في مسألة قديمة جديدة، عادت الولايات المتحدة للتحدث عن «الأسلحة الكيميائية السورية»، فيما كرّر وزير الخارجية التركي مطالبة بلاده بإقامة مناطق آمنة على الحدود. وقال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا إنّ الحكومة السورية نقلت أسلحة كيميائية إلى مواقع أكثر أمناً. وأوضح الوزير الأميركي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكندي بيتر ماكاي، قائلاً: «لدينا معلومات تشير إلى حدوث عمليات نقل في بعض المواقع لزيادة تأمين الأسلحة الكيميائية». وأضاف بانيتا: «نعتقد، استناداً إلى ما نعلمه، أنّ المواقع الرئيسية ما زالت مؤمنة». ورداً على سؤال عما إذا كان المتمردون قد استولوا على بعض هذه الأسلحة، أشار بانيتا إلى «عدم وجود معلومات محددة بشأن المعارضة، وما إذا كانت حصلت أو لا على بعض الأسلحة وبأي كمية».
ويشير الخبراء إلى أن هذا المخزون من الأسلحة الكيميائية، الذي يرجع الى سبعينيات القرن الماضي، هو الأكبر في الشرق الاوسط، حيث يقدّر بمئات الأطنان.
بدورها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن إيران لم تدع مجالاً للشكّ في أنها ستفعل كل ما يمكنها لحماية حكومة «وكيلها وصديقها الحميم» الرئيس السوري بشار الأسد. وأعلنت تقديم مساعدة إضافية للمعارضة المدنية السورية بقيمة 45 مليون دولار. وأوضحت، في اجتماع لمجموعة أصدقاء سوريا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنّ 30 مليون دولار من هذا المبلغ ستخصص للمساعدة الإنسانية، و15 مليوناً للمعارضة المدنية.
من جهته، حذّر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف من أن محاولات تسوية الوضع في سوريا بمعزل عن مجلس الأمن الدولي يمكن أن تكون له «عواقب مدمّرة وخطيرة» على المجتمع الدولي.
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن ريابكوف قوله إنّ «نتائج تسوية الأوضاع المتأزمة، وبالدرجة الأولى في سوريا، لا بدّ وأن يكون لها تأثير كبير على تشكيل نظام عالمي جديد». وأضاف أن «محاولات البحث عن طرق لحلّ الأزمة السورية في منأى عن مجلس الأمن الدولي، ستكون لها عواقب مدمّرة وخطيرة، كما على سوريا، كذلك على منطقة الشرق الأوسط، وفي نهاية المطاف على النظام العالمي المعاصر».
من ناحيته، رأى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أن إقامة مناطق آمنة للاجئين في شمال سوريا ستوجّه رسالة إلى النظام السوري لوقف الهجمات على المدنيين. وقال أوغلو، في مقابلة إذاعية، إن «إيصال المساعدات الإنسانية إلى أعداد كبيرة من النازحين داخل سوريا يستحقّ الخطر الذي يمكن أن ينجم عن مثل هذا التحرك». وحذّر من أن عدم اتخاذ تدابير أو خطوات معينة في الوقت المحدد في المستقبل «سيؤدي إلى المزيد من المخاطر».
وأضاف وزير الخارجية التركي: «النظام السوري شعر بالثقة لشنّ المزيد من الهجمات بسبب عدم وجود رسالة واضحة وموقف حاسم من المجتمع الدولي في المراحل الأولى للأزمة». وقال: «إذا لم نتخذ قرارات معينة اليوم من أجل النساء والأطفال الهاربين من هجمات النظام السوري، فإننا سنواجه المزيد من المخاطر في المستقبل»، مقراً بأن الإخفاق حتى الآن في وقف الحرب في سوريا «يمثّل فشلاً خطيراً». وقارن أوغلو بين ما يحدث في سوريا بالحرب في البوسنة قبل 20 عاماً، مضيفاً أن خمول المجتمع الدولي لمدة 3 سنوات في مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي في البوسنة «أدى إلى مقتل 300 ألف شخص ووقوع 100 حالة اغتصاب نساء، ومأساة انسانية ضخمة، وذهب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى هناك هذا العام ليعتذر عن ذلك الخمول». وأعرب داوود أوغلو عن خشيته من أن أميناً عاماً آخر للأمم المتحدة «قد يضطر للذهاب إلى سوريا بعد بضع سنوات للاعتذار عن هذا الخمول».
من ناحية أخرى، رفضت الصين تحميلها مسؤولية تدهور النزاع في سوريا، مجدّدة التأكيد لضرورة الحلّ السياسي للنزاع. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي، قوله إنه «لا يمكننا القبول بآراء بعض الدول المستهدفة للصين»، رداً على سؤال بشأن تعليقات للقادة البريطانيين والأتراك تلمّح إلى أنّ على الصين تحمّل بعض المسؤولية بشأن تدهور النزاع في سوريا. وأشار إلى أن بكين تشعر بـ«الحزن العميق على سقوط خسائر بشرية خلال النزاع السوري». وقال هونغ إن «الصين كانت ولا تزال تحثّ على حلّ سياسي للنزاع السوري، يهدف إلى إنهاء العنف في وقت مبكّر وتفادي الخسائر البشرية». ورأى أن تسهيل قيام حوار سياسي بين الأطراف المعنية، وعملية انتقالية يقودها الشعب السوري، هي الحلّ المثالي للنزاع ولمعاناة الشعب السوري.
وقال المتحدث الصيني إنّ «على المجتمع الدولي بذل جهود مشتركة لتحقيق هذا الهدف، آخذاً في الاعتبار الصورة الأوسع للسلام والاستقرار في سوريا والشرق الأوسط». وأضاف أن على بعض الدول «استخلاص الدروس من أخطاء الآخرين ومراجعة سياساتها المتعلقة بالنزاع» المذكور.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)