الدار البيضاء | عندما زار رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في مقر إقامته الخاص في قصره بالقرب من مدينة الدار البيضاء المغربية، صدرت الكثير من التعليقات على المواقع الاجتماعية على الإنترنت تسخر من رئيس الحكومة الإسلامي وتظهره على أنه ذهب «يستجدي» الملك السعودي لمساعدته على الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الاقتصاد المغربي. وكتبت بعض المواقع الإلكترونية المغربية المستقلة أن رئيس الحكومة المغربية طلب فعلاً من الملك السعودي مساعدة بلاده مالياً للخروج من الأزمة الاقتصادية، ما دفع السفارة السعودية في المغرب إلى التدخل للتوضيح والقول إن الزيارة كانت ذات طابع خاص وتدخل في إطار المجاملة، وإنه لا علاقة لها بكل ما كتب. ولم يمض أكثر من أسبوعين على هذه الزيارة حتى بثّ التلفزيون الرسمي المغربي صوراً تظهر هذه المرة الملك المغربي، محمد السادس، وهو يجتمع مع نظيره السعودي في مقر إقامته بالدار البيضاء. وهذه المرة صدر بيان رسمي يقول إن الملكين اجتمعا على انفراد وجرت بينهما محادثات خاصة، رغم أن الزيارة كانت هي الأخرى زيارة مجاملة، وطبعاً لم يكشف حتى الآن عن طبيعة تلك المحادثات.
لكن حتى قبل هذه الزيارة، سبق للملك محمد السادس، في خطاب رسمي ألقاه نهاية شهر تموز الماضي، أن أعلن التزام المغرب بتعميق علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي لتجسيد «الشراكة الاستراتيجية»، التي باتت تجمع بين المغرب ودول هذا المجلس. وأوضح أن الغاية من هذه الشراكة هي «تمكين بلادنا من فرص التمويل التي تتيحها الصناديق السيادية الخارجية، وبصفة خاصة صناديق دول الخليج الشقيقة، التي نشيد بإسهامها الفعال في دعم المشاريع التنموية في بلادنا».
نادي الملكيات
عند اندلاع الحراك الشعبي في الكثير من الدول العربية، بما فيها تلك ذات الأنظمة الملكية، استشعرت الأنظمة الملكية خطر هذا الحراك، وبادرت إلى التضامن في ما بينها لتحصين نفسها من رياح التغيير. وأعلنت دول مجلس التعاون الخليجي، العام الماضي، قرارها ضم كل من الأردن والمغرب إلى مجلسها، رغم البعد الجغرافي بين هاتين المملكتين. لاحقاً تراجعت دول الخليج عن قرارها، وبدأ الحديث عن «شراكة استراتيجية» بدلاً من الضم الكامل.
ومنذ ذلك التاريخ، وفي خضم حراك الشارع العربي، بدأ الحديث عن توجه بعض الصناديق السيادية الخليجية للاستثمار في المغرب لتعزيز علاقة «الشراكة الاستراتيجية» بين المغرب والمنظومة الخليجية من جهة، ولإيجاد حل للضائقة المالية المحلية في المغرب، من جهةٍ ثانية.
وهكذا تم التوقيع في المغرب في خريف عام 2011 على تأسيس الهيئة المغربية للاستثمار السياحي تحت اسم «وصال كابيتال»، عبر شراكة بين مؤسسات تتبع الصناديق السيادية في قطر والإمارات والكويت، فضلاً عن المغرب. أما الهدف فهو استثمار ما بين 2.5 و4 مليارات دولار في مشاريع سياحية.
وبموجب هذه الشراكة، تعهدت صناديق الثروة السيادية في قطر والكويت باستثمار حوالى 3 مليارات دولار في المغرب الذي يعاني من نقص السيولة النقدية، في خطوة كان تسعى إلى تعزيز علاقات التضامن بين الملكيات العربية. ولإعطاء هذا الدعم و«التضامن» بين الملكيات والإمارات العربية بعده الرمزي، حضر أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى المغرب ليشرف هو والملك محمد السادس على حفل توقيع على هذا الاتفاق. لكن بعد مرور حوالى سنة على إبرام الاتفاق، لم يتجسد حتى اليوم أي شيء منه على أرض الواقع. وما حصل هو العكس تماماً. فخلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ الأزمة المالية التي ضربت الأسواق المالية العالمية عام 2009، بدأت الاستثمارات الخليجية تتعثر في المغرب. وخلال السنتين الماضيتين، انسحبت شركتا «إعمار» و«سما دبي» الاستثماريتان الكبيرتان من مشاريع لهما في المغرب. وكانت قيمة الاستثمارات الإماراتية في المغرب تقدر بحوالى 17.5 مليار درهم، أي ما يعادل 4 مليارات و800 مليون دولار، موجهةً إلى قطاعات مثل السياحة والعقارات والطاقة. أما الاستثمارات الخليجية التي لم تنسحب رسمياً فهي تعاني اليوم من حالة جمود أو توقف.
ويسعى المغرب اليوم للتوجه شرقاً، وتحديداً عند بعض الدول الخليجية مثل السعودية، لطلب المساعدة من أجل فك خناق الأزمة الاقتصادية التي تعصف به، وذلك بعد أن تبخرت كل وعود الاستثمارات الضخمة التي وعدته بها دول وصناديق سيادية خليجية. فبدلاً من ثقافة «الشراكة الاستراتيجية»، عاد الوضع إلى ما كان عليه، وتحديداً تقاليد «الاستجداء العربي» الذي تحول إلى مادة للسخرية بين متصفحي المواقع الاجتماعية من المغاربة.
فالاقتصاد المغربي يمر بضائقة مالية خانقة، نتيجة تفاقم عجز الميزان التجاري المغربي (قرابة 40 في المئة مع الاتحاد الأوروبي بين 2000 و2010 مثلاً)، وتراجع الاستثمارات الخارجية. ومن بين الأسباب الإضافية تراجع تحويلات المهاجرين المغاربة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وجمود على مستوى المداخيل المترتبة عن السياحة التي عرفت هي الأخرى تراجعاً ملموساً.
وأمام هذه الوضعية الاقتصادية، جاء الإخلال بالوعود الخليجية للمغرب ليزيد من حدة الأزمة التي يخشى المسؤولون في المغرب أن تتحول إلى احتجاجات يصعب لجمها، مثلما يحصل اليوم في الأردن، الذي لدغ من نفس جحر الوعود الخليجية المعسولة قبل أن يستيقظ على التظاهرات التي تعمّ اليوم شوارع المدن الأردنية.
5 تعليق
التعليقات
-
ادا كان التكتل في مجلسادا كان التكتل في مجلس التعاون فان المغرب من رفضه اما التحالف الاستراتيجي فهو كائن مند زمن و لا اضنه سينفرط يوما ما،عدا عن كون ما دار بين الملكين لا احد يعلم به،و الحديث عن ازمة في المغرب جرى تضخيمه كتيرا و المبالغة فيه،هدا الموسم يبشر بتساقطات و بانتعاش السياحة،المشكل هو انه ان اقترب المغرب من العرب يتم انتقاده و ان ابتعد عنهم تتشفون فمادا تريدون منه بالضبط؟
-
قليلا من الموضوعية وبعيدا عن الحقد وكيدية الضعفاءلا أعرف ماذا يغيظك في أن الدبلوماسية المغربية تستفيد من كل الفرص والامكانيات لتخفيف العبء عن الميزانية المغربية المثقلة بالفاتورة الطاقية لبلد غير نفطي يعتمد على عقول وسواعد أبناءه وخيرات وجمال أرضه لتحقيق التنمية.المغرب بلد كبير ب 40 مليون نسمة وأقدم نظام سياسي لازال قائما بمِؤسسات وهيكلة نظامية منذ 1200 سنة وليس مجموعة طوائف تعتاش على الاقتتال والعمالة للأجنبي ولمن يدفع. المغرب رفض الانضمام الى الخليجي ورده بلطف دون أن يفرط في الايجابي من هذه الدعوة. وفوق ذلك المغرب سيكون مستعدا "وربما هذا يعنيك ويعني ايرانك وبشارك" لأي تحرك لضمان أمن دول الخليج سواءا دفاعا ضد تجار المقاومة بطهران أو هجوما استباقيا لتحرير شعب سوريا العزيزة وقطع الوريد للفرس بالمنطقة. سبحان الله من الطرائف أن البعض يعيب على ملك المغرب -الظلامي الرجعي العميل للغرب- استجداءه العالم لتنمية شعبه وبناء بلده المشهود له بالحرية والتداول السلمي للسلطة في حين الزعماء المقاومين -التقدميين البعثيين المتنورين- يقصفون ويذبحون شعبهم بالسلاح الروسي المتهالك لأنهم يريدون أن يتنفسوا شوية أوكسجين خال من الغباء القومجي.
-
الدي تبخر هو احداث الفوضى فيالدي تبخر هو احداث الفوضى في المغرب و الاردن و باقي الملكيات،و الدي تبخر هو امل وصول الازمة الاقتصادية الى المغرب،فقد تم اكتشاف ثروة نفطية هائلة في عدة سواحل من المملكة،اما الحديث عن الحراك فهو من النكت الفاقدة الصلاحية،مجموعة اطفال يخرجون في اثارة و يحركهم مجموعة من دراويش الخرافة و الاحزاب التي لم تحصل على صوت واحد طيلة عقود،الان انتهى عرض الكراكيز و المغرب عرف في الماضي احتجاجات اضخم بكتير في التمانينات.
-
انت تعود لنفس المغالطات مماانت تعود لنفس المغالطات مما يعطينا اليقين انك تتعمدها،انت تعرف و الجميع يعرف ان المغرب هو من رفض الانضمام الى مجلس التعاون و قال وزير الخارجية انداك اننا نريد تطوير المغرب العربي، و تتناقض كتيرا في كلامك،فانت تقول ان لا شيئ رشح عن المباحتاث بين الملكين ثم تتكهن بان الامر كان حديثا عن تمويل،و الدي يفند اقوالك هو ان المغرب تلقى قرضا من البنك العربي مند يومين فقط يا سيدي علاقتنا مع السعودية بالتحديد لا يهزها ريح و كدلك علاقتنا مع فرنسا و امريكا،و الملك السعودي قضى نقاهته بالمغرب و لم يدهب الى اي مكان اخر.
-
المغرب: تبخّر الوعود الخليجيةاظن ان هناك تحامل من الكاتب على المغرب في كل مواضيعه و هناك مغالطات يجب تصحيحها و على راسها ان المغرب رفض منذ البداية الانضمام لمجلس التعاون الخليجي و المغرب بلد دينامية التظاهر قبل ظهور ما يعرف بالربيع العربي