ما بين الرفض الأميركي الحازم لفرض خطوط حمراء واضحة ومحددة على طهران، وإلحاح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هذا المطلب، فضلاً عن اعتذار الرئيس الأميركي، باراك اوباما، عن عدم لقائه على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة، تتواصل المحاولات الاسرائيلية للوصول الى صيغة حل وسط لا تقيد الادارة الأميركية وتلبي قدراً من مطلب تل ابيب.
وفي هذا السياق، وصل السفير الاسرائيلي لدى واشنطن، مايكل اورن، على نحو مفاجئ الى القدس المحتلة، لاجراء مشاورات في مكتب رئيس الحكومة، تمهيداً لزيارة الأخير الى الولايات المتحدة، التي أتت بعد محاولات سابقة لرئيس مجلس الأمن القومي اللواء احتياط يعقوب عميدرور.
فعميدرور كان قد التقى عدداً من المسؤولين الأميركيين في البيت الأبيض للغاية نفسها، فضلاً عن زيارة وزير الدفاع ايهود باراك، يوم الخميس الماضي، الذي التقى في شيكاغو رئيس الطاقم السابق للبيت الأبيض، رئيس بلدية شيكاغو، رام عمانويل.
ضمن هذا الاطار يأمل العاملون في مكتب نتنياهو، أن يكون اعلان اوباما عن مواقف تتصل بالخطوط الحمراء ازاء ايران، خلال خطابه في الامم المتحدة، أكثر سهولة عليه مما لو قالها في نهاية لقاء مع نتنياهو، لأنه سيبدو في الحالة الثانية كمن خضع للضغط الاسرائيلي.
ويبدو أن المسؤولين الاسرائيليين يعيشون أمل اللحظة الأخيرة بأن لا يكتفي الرئيس أوباما بالإعلان عن التزامه بمنع ايران من امتلاك سلاح نووي، وانما بمنعها من التحول الى دولة على حافة النووي، حتى لو لم يتلفظ بكلمة خطوط حمراء.
وفي هذا السياق نوقشت في الأيام الأخيرة أفكار من قبيل الاعلان عن عدم السماح لايران بالتخصيب لدرجة عسكرية، ما فوق الـ20 في المئة، كما نوقشت إمكانية أخرى تتصل بكميات اليورانيوم المخصب حتى درجة 20في المئة. في المقابل، أكدت تقارير اسرائيلية أن الخطوط الحمراء لرئيس الحكومة الاسرائيلية تتناول ثلاثة عناصر تتصل بعملية تخصيب اليورانيوم: الكمية ووتيرة ودرجة التخصيب، التي لا تسمح لايران بالتحول الى دولة على حافة النووي. وحتى الآن ليس واضحاً ما هي الخطوط الحمراء، التي سيوافق عليها اوباما، ويعلن عنها في خطابه.
في الاطار نفسه، أبدى الرئيس الاميركي، في مقابلة مع شبكة CBS الأميركية، رفضه لأي ضغوط تمارسها اسرائيل على الولايات المتحدة لاتخاذ مواقف أكثر حزماً في التعامل مع ايران، مشيراً الى انه «عندما يتعلق الأمر بأمننا القومي، فإنني اهتم بما هو جيد للشعب الأميركي، وسأتجاهل أي ضوضاء خارجية». في موازاة ذلك، أعرب اوباما عن تفهمه لقلق الاسرائيليين بشأن اصرارهم على عدم السماح لايران بامتلاك اسلحة نووية، لأن ذلك يهدد البلدين والعالم على نحو عام، ويطلق سباق تسلح في المنطقة.
من جهة اخرى، قدم نتنياهو اعتذاراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بسبب تسريب مضمون محادثة هاتفية بينهما، والتسبب بإحراجه، على خلفية انتقاد سفر الأخير إلى طهران للمشاركة في مؤتمر دول عدم الانحياز. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، قوله إن المصالحة بين نتنياهو وبان جرت بعدما بادر نتنياهو إلى التحدث هاتفياً مع بان، والاعتذار منه على النشر من دون التنسيق بينهما، لكنه لفت الى ان نتنياهو بقي مصراً على موقفه المعارض لزيارة الأخير الى طهران.