بيت لحم | «بيت لحم»، لأنها مهد المسيح، فهي محطّ أنظار العالم بأسره، وخصوصاً الحجاج المسيحيين الذين يأتون من كافة بقاع الأرض لزيارة الأراضي المقدسة. لكنّ هناك وجهاً آخر للمدينة يحمل المتناقضات؛ ففي هذه المدينة «الدولية» تُشاهد حافلات شركة «إيجيد» الإسرائيلية وهي تجول بحجة نقل السياح الأجانب، وفي المقابل لا يسمح بدخول شركات نقل فلسطينية أو مرشدين فلسطينيين الى الأراضي المحتلة. حافلات شركة «إيجيد» والقيود على الفلسطينيين وشركاتهم أثارت غيظ المواطنين، ودفعتهم الى التساؤل «عمّن سمح لها بالدخول؟ و«لماذا لا تقوم شركات النقل الفلسطينية بنقل السياح؟»، أو «أن يتم السماح بدخول مرشدين فلسطينيين الى داخل مناطق فلسطين المحتلة عام 1948؟».
«الأخبار» رصدت مواقف المسؤولين وأصحاب المصالح لتوضيح المسألة. وقال المتحدث باسم وزارة السياحة الفلسطينية، جريس قمصية، إن الحافلات الإسرائيلية تأخذ فعلاً دور نظيرتها الفلسطينية، لكنه كان صريحاً في إجابته «نحن لا سلطة لنا عليها». وأوضح قمصية أن ذلك «لا يتم بأي شكل من الأشكال مع وزارة السياحة الفلسطينية، ولم ينسق معنا أحد في هذا الامر»، وأضاف أن «وزارة السياحة ليست هي المكلفة بالسماح من عدمه للحافلات الإسرائيلية بالدخول إلى بيت لحم».
وطالب قمصية بضرورة أن نعامل بالمثل في هذه الحالات، وأن يتم السماح للحافلات والمرشدين الفلسطينيين بالعمل داخل الأراضي المحتلة، كما هي الحال في دخول حافلات ومرشدين إسرائيليين الى أراضي السلطة الفلسطينية، من دون شروط أو قيود.
وفسر قمصية ما يجري حالياً بأنه «يدل على عدم احترام إسرائيل لكل الاتفاقات الموقعة في هذا الخصوص مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ويجب عليهم أن يسمحوا للحافلات والأدلاء الفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل».
لكن وزارة السياحة، بحسب قمصية، ترى أنه في الوقت نفسه، فإن دخول المرشدين والحافلات الإسرائيلية الى الاراضي الفلسطينية له فوائد إيجابية، ويدحض الرواية والدعاية الإسرائيليتين بأن بيت لحم منطقة غير آمنة ودخولها عبارة عن رحلة محفوفة بالمخاطر.
من جهته، رأى خليل رشماوي، رئيس اتحاد شركات الباصات في جنوب الضفة الغربية، أن «بداية هذه القضية تعود إلى عام 2000، حيث كانت الحافلات الفلسطينية تعمل داخل إسرائيل قُبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والإغلاقات التي فرضتها سلطات الاحتلال على بيت لحم والأراضي الفلسطينية بشكل عام».
وأكد أنه وفقاً لاتفاقية أوسلو فقد «تم الاتفاق على التعامل بالمثل في المواضيع السياحية، وتنقل السياح من إسرائيل إلى الأراضي الفلسطينية من دون أي عقبات أو صعوبات، وكان يجب أن يلي ذلك دخول جميع الشركات الفلسطينية السياحية إلى الجهة الأخرى من دون عقبات، وهو الأساس الذي انطلقنا منه لتأسيس شركة حقل الرعاة للنقل السياحي عام 1999، والتي تعرضت لخسارة كبيرة بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية». وأضاف أنه «عام 2010 قامت وزارة السياحة بدعوة سائقين ومرشدين سياحيين أجانب وإسرائيليين الى بيت لحم، لتثبت لهم أن المدينة آمنة وأنها مدينة السلام والطمأنينة»، لكن ذلك أدى، بحسب رشماوي، إلى «انخفاض عمل الشركات السياحية الفلسطينية بما نسبته 10 في المئة عما كانت تعمل عليه في السابق، حيث تم السماح للحافلات الاسرائيلية بالعمل في بيت لحم، كبادرة حسن نيّات تجاه الإسرائيليين»، مؤكّداً «ضرورة التعامل بالمثل في هذا الموضوع كما اتُفق عليه في حينه».
وأكّد رشماوي «قمنا بمراسلة وزارة السياحة أو من لهم القدرة على اتخاذ القرار، ودعوتهم الى مراجعة الطرف الآخر في هذا الخصوص، إثر الضرر والخسائر الهائلة التي حلّت بنا خلال السنوات الماضية»، أما الرد الذي حصلوا عليه من الوزارة فكان: «هذا موضوع سياسي ويحتاج الى مفاوضات مع الطرف الاسرائيلي لحل هذه الاشكالية برمتها، الا أن الوضع السياسي والمفاوضات متوقفة حتى هذه اللحظة»، ما يعني بقاء الوضع على ما هو عليه واستمرار الخسائر.
أما ميشيل عوض، وهو صاحب مكتب «آنجيلز للسياحة والسفر» فطالب بضرورة المعاملة بالمثل. «فكما يسمح للحافلات الإسرائيلية بالدخول، يجب أن يسمح للفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل». وقال لـ«الأخبار» «إننا لسنا ضد ذلك، لكن يجب الضغط باتجاه السماح للشركات الفلسطينية والمرشدين بالعمل كما يسمح للطرف الآخر بذلك». وأشار عوض، في سياق حديثه عن الخسائر التي حلّت بقطاع السياحة إثر اندلاع الانتفاضة الثانية قبل 12 عاماً، الى أن «شركات السياحة الفلسطينية خسرت مبالغ طائلة، فيما أُغلقت أخرى، وخسر الموظفون أعمالهم بسبب ذلك»، مطالباً من أجل ذلك «بالضغط بشكل جدي لصالح عمل الشركات الفلسطينية».
وفي المحصلة، لا يبدو أن للقضية حلاً على المدى المنظور؛ فبدون مفاوضات أو اتصالات بهذا الشأن، فإن شيئاً لن يتغير، وستبقى الحافلات الإسرائيلية تجوب بيت لحم، دون رادع لها، ذلك أن الحجة هي نقل الحجاج الغربيين إلى بيت لحم، وهو ما تحتاج إليه المدينة أصلاً، كي لا يتوقف الدخل التي تعتاش منه.



أبدت دولة الاحتلال تخوّفاً من مشروع قرار يتوقع أن يتخذه الاتحاد الأوروبي قريباً، ويقضي بوضع إشارات واضحة على كافة منتجات المستوطنات في الضفة الغربية التي تباع في دول الاتحاد. وقالت صحيفة «هآرتس» إن وزير الخارجية الدنماركي ويلي سوندل يدفع مبادرة بهذا الشأن، وتحظى بدعم فرنسي وبريطاني وعدد من دول الاتحاد. وكان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قد طرح مع وزراء خارجية أوروبيين هذا الموضوع على هامش افتتاح أعمال دورة الجمعية العامة في نيويورك الأسبوع الماضي.
(يو بي آي)