لليوم الثاني، من أعمال الدورة الـ ٦٧ للجمعية العامة للأمم المتحدة، احتلت الأزمة السورية المساحة الأكبر من خطب المسؤولين العرب تحديداً، فيما غابت عن حديث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وركز الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، في خطابه، على اتهام الدول الغربية وإسرائيل بـ«ترهيب» بلاده بواسطة الأسلحة النووية، لافتاً إلى أن إيران تحت «تهديد مستمر من الصهاينة الهمج باللجوء إلى العمل العسكري». ورأى نجاد أن «التهديدات المستمرة التي يلوّح بها الصهاينة الجهلة باستخدام القوة العسكرية ضد أمتنا العظيمة تؤكد بوضوح هذه الحقيقة المرة». ولفت إلى أنه «باتت تجربة أجيال جديدة من الأسلحة الفائقة التطور والكشف عنها عندما تسنح الفرصة، الطريق الجديدة لتهديد الدول لإجبارها على الرضوخ للاستكبار».
وتطرق إلى احتلال الدول وتحدث عن احتلال فلسطين وعن أسباب الحروب الجائرة ضد الشعوب. واتهم الولايات المتحدة باستغلال أحداث ١١ أيلول ٢٠٠١ لتدمير أفغانستان والعراق. ورأى الرئيس الإيراني أن مجلس الأمن يقع تحت سيطرة عدة دول، مشيراً إلى أن الدول المسيطرة على مجلس الأمن تستخدم القوة لارهاب بقية العالم. وشدد على أن «منظمة الأمم المتحدة تعود لجميع العالم ووجود التفرقة داخلها أمر غير مقبول».
وقاطعت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة خطاب نجاد بعدما استبقت خطابه بإصدار بيان قالت فيه إن نجاد «استغل مرة أخرى زيارته للأمم المتحدة، لطرح نظريات تآمرية وإهانة إسرائيل».
في المقابل، شكلت الأزمة السورية جزءاً رئيسياً من خطاب الرئيس المصري، محمد مرسي، واصفاً إياها بـ«مأساة العصر»، ومتعهداً استمرار جهود بلاده لحلها.
وبعدما أكد مرسي أن مصر تعارض التدخل العسكري الخارجي لإنهاء الأزمة في سوريا وتفضل تسوية شاملة للجميع من خلال المفاوضات، لفت إلى أن بلاده «ملتزمة مواصلة ما بدأته من جهد صادق لإنهاء هذه المأساة الدائرة على أرض سوريا في إطار عربي وإقليمي ودولي». وأضاف: «إطار يحافظ على وحدة تراب هذا البلد الشقيق ويضم جميع أطياف الشعب السوري من دون تفرقة على أساس عرقي أو ديني أو طائفي ويجنب سوريا خطر التدخل العسكري الأجنبي الذي نعارضه طبعاً».
وقال مرسي موجهاً كلمته إلى وفود ورؤساء الدول الحاضرين للاجتماع: «كلنا مسؤولون عن الأزمة السورية». وأضاف: «لا بد أن نتحرك لوقف المأساة وهي مأساة العصر» التي يجب أن تقف فوراً درءاً للأسوأ، وتحوّل الصراع إلى حرب أهلية لا قدّر الله يتطاير شررها إلى ما يتعدّى سوريا ليشمل دول المنطقة».
وشدد مرسي على أن الشعب السوري يستحق أن تتاح له الفرصة ليعبر بحرية عن نفسه بعيداً عن أي ضغوط خارجية أو داخلية. وأشار إلى أن الشعب السوري سيختار نظام حكم يعبر عنه ويضع البلاد في مصاف الدولة الديموقراطية، متحدثاً عن «سوريا الجديدة بعد مصر الجديدة».
كذلك تطرق مرسي إلى الوضع في فلسطين، معتبراً أنه لا بد للمجتمع الدولي أن يتحرك الآن لوضع حد للاستيطان وتهويد القدس. وأضاف: «نريد أن نؤسس القضية الفلسطينية على الشرعية، وقد عبر الشعب الفلسطيني عن نيته الفعلية لاستعادة حقوقه، ورغم جهاد هذا الشعب المتواصل وتبنيه لجميع الأساليب المشروعة ووجود الممثلين للشرعية الدولية، ورغم كل ذلك تظل هذه القرارات الدولية، بكل أسف، غير قادرة على تحقيق آمال الشعب الفلسطيني».
وتجاهل مرسي ذكر كلمة إسرائيل في كلمته، قائلاً «إن من المشين أن يقبل العالم الحر استمرار طرف في المجتمع الدولي في إنكار حقوق أمة، ومن المشين أن يستمر الاستيطان في أراضي هذا الشعب الفلسطيني، وتستمر المماطلة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية».
أما الملك الأردني، عبد الله الثاني، فرأى أنه «ليس هناك بديل للحل السياسي في سوريا، الذي يوقف سفك الدماء ويعيد الأمن والاستقرار ويحفظ وحدة أراضي سوريا وكرامة شعبها ووحدته».
وبعدما شدد على أن «الأردن سيبذل ما بوسعه لدعم جهود مندوب الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام للجامعة العربية المعين حديثاً الاخضر الابراهيمي»، دعا الملك الأردني المجتمع الدولي إلى تقديم العون للمملكة، التي تستضيف أكثر من 200 ألف لاجئ سوري، للحيلولة دون وقوع مأساة إنسانية.
من جهةٍٍِ ثانية، حذر عبد الله الثاني من خطورة الاعتداء على المقدسات في مدينة القدس المحتلة، وشدد على أن أي «اعتداء أو تقسيم لموقع المسجد الاقصى لا ينظر اليه على أنه مجرد خرق لالتزامات إسرائيل، بل هو اعتداء ديني خطير». ورأى أنه يجب «على المجتمع الدولي في هذا الصدد، إرسال رسالة واضحة بأن مثل هذا الاعتداء أو أية محاولة لمحو الهوية العربية أو الاسلامية أو المسيحية للقدس، أمر لا يمكن قبوله أو السكوت عليه».
كذلك أدان الملك الأردني فيلم «براءة المسلمين» الذي أدى الى موجة من العنف في العالم العربي. وقال: «إنني كهاشمي أنتسب الى النبي محمد، أدين كل فعل يسيء الى اسم الرسول الكريم أو يستغل اسمه أو اسم الاسلام أو أي دين آخر زوراً لتبرير العنف كتلك الافعال التي شهدناها أخيراً».
بدورهم، طالب قادة مسلمون بتحرك دولي لمنع اهانة الدين، وذلك بعد يوم واحد من دفاع الرئيس الأميركي باراك اوباما، عن حرية التعبير في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة أول من أمس.
وندد الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، بما سمّاه «التحريض على الكراهية» ضد المسلمين، وطالب بتحرك من الأمم المتحدة. وقال أمام الجمعية العامة: «رغم أنه لا يمكننا أبداً أن نوافق على العنف، على المجموعة الدولية ألا تتحول إلى مراقب صامت، ويجب أن تعاقب على مثل هذه الأعمال التي تدمر سلام العالم». أما الرئيس الافغاني، حميد قرضاي، فندد «بدناءة المتعصبين» الذين انتجوا فيلم «براءة المسلمين».
أما الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي فألقى خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ انتخابه العام الماضي، مؤكداً أن حكم الفرد في اليمن انتهى إلى الأبد. وبعدما تحدث عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تواجه بلاده، مع تزايد اعداد البطالة بين الشباب دون سن الـ 30، طالب هادي المجتمع الدولي بتفهم هذه المعطيات وتقديم الدعم اللازم والمساعدات العاجلة للشعب اليمني.
وتطرق إلى موضوع تنظيم القاعدة في اليمن، مشيراً إلى أنه بالرغم من أن التنظيم اليوم، بعد الأعمال البطولية للجيش اليمني واللجان الشعبية والهزائم المتتالية التي مني بها أصبح أضعف بكثير في بلادنا، إلا أنه لا يمكن التقليل من خطورته، ولفت إلى أن التنظيم «يقدم على خيارات يائسة بعد أن حول عناصره إلى أحزمة ناسفة وقنابل موقوتة مع تقلص التعاطف الشعبي معه».
في غضون ذلك، طلب الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد «بأسرع وقت» لبحث طلب مالي السماح بتدخل عسكري أفريقي لاستعادة منطقة الشمال، بعدما سيطرت عليها مجموعة إسلامية متشددة.
وقال هولاند، أثناء اجتماع مخصص للأزمة في منطقة الساحل الأفريقي على هامش الجمعية العامة بلأمم المتحدة «إن فرنسا تطلب دعوة مجلس الأمن الدولي مجدداً بأسرع وقت ممكن» لبحث طلب مالي تشكيل «قوة استقرار لتنظيم استعادة شمال مالي».
من جهته، حض الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، المجتمع الدولي على «عدم التخلي عن الساحل» الأفريقي، مشيراً إلى أن أي رد عسكري لتحرير شمال مالي يجب أن يبحث «بحذر شديد». ونبه إلى أن مثل هذا القرار «قد تكون له عواقب إنسانية وخيمة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)