات مظلوماً». ولفت إلى أن السادات أعطى الحق للإسلاميين في أن يعملوا في الدعوة، لكنهم أرادوا الدولة أيضاً، فضاع الاثنان منهم. وأضاف «الأفضل الآن أن تكريم هذا الرجل جاء من رئيس ينتمي إلى المعسكر الإسلامي، ليكون رد اعتبار حقيقي له». وأشار إلى أن السادات له حسنات كثيرة، وأيضاً أخطاء، «لكن حسناته أكثر من أخطائه». وبعدما أشار إلى أنه «حتى كامب ديفيد فيها أخطاء كبيرة»، أوضح أنها «كانت تسمح لمصر بأن تكون أفضل من تركيا حالياً، لكن مبارك رفض أن يفعل ذلك».
من جهته، رأى الباحث في شأن الجماعات الإسلامية، عبد الوهاب عيسى، أن تكريم مرسي للسادات «محاولة لكسب الغرب في صف الإخوان المسلمين». وأضاف «هم يكرمون رجل السلام وكامب ديفيد، والعلاقات المفتوحة مع الغرب بعد صراع مع ناصر». ولفت إلى أن مرسي الآن «يمجد رجل الغرب الأول، ويزيد من طمأنتهم إلى كامب ديفيد، والأوضاع في المنطقة». وعن التناقض بين كون الجماعة الإسلامية هي من قتلت السادات، وهي من ترحب بتكريمه الآن، قال عيسى، «الجماعة اختلفت كلياً عما كانت عليه وقت قتل السادات. وقد ثبت هذا يقيناً بعد الثورة». وأوضح أنه «فيما تغير الجميع في مصر، فصارت السلفية العلمية تنحو نحو الجهادية، ورأينا أصواتاً مرتفعة في الجماعة السلفية العلمية، المفترض أنها سلمية تدعو إلى الجهاد هنا وهناك، ظلت الجماعة الإسلامية ثابتة على مواقفها قبل الثورة، وعلى مراجعاتها رافضةً العنف». وأضاف «تستطيع القول إن الجماعة الاسلامية وصلت الى اخر الطريق في العنف، فلم تجد شيئاً فعادت، والآن تريد بدء حياة جديدة بلا عنف».
أما الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، بطرس غالي، فرأى أن تكريم الرئيس الراحل أنور السادات بعد حوالى 32 عاماً يشير إلى أن «مصر تؤيد سياسات السلام والاستقرار والتنمية». وأضاف في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الرسمية، وكالة الشرق الأوسط، إن «هذا التكريم يعني أيضاً أن الرأي العام في مصر يؤيد السادات وسياساته التي خطها من أجل الحرب والسلام»، فيما رأى أحمد خيري، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، أن تكريم السادات والشاذلي خطوة محترمة. وأضاف «لكننا نذكّر السيد الرئيس أيضاً بأن هناك شهداء يستحقون التكريم أولاً بالقصاص لهم وثانياً بالانتصار للمبادئ والأهداف التى استشهدوا من أجلها».
وفي اطار الاحتفالات بذكرى انتصارات حرب أكتوبر، وضع مرسي أمس إكليلاً من الزهور على قبر الجندي المجهول في النصب التذكاري في مدينة نصر شرقي القاهرة، كما قام مرسي، الذي رافقه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق صدقي صبحي، وعدد من قادة القوات المسلحة، بوضع إكليل من الزهور على قبر السادات، «تقديراً لدوره في اتخاذ قرار الحرب، وتحقيق النصر في هذه الحرب».