بعد «قنبلة» رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ركّز غالبية المتعاقبين على منبر المنظمة الدولية على «الخطر الإيراني»، وحتى بينهم بعض المتحدثين العرب، على غرار وزير خارجية البحرين، خالد آل خليفة. ودعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي إيران إلى «الكف عن ممارسة لعبة الوقت» في الملف النووي، مكرراً أن المجتمع الدولي يأمل إيجاد «حل سياسي ودبلوماسي». وقال، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «نحن قلقون جداً.. لم تثبت إيران حتى الآن الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي». وأوضح أن مجموعة الدول الست الكبرى التي تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا «تقدمت باقتراحات من اجل مفاوضات في العمق. لا نزال ننتظر رداً جدياً من إيران. نريد حلاً سياسياً وديبلوماسياً والوقت ينفد». وشدد فسترفيلي على أن «أمن إسرائيل على المحك. إن أمن المنطقة برمتها على المحك. المطلوب أيضاً تفادي سباق على السلاح النووي لا يمكن التكهن بانعكاساته على الأمن الدولي».
ومن المقرر أن يكون وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد خاطب فجراً الجمعية العامة. ويتوقع أن يعرض موقف الكرملين من «الخط الاحمر» الذي حدده نتنياهو للبرنامج النووي الإيراني ومن دعوات الغرب للتحرك الروسي في الأزمة السورية.
من جهته، انتقد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أمام الجمعية العامة، مجلس الأمن الدولي، قائلاً إن عدم قدرته على القيام بعمل من أجل الشعب السوري «سيجعله أداة في أيدي الطغاة». وقال: «النظام السوري يواصل حملته القمعية، ويجب أن يكون هناك نتائج كي يتحرك المجتمع الدولي لمنع القتل في سوريا»، متسائلاً: «إذا لم نقم بأي فعل الآن بشكل موحَّد فمتى نقوم؟».
وكان وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة، قد اتهم جارته ايران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي. وقال إنه في الوقت الذي تمد هذه الدول يدها إلى جارتها إيران، «إلا أنها للأسف الشديد قلما تجد تجاوباً يساعد على بناء الثقة وتثبيت دعام الأمن». وفي ما يتعلق بالأزمة السورية، قال إن الأمم المتحدة مطالبة «بإيجاد حل سياسي للأزمة يضع حداً للعنف وإراقة الدماء ويحافظ على وحدة سوريا ويقي المنطقة من تداعيات خطيرة محدقة بها لن تقف عند حدود سوريا». كذلك دعا إلى إيجاد «حل شامل وعادل» للقضية الفلسطينية، والى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، مشيراً إلى أن ذلك «لن يتأكد إلا بإلزام اسرائيل الانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي».
بدوره، قدم رئيس المؤتمر الوطني الليبي، محمد يوسف المقريف، اعتذاراً عن الجرائم التي ارتكبها الراحل معمر القذافي. وقال: «اقدم اعتذاري أمام العالم بأسره لكل ما سببه ذلك الطاغية من أذى وإجرام في حق الكثير من الأبرياء وما مارسه من ابتزاز وإرهاب في كثير من الدول».
واستهل كلمته، أمام الجمعية، بالتذكير بتمزيق القذافي لنسخة من ميثاق الأمم المتحدة على منبر الجمعية وإعلانه عدم الاعتراف بـ«سلطة الوثيقة»، مشيراً إلى أنه اليوم يقف «على ذات المنصة لأؤكد تأييد بلادي لميثاق الأمم المتحدة واحترامها له». وأشاد المقريف بالسفير الأميركي في ليبيا، كريس ستيفنز، الذي قتل في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، وقال إنه «تسرّب في وجدان النسيج العاطفي الليبي»، وأنه «كان يوم الحزن في كل ليبيا يوم امتدت له يد الغدر».
وحول الجرائم الإسرائيلية، طالب المجتمع الدولي باتخاذ «إجراءات عاجلة وحازمة تكفل وقف العدوان الإسرائيلي وتوفير الحماية الكاملة للفلسطينيين وإيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية عبر تحقيق سلام شامل وعادل». كذلك طالب مجلس الأمن بـ«التصرف العاجل وفقاً لمبدأ مسؤولية الحماية واتخاذ الإجراءات الفورية لإنهاء كافة أشكال القتل والعنف والتدمير (في سوريا) وإيجاد مخرج لهذه الأزمة من خلال الانتقال السلمي للسلطة وبما يضمن المطالب المشروعة للشعب السوري».
نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي، الذي تلا كلمة العراق أمام الجمعية العامة، أعرب عن قلقه «إزاء طاحونة الموت التي تحصد عشرات وربما مئات السوريين يومياً جراء العنف في بلادهم». وقال إن «تداعيات استمرار الصراع واتساع رقعته من خلال إثارة الفتن الطائفية والقومية، قد تدخل المنطقة وشعوبها في دوامة احتراب لا يعلم مداها إلا الله».
وحذر من خطورة الرهان على الحسم العسكري، قائلاً: «ندرك جيداً، وكما أثبتت الوقائع أن التدخل الإقليمي والدولي سلبياً بالشأن السوري مدعاة لفوضى بلا حدود لا توفر حتى للمتدخلين حصانة من آثارها السلبية المدمرة. لذلك، كنا وما زلنا ندعو بإخلاص إلى ضرورة اعتماد الحوار منهجاً والحل السلمي سبيلاً لإنهاء الأزمة».
كذلك احتلت سوريا حيزاً واسعاً من كلمة الصين التي ألقاها وزير الخارجية الصيني، يانغ جيشي، مؤكداً خلالها أن الصين منفتحة على أية خطة سياسية تكون مقبولة من جميع الأطراف في سوريا. وحول القضية الفلسطينية، شدد على «ضرورة ألاّ يشتت الاضطراب في المنطقة الانتباه الدولي عن القضية الفلسطينية». وقال إن الصين «تدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى». وفي موضوع الجزر المتنازع عليها مع اليابان، اتهم يانغ طوكيو بسرقتها.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)