لم تنتظر قيادة «الجيش الحر» قيام الدول المناهضة للنظام السوري بتأمين حظر جوّي بهدف إعلان «مناطق آمنة» في المناطق الحدودية. إذ أعلن، أول من أمس، نقل قيادته من تركيا الى سوريا. وقال قائد «الجيش الحر» رياض الأسعد، في شريط فيديو بثّ على الإنترنت، «نزفّ لكم خبر دخول قيادة الجيش الحرّ إلى المناطق المحرّرة، بعدما نجحت الترتيبات في تأمين المناطق المحرّرة لبدء خطة تحرير دمشق قريباً».
فيما صرّح العقيد المنشقّ أحمد عبد الوهاب لوكالة «فرانس برس» بأنّ الجيش السوري النظامي يفقد السيطرة بشكل متزايد على الأرض في سوريا. وقال عبد الوهاب، في قرية أطمة القريبة من الحدود التركية، وآمر كتيبة من 850 رجلاً «نسيطر على القسم الأكبر من البلاد. وفي معظم المناطق الجنود يبقون داخل ثكنهم. لا يخرجون إلا لفترات قصيرة، ونحن نتحرك كما نريد في كل الأماكن تقريباً، باستثناء دمشق». وأضاف «يكفي تجنّب الطرقات الرئيسية، وبالتالي نتنقل كما نشاء». كما رأى أنّه «لو كانت لدينا مضادات للطيران وللدبابات فعالة، لتمكنّا سريعاً من التقدم، لكن الدول الخارجية لا تقدم لنا هذه المعدات، وحتى بدونها سننتصر. سيكون ذلك أطول، هذا كل ما في الأمر».
ويأتي إعلان «الجيش الحر» بنقل مقرّه، فيما تدور نزاعات داخله وخاصة بين القيادة المركزية التي أقيمت في تركيا قبل أكثر من عام ويقودها رياض الأسعد، والقيادة الداخلية التي يقودها العقيد المنشق قاسم سعد الدين.
في موازاة ذلك، قصفت طائرات عسكرية سورية مواقع عدة للمقاتلين المعارضين، وخصوصاً في حمص ودير الزور، حسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأضاف المرصد إنّ الطائرات العسكرية قصفت مواقع في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق في محافظة دير الزور، تزامنت مع نشوب معارك في عدد من أحياء المدينة. ولفت المرصد إلى أنّ المقاتلين المعارضين يحاولون السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية في محافظة دير الزور، وكذلك على مطار حمدان العسكري القريب، معتبراً أنّ «سيطرتهم على هذه المدينة ستوجّه ضربة قاسية للنظام».
وفي حمص، قصف الجيش السوري بالطائرات والمدفعية الثقيلة المناطق المحيطة بأحياء جوبر، والسلطانية، وبابا عمرو. كما قصفت الطائرات جبل الأكراد في محافظة اللاذقية، حسب المرصد. وأضاف المرصد إنّ القصف أدّى إلى انهيار عدد من المباني في محافظات إدلب وحماه ودرعا.
وفي حلب، اندلعت معارك في العديد من أحياء المدينة، إلّا أنّها كانت أقلّ عنفاً من الأيام السابقة، فيما أطلق المعارضون قذائف هاون من حيّ بستان القصر على حيّ الجميلية الواقع تحت سيطرة القوات النظامية. وفي ريف دمشق، أصيب عدد من الأشخاص، بينهم نساء، نتيجة تعرض بلدات عدة لقصف من القوات النظامية السورية.
من جهتها، ذكرت السلطات التركية أن قذائف هاون سقطت بين قريتي أريجان وغل ورن الحدودية من جرّاء الاشتباكات التي تدور بين الجيش النظامي و«الجيش السوري الحر» في قرية تل أبيض السورية.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن عبد الحكيم أيهان، رئيس بلدية أقجة قلعة، قوله في بيان، إن اشتباكات تدور في قرية تل أبيض التابعة لمحافظة الرقة شمال سوريا، ولا سيّما بعد سيطرة مقاتلي المعارضة على معبر تل أبيض الحدودي المقابل لمعبر «أقجه قلعة» الحدودي التركي، واستيلائهم على مديرية الأمن ومبنى تابع للمخابرات السورية. وأضاف أيهان إن «قذائف هاون سقطت في منطقة بين قرى أريجان وغل ورن الحدودية مع سوريا، وأصيب سكان المنطقة بالهلع، فيما هرعت قوات الأمن إلى المكان للوقوف على الحادث». ولم ترد أنباء عن سقوط إصابات أو ضحايا من جرّاء هذه القذائف.
إلى ذلك، أعلن القيادي في التيار السلفي الجهادي في الأردن، محمد الشلبي، الملقب بـ«أبي سياف»، يوم أمس، أنّه أرسل أربعة من أنصاره إلى سوريا للجهاد ضد الجيش السوري النظامي. وقال أبو سياف لوكالة «يونايتد برس انترناشونال» إنّ «4 إخوة لنا في التيار السلفي الجهادي غادروا إلى سوريا يوم الجمعة، وتلقينا نبأ وصولهم إلى مدينة درعا بالسلامة». وأشار أبو سياف إلى أن «بعض الإخوة يذهبون إلى سوريا بصورة منتظمة، والبعض الآخر بصورة شخصية».
بدوره، قال القيادي البارز في التيار، عبد شحادة الملقب بأبي محمد الطحاوي، خلال حفل تأبيني لأحد أعضاء التيار، قتل الأسبوع الماضي في إدلب خلال مواجهات مع الجيش السوري، إنّ «أيّ مكان فيه انتهاك لحرمات المسلمين وأعراضهم، فإن السلفيين الجهاديين سيهبّون للدفاع عنه».
سياسياً، يعوّل الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والوسيط الدولي في سوريا، الأخضر الابراهيمي، على العديد من القادة الذين سيشاركون في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل لإيجاد الوسائل الكفيلة بتحسين الوضع الإنساني في هذا البلد.
وجاء في بيان للأمم المتحدة، نشر بعد محادثات بين بان والابراهيمي، أول من أمس في نيويورك، أن هذا التجمع الدبلوماسي الكبير بإمكانه أنّ «يقدم دعماً كبيراً من أجل معالجة الأزمة الإنسانية الخطيرة في سوريا وتأثيرها على الدول المجاورة». وقدّم الابراهيمي تقريراً إلى الأمين العام عن زيارته الأخيرة لدمشق، وهو سوف يتحدث أمام مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين.
وأضاف البيان إن الرجلين يعتبران أنّ «الأزمة التي تتفاقم في سوريا تمثّل تهديداً متصاعداً للسلام والأمن في المنطقة». وأشار البيان إلى أنّ محادثاتهما تركّزت على «الوسائل الكفيلة بالردّ على العنف الخطير في سوريا، وعلى التقدّم نحو حلّ سياسي شامل يتجاوب مع المطالب الشرعية للشعب السوري».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)