واشنطن | يُنتظر أن يدعو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في خطابه الذي يُلقيه يوم غدٍ الخميس أمام الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في المنظمة الدولية؛ مهمة تنطوي على العديد من التحديات والمخاطر، وخصوصاً في ظل معارضة الولايات المتحدة، وهو ما يمكن أن يهدد المساعدات الأميركية الى السلطة الفلسطينية. ويأتي طلب أبو مازن بعد عام على خطابه في المكان نفسه أمام الدورة الـ66 للجمعية العامة، وحمل ذات المسعى. وقالت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس، إن «ذلك الجهد فشل فى مجلس الأمن عندما لم يتمكن الفلسطينيون من حشد أصوات كافية فى وجه معارضة قوية من واشنطن». وأضافت أنه «في مواجهة جهود السلام المتوقفة والطريق المسدود أمام محاولات رأب الصدع بين حركة «فتح» التى يرأسها عباس وبين حركة «حماس» الإسلامية، واضطراب الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، يعود عباس إلى الأمم المتحدة بعد عام من تهميش مرت به القضية الفلسطينية بسبب المخاوف من البرنامج النووي الإيراني وثورات الربيع العربي الذي تتكشف فيه الأحداث».
وأوضحت الصحيفة أنه «بينما سيحاول عباس استخدام كلمته الآن لشد انتباه العالم مجدداً إلى طلب إقامة الدولة الفلسطينية، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت كلماته ستنجح في أي وقت قريب بصياغة مسودة قرار لتغيير وضع فلسطين في الأمم المتحدة من كيان مراقب إلى دولة مراقب غير عضو». وقالت إنه «رغم الحاجة لموافقة مجلس الأمن من أجل عضوية كاملة، فإن تحسين الوضع لن يحتاج الا إلى موافقة الجمعية العامة، حيث لا يمكن استخدام حق النقض ضد قراراتها»، مرجحةً أن تصوت غالبية أعضاء الجمعية العامة الـ193، لصالح قرار بمنح فلسطين صفة دولة مراقب، فيما ستعارضه الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأشارت الصحيفة الى «أنه إذا تم تقديم مشروع قرار والموافقة عليه، فإن عباس قد يخاطر بفقدان المساعدات المالية من واشنطن وكذلك عمليات نقل الضرائب والرسوم من الإسرائيليين، وهي الأموال التي تحتاج إليها السلطة الفلسطينية حاجة ماسة». وأضافت أن الرئيس الفلسطيني الذي يجد نفسه بين مطرقة هذه الضغوط الخارجية وسندان الاستياء العام بسبب نقص التحرك باتجاه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، يسير بحذر شديد حيث يذهب للأمم المتحدة فى إظهار للعزم الدبلوماسي، بينما لا تزال الأمور غير واضحة بشأن موعد تقديم مشروع قرار إقامة الدولة للمنظمة الدولية. ومن المؤكد أن تقديم هذا المشروع لن يكون قبل الانتخابات الأميركية، بحسب ما أكد المسؤولون الفلسطينيون.
لكن حملة رفع وضع فلسطين من مراقب الى دولة غير عضو في الجمعية العامة ستبدأ فوراً بعد أن يلقي عباس خطابه في الأمم المتحدة الخميس. وفي هذا الإطار، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «نريد ان نعيد وضع فلسطين على الخارطة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية مع دعم من 150 الى 170 دولة» من أصل 194 دولة عضوا في الامم المتحدة. وتابع «لم يتخل المسؤولون الفلسطينيون عن طلب العضوية الكاملة لفلسطين، لكنهم تراجعوا عن طلب تصويت من مجلس الامن بسبب عدم حصولهم على الغالبية المطلوبة من تسعة اصوات». وأكد أن «مطلبنا لا يزال مجلس الأمن».
وبحسب استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسيحية في رام الله بين 9 و15 أيلول الجاري، فإن التوجه الى الامم المتحدة يحظى بموافقة غالبية الفلسطينيين. ويشير الاستطلاع الى أن 73 في المئة من المستطلعة آراؤهم يؤيدون التوجه الى مجلس الأمن للحصول على دولة فلسطينية، مقارنة بالمقاومة الشعبية غير العنيفة (61 في المئة) والاعلان أُحادي الجانب عن دولة فلسطينية (56 في المئة) وحل السلطة الفلسطينية (44 في المئة) والعودة الى الانتفاضة المسلحة (39 في المئة) والمطالبة بدولة ثنائية القومية اسرائيلية ــ فلسطينية (28 في المئة).
وأقر عريقات بأن خطوة الامم المتحدة التي ترفضها كل من اسرائيل والولايات المتحدة تنطوي على «مخاطر هائلة». وأضاف «لدينا انسداد في الأفق السياسي» في محادثات السلام مع اسرائيل المتعثرة منذ عامين، مضيفاً «لدينا باب مغلق على المصالحة مع «حماس» ولم نكن قادرين على دفع الرواتب، لأن العديد من الدول ومن بينها الولايات المتحدة أوقفت دعمها للميزانية».
لكن في المقابل، يقول المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري ان خطوة عباس «أُحادية الجانب وغير متفق عليها وطنياً»، مشيراً الى أن عباس «لم يتشاور مع الفصائل الفلسطينية بشأن هذه الخطوة المصيرية».