فيما أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في مؤتمر صحافي عقده أمس في طهران، أن ايران لن تتراجع عن برنامجها النووي رغم الضغوط الاقتصادية والعقوبات الغربية، تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن سياسة جديدة متعلقة بالملف النووي الايراني ستتمحور حول بناء تحالف دولي يتبنى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية وفرض رزمة عقوبات ضدها وُصفت بأنها «أم العقوبات»، بحيث تكون شبيهة بالحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة قبل سنوات.
في هذا السياق، أفادت صحيفة «معاريف» أمس بأن ديوان رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية الإسرائيليين يعملان على إقناع الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات متمادية على إيران تقوم على فرض مقاطعة تجارية كاملة مع الجمهورية الإسلامية، تشمل قطع العلاقات النقدية مع المنظومة المصرفية الإيرانية وحظراً على المنتجات المدنية الأولية. وأشارت الصحيفة إلى أن التقدير السائد هو أن عقوبات كهذه فقط من شأنها أن تقنع النظام الإيراني بالتوصل إلى تسوية تتعلق بمشروعه النووي بسبب الخوف الذي سينشأ لديه من تمرد مدني واسع قد تفضي إليه هذه العقوبات.
وكشفت «معاريف» أن نتنياهو يخطط لجولة زيارات قريبة تشمل دولاً أوروبية رئيسية في إطار الحملة الجديدة، حيث من المتوقع أن يزور كلاً من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبولندا.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للصحيفة إن الأمر عبارة عن «تغيير في نمط التفكير، تغيير كامل للقرص في ما يتعلق بإيران»، مشيراً إلى أن الهدف من الحملة هو إنتاج واقع يكون فيه محظوراً تصدير أو شراء أي منتج أو بضاعة من وإلى إيران. وأوضح المسؤول نفسه أن ذلك الحظر سيشمل المنتجات الأساسية مثل الأدوات الكهربائية والسيارات والمواد الغذائية، وكذلك كل منتج يُعدّ من الكماليات أو يسهم في الاقتصاد الإيراني، على أن يتم استثناء لائحة بضائع تحدد مسبقاً يكون بإمكان إيران شراؤها مثل الأدوية والمنتجات الإنسانية الأولية.
ويرفض الاتحاد الأوروبي حتى الآن فرض عقوبات جارفة بهذا القدر، إلا أن المسؤول الإسرائيلي أشار إلى وجود رزمة جديدة من العقوبات لم تتضح طبيعتها.
ووفقاً لـ«معاريف»، فإن العقوبات التي تعمل إسرائيل على دفعها قدماً تهدف إلى التأثير على الوضع الاقتصادي للمواطن الإيراني المتوسط الحال الذي يشعر بالسخط حالياً.
وكانت وثيقة داخلية لوزارة الخارجية الإسرائيلية قبل أيام تحدثت عن تراجع بنسبة 50 في المئة في تصدير النفط الايراني وانخفاض بنسبة 50 في المئة في القيمة الشرائية للعملة المحلية، وإلى ارتفاع كبير في الأسعار. وبالاستناد إلى المعطيات التي أوردتها الوثيقة، أعرب وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، نهاية الأسبوع الماضي عن توقعه حصول انتفاضة شعبية في إيران عشية الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران العام المقبل.
وفي إطار السياسة الإسرائيلية نفسها، استضافت الدولة العبرية أمس، اجتماعاً برلمانياً حضره مئات النواب من عشرات الدول وتمحور حول بلورة صيغ قانونية لمقاطعة إيران ليتم في مرحلة لاحقة العمل على إقرارها في البرلمانات المحلية.
وانعقد الاجتماع بمبادرة من الرابطة البرلمانية الإسرائيلية وهي رابطة مشتركة تضم أعضاء كنيست ونواباً من برلمانات أجنبية متعاطفين مع إسرائيل. واستمع الحاضرون إلى كلمات ألقاها نتنياهو ووزير الشتات الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، ومن ثم أقروا صيغة قرار بتبني النموذج الكندي في قطع العلاقات مع إيران وطرد سفير طهران منها. وتعهد المشاركون في الاجتماع بالعمل على دفع دولهم إلى تبني مشروع القرار ضمن إطار تشريعي.
من جهة أخرى، أعرب رون لاودر، وهو متمول يهودي أميركي كان أحد أقرب المقربين من نتنياهو إبان فترة ولايته الأولى، عن معارضته لأي هجوم إسرائيلي أحادي ضد إيران. وحذر لاودر، الذي كان رجل الارتباط بين نتنياهو والقيادة السورية، في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية، من كارثة ستلحق بإسرائيل إذا عملت بمفردها من دون تأييد أميركي.
في المقابل ( أ ف ب، يو بي آي)، قال الرئيس الايراني «لسنا شعباً يتراجع في المسألة النووية». لكن نجاد تراجع عن التصريحات التي أدلى بها خلال زيارة الى نيويورك الاسبوع الماضي لحضور اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة، بأن ايران يمكن أن تدرس امكانية اجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة حول المسألة النووية. وقال أمس إن «المفاوضات المباشرة ممكنة، ولكن تحتاج الى ظروف، ولا اعتقد ان الظروف مؤاتية لاجراء محادثات. والحوار يجب ان يقوم على انصاف واحترام مباشر». لكنه اضاف «اعتقد ان هذا الوضع الخاص بالعلاقات بين ايران والولايات المتحدة لا يمكن ان يستمر». وجدد نجاد التأكيد أنه «غير قلق مطلقاً» بشأن التهديدات التي تطلقها اسرائيل بشن عمل عسكري ضد المنشآت النووية الايرانية، قائلاً «ايران ليس بلداً تهزه بعض المفرقعات».
وكانت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء قد نقلت عن وزير التجارة والصناعة الإيراني، مهدي غضنفري، قوله، إن «رئيس الجمهورية (نجاد) اصدر الأوامر اللازمة يوم أمس (الاثنين)، لإطلاق جهود جادة في ما يتعلق.. بالتصدي للمتسببين الرئيسيين في الإخلال المتعمد بالسوق».
بدوره، قال رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، إن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد ترجع بمعظمها إلى سوء الإدارة، مؤكداً أن تأثير الحظر الاقتصادي الذي يفرضه الغرب على طهران محدود.
وذكرت قناة «العالم» الإيرانية أن لاريجاني عزا التقلبات في سوق العملات الأجنبية في إيران إلى «ارتفاع السيولة النقدية وعدم التنفيذ الدقيق لبرنامج ترشيد الدعم».