استشهد المعلقون الاسرائيليون بما قام به رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو، من ترحيل الخط الأحمر المتعلق بالتعاطي مع البرنامج النووي الايراني الى ما بعد الربيع أو الصيف المقبلين، وتحديداً الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية. وتناول المعلق السياسي في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، كيف تراجع نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك، عن التهديدات التي كانا يوجهانها ضد ايران بأن اسرائيل «ستهاجم فوراً وفي الحال، مع بداية الصيف، وبعد ذلك نقلا الامر الى نهاية الصيف، وبعدها الى نهاية الخريف».
ورأى أن نتنياهو قفز الآن فجأة «نصف سنة الى الامام، الى الربيع المقبل»، متسائلاً عما ستواجه اسرائيل في النهاية، ما دامت ترسم خطاً أحمر جديداً كلما تجاوزت ايران الخط السابق. طارحاً علامة استفهام حول ما إن كانت الولايات المتحدة ستظل تقف الى جانبنا في ذلك الحين.
أما المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، فاعتبر أن نتنياهو أحدث نوعاً من الإرباك لدى المعلقين عندما بدا في لحظة رسمه الخط الأحمر، على الرسم الذي كان يعرضه، كما لو أنه يُحدِّد بأن الخط الأحمر الاسرائيلي يتمثل بالنقطة التي يصل فيها الايرانيون الى تخصيب بنسبة 90 في المئة، مؤكداً أن نتنياهو لم يكن يقصد ذلك، وخصوصاً أن نسبة التخصيب الكافية لانتاج سلاح نووي هي الخط الأحمر الدولي، وتحديداً الأميركي.
وفي ما يتعلق بالجدول الزمني، أكد هرئيل أن نتنياهو ألغى في الواقع النقاش حول امكانية شن هجوم اسرائيلي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، وأجَّل النقاش حولها الى الفترة الواقعة بين الربيع والصيف المقبلين، لكنه لفت ايضاً الى ان رئيس الحكومة لم يلغ الحاجة الى نقاش مستقبلي حول امكانية شن اسرائيل هجوماً وحدها بعد أقل من سنة، بل قد يتحول ذلك إلى أمر أكثر دراماتيكية بعدما تحدث عنه على منبر الامم المتحدة.
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، رأى هرئيل أن نتنياهو قدم ضريبة شفهية للمسارات الأميركية ازاء ايران، عندما أثنى على الجهد الذي بذله الرئيس الاميركي، وخصوصاً أنه قرن ذلك بالحديث عن ان العقوبات لم تثن ايران عن مواصلة طريقها النووي.
في موازاة ذلك، رأت اورلي ازولاي، في صحيفة «يديعوت احرونوت»، أن دعوة نتنياهو الى فهم كيف سيكون العالم مع إيران نووية، بأن يتصوروا فقط عالماً مع (تنظيم) قاعدة نووية»، هو محاولة لغمز الجمهور الأميركي باللغة التي يفهمها جيداً، من فوق رأس اوباما. ورغم انها اكدت أن نتنياهو لمّح الى أن أي هجوم اسرائيلي لن يحصل قبل الانتخابات الأميركية المقبلة، بيد أنها اعتبرت أن تأكيده أن الخط الأحمر يجب ان يُرسم في نقطة واحدة تتمثل بمساعي ايران لتخصيب اليورانيوم، هو نوع من التلميح بأنه في حال لم يضع الاميركيون هذا الخط فإن اسرائيل ستفعل ذلك بنفسها.
في المقابل، اعتبر ايتان هابر في صحيفة «يديعوت» أيضاً، ان نتنياهو اختار في كلمته في نيويورك، أن يبدو أكثر تفهما للرئيس الاميركي والادارة الاميركية، فهو لم يهاجم الرئيس باراك اوباما، ولم يساعد منافس الرئيس الاميركي، ميت رومني، ولا حتى بغمزة عين، كما لم يشعل الخواطر في واشنطن. وبالرغم من انه وضع خطاً أحمر لا يروق للادارة الاميركية، إلا انه فعل ذلك بطريقة معتدلة، وبشكل لا يدفع الولايات المتحدة نحو الزاوية.
اما في ما يتعلق بالصدى السياسي لخطابه في الوسط الاسرائيلي الداخلي، فقد رأى معلق الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس»، يوسي فيرتر، أنه بات من الواضح أن الحملة الانتخابية المقبلة، ستتمحور حول معالجة التهديد النووي الايراني، لافتاً الى ان وسم الحملة بطابع أمني دبلوماسي، وحتى وجودي، سيصعِّب على منافسي نتنياهو، من السياسيين الاغرار، الترويج لخطاب مدني، لدى الناخب الاسرائيلي.
اما أحزاب المعارضة فقد شنت هجوماً على نتنياهو كونه اطلق في الامم المتحدة «شعارات لغايات سياسية داخلية»، واعتبر رئيس المعارضة شاؤول موفاز، أن «المشكلة لا تكمن في انتظار الربيع او الصيف المقبلين، وانما في ابتعاد الغرب عن دعم اسرائيل بقيادة نتنياهو، وان الانجاز المطلوب هو التوصل معهم الى توافق على خطوط حمراء».
لكن رئيسة حزب «العمل»، شيلي يحيموفيتش، اعتبرت أن تحديد الخطوط الحمراء لا يتم عبر رسوم على المنصات، وانما في الغرف المغلقة وبالتعاون وتجديد الثقة بيننا وبين حليفنا الأهم، الولايات المتحدة. في المقابل، رأت رئيسة حزب ميرتس، زهافا غلاؤون، ان نتنياهو «القى قنبلة في الامم المتحدة وهي انه حتى الصيف المقبل سيكون لدى ايران قنبلة» نووية.
إلى ذلك، اعلن البيت الابيض، أمس، أن الرئيس باراك اوباما ونتنياهو «متوافقان تماماً» على ضرورة منع ايران من حيازة سلاح نووي، وذلك بعد اتصال هاتفي بين الجانبين. وقال البيت الابيض، في بيان، إن اوباما ونتنياهو «شددا على توافقهما التام على هدفهما المشترك القاضي بمنع ايران من امتلاك سلاح نووي. وقد اشاد رئيس الوزراء بالتزام الرئيس اوباما امام الجمعية العامة للامم المتحدة بالقيام بما هو ضروري لتحقيق هذا الهدف».