حصل ما كان متوقعاً في مخيم عين الحلوة. هاجم ابناء المخيم مع بعض النازحين الفلسطينيين من المخيمات السورية مكتب مدير الاونروا هناك الاسبوع الماضي. كان من السهل التنبؤ بذلك. لم يكن الامر يحتاج لقدرات ميشال حايك او مايك فغالي لتوقع انفجار غضب النازحين في وجه مدير المخيم. اذ كان من المعلوم ان هناك تحركات تصعيدية ستجري، وكانت كل التحضيرات تشير الى ذلك. فالوكالة الاممية ومنذ اندلاع الازمة في سوريا غابت كليا عن السمع. وهي لا تعير هموم النازحين من مخيمات سورية اي اهتمام. بمعنى آخر فإن الاونروا اتبعت سياسة «النأي بالنفس» عما يجري مع النازحين، مرددة لازمتها الابدية «لا يوجد تمويل». هكذا، لم يجد اللاجئون طريقة لايصال صوتهم الا باستخدام القوة ضد مراكز الاونروا، وتحديداً ضد مديرها الجديد فادي الصالح. فعندما كان مسؤولو الفصائل في اجتماع مع مدير الاونروا في المخيم، جاء محمد ك.
ابن حركة فتح لطلب المساعدة لاحد النازحين، لكن موظفي الاونروا لم يتجاوبوا معه. فما كان منه الا ان فتح المطفأة في مركز الاونروا، ما كاد أن يؤدي إلى اختناق بعض الحاضرين. هذا الفعل استدعى ردة فعل مرافقي مسؤولي الفصائل الذين اطلقوا النار على الرجل، فأصابوه في قدمه، فرد هو الاخر بإطلاق النار
عليهم.
الحادثة ليست الاولى من نوعها ضد الوكالة. فقبلها هجم ابناء المخيم مع بعض النازحين على مركز الاونروا واحتلوه. الهدف كان تأمين منازل للنازحين من المخيمات السورية. لكن مرة اخرى اتى الجواب «المال المطلوب غير متوفر حالياً». وبعد وساطات عدّة، أخلى المعتصمون المركز على وعد ان تقوم الاونروا بتأمين المساعدات للضيوف الجدد في المخيم.
من جهتهم، يقول بعض المسؤولين في عين الحلوة ان ما جرى كان بمثابة «فركة أذن للمدير الجديد». فهم غير مقتنعين بأن الوكالة تعاني من ضائقة مالية، استنادهم في ذلك الى ان «الميزانية العامة للاونروا تضم ما يسمى:اقليم سوريا، وبالتالي يوجد مخصصات مالية خاصة باللاجئين الفلسطينيين في سوريا». يضيف «وبما ان جزءا منهم نزح الى لبنان، يمكن للوكالة تحويل جزء من اموالها من اقليم سوريا الى اقليم لبنان لتساعد النازحين الموجودين هنا».
مشكلة النازحين لا تقف عند هذا الحد. يقول مسؤول فلسطيني آخر في المخيم ان «ابناء عين الحلوة استقبلوا النازحين ولم يكن هناك مشكلة في البدء. لكن اقامة هؤلاء طالت، والاوضاع الاجتماعية لابناء المخيم تحولت من السيئ الى الاسوأ»، بسبب مساعدة النازحين.
اما بالنسبة للوكالة، فهي حسب ما قال احد كوادرها، تعتبر أن الازمة السورية شكلت عبئاً عليها. ويضيف الرجل ان «الاهتمام الدولي حالياً منصبّ على مساعدة النازحين السوريين، ومساعدات الدول المانحة تذهب اليهم مباشرة».
إذا؟ ما المطلوب؟ تغيير اولويات الدول المانحة سبب مشكلة للاونروا التي كانت في الاساس تعاني من ضائقة مالية قبل الازمة السورية، فكيف مع وجود ازمة في بلد كان هو من يدفع اغلب المساعدات للفلسطينيين. ويقول الموظف اعلاه، ان «الوكالة تسعى لدى الدول المانحة إلى تأمين اموال للاهتمام بوضع النازحين الفلسطينيين، ولكن حتى الآن لم ننجح بذلك». كما يبدي الرجل امتعاضه مما يجري فيقول لو: ان «نصف ما يدفع ضد سوريا دفع من اجل النازحين الفلسطينيين لكانت الامور بألف خير، لكن لم يعد الفلسطينيون على رأس الاولويات حالياً».