تونس | مرت أمس، الذكرى السابعة والعشرون للاعتداء الصهيوني الإجرامي، على ضاحية حمام الشط التي سقط فيها 80 شهيداً بين تونسيين وفلسطينيين، فضلاً عن اصابة العشرات في حينه بجروح، خلال استهداف مقر منظمة التحرير الفلسطينية، بالتزامن مع وجود تجاذب سياسي في تونس بشأن تجريم التطبيع مع الدولة العبرية. فقبل أيام، اضطر مكتب رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر، إلى إصدار بيان لشرح حقيقة التصريح الذي أدلى به الأخير للصحافة النمساوية، ونعته للقوميين بأنهم أقلية متطرفة ترفض التطبيع مع إسرائيل. وتزامن البيان التوضيحي مع حادثة غريبة حدثت منتصف الشهر الماضي، عندما وزعت وثيقة على أعضاء إحدى اللجان في المجلس، تضمنت نجمة العلم التونسي بست زوايا على غرار العلم الإسرائيلي. وقد سببت الحادثة توتراً كبيراً داخل أروقة المجلس، ما دعا رئيسه إلى فتح تحقيق عاجل في ملابساته.
ويثير الموقف من إسرائيل وضرورة تضمين فصل في الدستور التونسي يجرم التطبيع ويحاكم المطبعين، خلافاً كبيراً بين الترويكا الحاكمة، وتحديداً حركة النهضة والقوى القومية واليسارية، التي تضغط لإقرار هذا الفصل. وفيما ترفض النهضة هذا الاقتراح، تتمسك به الأحزاب القومية واليسارية الممثلة في المجلس التاسيسي، مثل حركة الشعب (نائبان)، حزب العمال (ثلاثة نواب)، حزب الوطنيين الديموقراطيين وله نائب واحد، وبعض النواب المستقلين. ويدعم النواب في هذا الاقتراح أحزاب أخرى غير ممثلة في البرلمان، ومنحدرة من التيار القومي بفرعيه البعثي والناصري.
أما حركة النهضة التي سبق أن انسحب نوابها العام الماضي من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة احتجاجاً على وجود يساريين تتهمهم بالتطبيع مع إسرائيل، سارعت منذ وصولها إلى الحكم إلى التخلي عن هذا الموقف. وأكد نائبها في المجلس التأسيسي، الحبيب خذر، الذي يرأس لجنة صياغة الدستور، أنه «لا داعي إلى النصّ على تجريم التطبيع؛ لأن دستور تونس سيكون أطول عمراً من دولة إسرائيل».
لكن بعض الأوساط اليسارية والقومية، تتهم حركة النهضة والترويكا عموماً بمنح ضمانات للإدارة الأميركية بأن لا يُنصّ في الدستور على تجريم التطبيع. وتذهب هذه الأوساط إلى الحديث عن وجود صفقة بين الإسلاميين في دول الربيع العربي وواشنطن، تدعم بموجبها الأخيرة الإسلاميين مقابل غضهم الطرف عن التطبيع.
ومن المؤكد أن إيراد مثل هذا النص في الدستور، سيسبب حرجاً كبيراً للحكام الجدد، الذين أفقدتهم استحقاقات السلطة طهر الشعارات التي كانوا يرفعونها.
ورغم أن القوى التي تضغط لتضمين تجريم التطبيع في الدستور، غير قادرة عددياً على فرض هذا المقترح، إلا أنها ستتمسك به لإحراج الترويكا سياسياً.