القدس المحتلة | يبدو أن دولة الاحتلال قد أدركت، بعد انفجار الشارع الفلسطيني احتجاجاً على الغلاء والأزمة المالية المستمرة للسلطة الفلسطينية، ومع اقتراب موعد تقديم الطلب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة للمطالبة بالاعتراف بفلسطين، أنّ كل هذا الغضب قد يتحول ضدّها، فلسطينياً من جهة، ودولياً من الجهة الأخرى، فبدأت اتخاذ إجراءات كفيلة بإيصال رسالة مفادها بأن إسرائيل تحاول مساعدة السلطة، وليست السبب في انهيارها المحتمل. وقالت الإذاعة العبرية إنّ جلسة مجلس الوزراء الاسرائيلي الأسبوعية، التي عُقدت أمس الأحد، صدّقت على منح 5 آلاف تصريح عمل جديد، للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية للعمل داخل الخط الأخضر. تصاريح العمل، ليست سوى الخطوة الأولى، اذ قرّرت إسرائيل تقديم موعد تطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق الجديد، الذي كان وزير المالية يوفال شتاينتس قد وقعه قبل شهرين مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، ما يسمح للسلطة الفلسطينية بتحصيل الرسوم الجمركية لوارداتها القادمة عبر الموانئ الإسرائيلية.
أما الخطوة الثالثة، التي تدرسها إسرائيل، فهي تقديم موعد تنفيذ بنود أخرى من الاتفاق نفسه، ومنها «وضع خطوط أنابيب لضخ الوقود مباشرة من الموانئ الإسرائيلية إلى أراضي السلطة الفلسطينية».
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إن هذه الاجراءات تهدف الى التخفيف من حدّة الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، حيث وعدت دولة الاحتلال بالعمل على الالتزام ببنود الاتفاقات وتسهيل الاجراءات، كي لا تتفاقم الأمور وتسوء على نحو كبير، لدرجة تتحول فيها الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي في أراضي السلطة إلى احتجاجات وانتفاضة جديدة ضدّ إسرائيل، على اعتبار أن إسرائيل هي السبب الرئيس في تدهور الاقتصاد الفلسطيني.
وأضافت الصحيفة إن الحكومة الاسرائيلية تفضل التوصل الى حلول وسط مع الجانب الفلسطيني، على تصاعد وتدهور الأوضاع الامنية والاقتصادية، مشيرة إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو كانت ولا تزال تسعى إلى حلول اقتصادية، دون أن تسير الأمور على المجال السياسي.
ونقلت الصحيفة عن منسق أعمال حكومة الاحتلال في الضفة الغربية الجنرال إيتان دانغوت، أن المساعدات المقدمة «تهدف إلى تعزيز سياسة السلطة الاقتصادية، حيث ستستمر التحويلات لعدة أشهر في وقت مبكر». وأشار إلى أن سلسلة التسهيلات الاسرائيلية بدأت في شهر رمضان، موضحاً أن هذه الاجراءات جاءت بتوصية من القيادة الميدانية، التي تدرك حقيقة إمكان تفجر الاوضاع في الاراضي الفلسطينية.
وتجدر الإشارة الى أن السلطة تنوي تقديم تقرير موثق حول الاجراءات الاسرائيلية التي تخنق الاقتصاد الفلسطيني لاجتماعات الدول المانحة، ويبدو ان القرارات الاسرائيلية تهدف الى تجاوز أي ضغط ممكن من الدول المانحة والرباعية الدولية على اسرائيل، وخصوصاً في ظل صدور تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي أشارت الى أن سبب تدهور الاقتصاد الفلسطيني يعود للإجراءات الاسرائيلية.
من جهته، نشر مركز الاعلام الحكومي الفلسطيني ملخصاً لأبرز ما ورد في تقرير الوفد الفلسطيني، الذي سيقدّم لاجتماع لجنة الاتصال المؤقتة للمانحين، والذي يُعقد في نيويورك منذ الأمس، بمشاركة كل من وزير المالية نبيل قسيس، ووزير التخطيط محمد أبو رمضان.
ويؤكد التقرير أن الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية غير قابل للاستمرار من الناحية السياسية، والاقتصادية، والمالية. ويعرض خطة للحفاظ على خيار قيام الدولة الفلسطينية، من خلال التركيز على التنمية والعمل في المناطق المصنفة «ج»، وما يتطلبه ذلك من عمل عبر السلطة الوطنية وشركائها الدوليين والتزامات على إسرائيل.
ويبين التقرير أبرز المعوقات الإسرائيلية المطلوب إلغاؤها. ودعا إلى زيادة المساعدات المقدمة لنفقات السلطة الجارية حتى تتمكن من الخروج من الأزمة المالية الراهنة.