كشفت صحيفة «إندبندانت»، أن قطر وتركيا أوقفتا توزيع شحنات أسلحة، بما فيها الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، على المعارضة السورية في الداخل وتحتجزها في الأراضي التركية بسبب التفرقة والخلافات بين جماعاتها. وقالت الصحيفة إن الموردين القطريين والأتراك أبلغوا ممثلي المعارضة السورية، خلال مناقشات رفيعة المستوى، بأن الأخيرة لن تحصل على الأسلحة الثقيلة ما لم تتفق على تشكيل قيادة متماسكة. وأضافت أن العاصمة التركية أنقرة شهدت محاولة في أوائل شهر آب الماضي لإقامة سلسلة لتزويد المعارضة السورية بالأسلحة، وسعى ممثلون عنها إلى الحصول على أسلحة ثقيلة لتزويد مقاتلي المعارضة في حلب، بعدما بدأت قوات النظام السوري باستعادة مناطق كانت خاضعة لسيطرة المتمردين.
وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مصادر مطلعة على النقاشات، إلى أنّ الأتراك «كانوا يعملون بمثابة ميسّرين، فيما احتكر القطريون تدفق الأسلحة، لكن الطرفين شدّدا أمام ممثلي المعارضة السورية المسلحة على أن الثوار في المدن الرئيسية، بدءاً من حلب، بحاجة إلى تشكيل مجالس عسكرية منظمة وإعداد خطة عملياتية منسقة». ونسبت إلى مصدر تركي يتولى مهمة تزويد المعارضة السورية بالأسلحة ومعدات الاتصالات قوله: «كنا نتلقى قوائم بالأسلحة المطلوبة من كتائب المعارضة بدلاً من الخطط العملياتية ومستلزماتها، وإذا ما زُوِّدت كتيبة بالأسلحة، فإن ذلك يُغضب الكتائب الأخرى ويجعلها تثير أسئلة عن أسباب استثنائها». وذكرت الصحيفة أنّ هناك مزاعم بأن عدداً من دول الخليج العربية، وخاصة قطر والسعودية، ضخّت الأسلحة والأموال للجماعات الإسلامية المتشددة في المعارضة السورية وفضّلتها على الميليشيات الأكثر اعتدالاً، التي أعربت عن قلقها المتزايد من ظهور الجماعات المتطرفة ووجود أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب في صفوفها، وتزامن وصولها إلى سوريا مع وقوع المزيد من الهجمات على الأقليات.
وقالت الصحيفة إن القطريين عزوا السبب خلف تشكيل المجالس العسكرية للمعارضة السورية بأنّه يهدف إلى ضمان توزيع الأسلحة بصورة أكثر إنصافاً عليها، وأصرّوا أيضاً على إعادة الأسلحة الثقيلة عند انتهاء الأعمال القتالية.
ونقلت الصحيفة عن زعيم حركة سورية معارضة، سمّى نفسه «أبو محسن»، حضر النقاشات، أن القطريين «كانوا واضحين جداً بشأن تنظيم صفوف المعارضة المسلحة وتقديمها خطة مناسبة، وكانوا قلقين جراء عدم قدرتهم على استعادة الكثير من الأسلحة التي منحوها للمتمردين في ليبيا، ولا يريدون تكرار الوضع نفسه في سوريا».
وقال أبو محسن: «حاولنا تشكيل المجالس العسكرية كما أرادوا، لكن هناك بعض الصعوبات تتمثل في أن الكثير من الأفراد الذين نصّبوا أنفسهم قادة للكتائب المقاتلة لا يريدون التخلي عن السلطة».
في موازاة ذلك، تضمّ المعارضة المسلحة مزيجاً من العسكريين المنشقين عن الجيش السوري النظامي والمدنيين الذين قرّروا حمل السلاح في مواجهة النظام، ولكلّ واحد منهم قصته. فالانتفاضة التي تشهدها سوريا قلبت حياة عدنان رأساً على عقب. لقد اضطر هذا الشاب الحلبي، البالغ من العمر 25 عاماً، إلى مواجهة خيار صعب. وباختياره الانضمام إلى المعارضة، خسر خطيبته. وقال وهو يتأمل الأفق: «عائلة خطيبتي مناصرة للنظام وفسخوا القران الذي عقدناه قبل سبعة أشهر». وتابع: «حاولت في البدء محادثتها، لكنني اليوم أحمل السلاح وأنتمي إلى الجيش السوري الحر، وحتى إذا أرادت العودة إليّ، لم يعد ذلك ممكناً».
اليوم بات عدنان يقاتل في صفوف المعارضة. في الطرف الآخر من خط الجبهة نزحت خطيبته وعائلتها، لأنهم فضلوا المكوث في أحياء خاضعة لسلطة الجيش النظامي. أما أبو سفيان، فقد انشق لينضمّ إلى المعارضة وهو يقاتل على جبهة حيّ سيف الدولة، ويستخدم ورفاقه المتفجرات المنزلية «صنع في سوريا» لإلقائها على جنود «الطاغية». وسأل مستاءً: «أين تركيا وقطر والسعودية عندما نحتاج إلى الأسلحة؟».
في مدخل المدينة القديمة في حلب، يرتدي هيثم بزة عسكرية طرّز على صدرها سورة قرآنية. وحمل الشاب، البالغ 18 عاماً، السلاح مع شقيقيه من أجل «الجهاد» ضدّ «الذل». وقال: «لم نشهد أي رئيس قطّ يفعل هذا بشعبه»، موضحاً أنّه يريد أن يشهد «النصر ثم العودة إلى الحياة الطبيعية». وحياته الطبيعية تكمن في دكانه الصغير ومنزل والديه. على أحد حواجز المعارضة، اعتذر أبو إسماعيل، الأسمر السحنة، بهيئته التي تنمّ عن فخر عند توجيه سؤال إليه، وقال: «أنا بدوي، لا أعرف التحدث إلى الصحافيين». لكن هذا المزارع، البالغ 32 عاماً، هو أحد الأشخاص القلائل الذين تحدثوا بشكل ملموس عن مرحلة «ما بعد الأسد». وأوضح ربّ العائلة، الذي لم يرَ أقاربه في الرقّة شمال شرق سوريا منذ شهرين: «بعد سقوط النظام ينبغي تنظيم انتخابات حرة، وضمان حصول جميع المواطنين السوريين على حقّ التعبير والحرية السياسية».
(أ ف ب، يو بي آي)