القاهرة | لولا تلك النسبة التي حصل عليها حمدين صباحي، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية (حوالى 17 في المئة)، والتي أوصلته الى المركز الثالث في الجولة الأولى بعد الرئيس محمد مرسي وأحمد شفيق، ما كان ليقف الرجل الخمسيني الوسيم في ساحة ميدان عابدين في وسط القاهرة قبل يومين، بين جماهيره، مستلهماً ذكرى الزعيم التاريخي أحمد عرابي في المكان نفسه، حين واجه الخديوي توفيق بشعار «لن نستعبد بعد اليوم». بدا صباحي مدركاً لما تعنيه تلك النسبة من الأصوات على صعيد شعبيته التي مكّنته من التربع تلقائياً على قمة «التيار الشعبي»، وسمحت بتقمص أداء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خطابه الذي اعتمد على عبارات ناصر الشهيرة من قبيل «أيها الإخوة» و«الشعب هو المعلم والقائد».
هكذا بات صباحي في القلب، وفي فلكه يدور «التيار الشعبي». وإن كان من المبكر الجزم بهذه الخلاصة، لكن حديث أمين إسكندر، القيادي في التيار الشعبي وفي حزب «الكرامة» الناصري، يشي بذلك، رغم انضمام العشرات من الوجوه السياسية والفنية ذات الشعبية الكبيرة للتيار الشعبي، شأن أحمد حرارة، أحد أشهر مصابي الثورة، ومحمد غنيم والشاعرين البارزين زين العابدين فؤاد وسيد حجاب والممثلة شريهان.
ويقول إسكندر، عضو مجلس الشعب المنحل، لـ«الأخبار»، إن «التيار الشعبي هو تحالف سياسي بغرض التواصل مع من صوّتوا لمرشح الرئاسة حمدين صباحي، سواء كانوا من الحزبيين أو من أولئك الذين يتجنبون الانضمام إلى الأحزاب عادة ويتمسكون بصباحي رمزاً لهم». ويضيف أن «التيار الشعبي لن يكون مكترثاً جداً بالسياسة التي ستحتل آخر درجة في سلم أولوياته لحساب قضايا العمل الاجتماعي المباشر، كحماية البيئة وتأسيس شركات صغيرة تحمي أهالي الأحياء الفقراء من البطالة، وتشكيل أطر تنظيمية لكل تلك الجماهير التي ترفض التحزب. ويمكن مثلاً القيام بمحاولة ضم مئة على الأقل في كل قرية أو حي، وإجراء انتخابات تؤدي إلى اختيار 11 قيادياً في المنطقة، على نحو يقصر التراتب التنظيمي على مستويين، بخلاف ما هو سائد في الأحزاب». ويتابع «بينما تضطلع الجبهة الوطنية المتحدة التي يدعو حمدين لتأسيسها، والتي ستضم عدداً من الأحزاب منها الكرامة والدستور والمصري الديموقراطي الاجتماعي والتحالف الشعبي الاشتراكي، بهذا الدور السياسي والانتخابي».
وفي حين اعتمدت الدعاية المصاحبة لمولد التيار الشعبي على العدالة الاجتماعية، ومنها ما نص عليه البيان التأسيسي للتيار من الدعوة الى «ﻋﺪﺍﻟﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﺟﺘﻤﺎعي ﺟﺬﺭي، ﺃﺳﺎﺳﻪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ، ﺗﻀﻤﻦ ﺗﻜﺎﻓﺆ ﺍﻟﻔﺮﺹ ﻭﻛﻔﺎﻳﺔ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﻭﻋﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ»، إلا أن إسكندر يقول إن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للتيار لا يزال قيد الإعداد.
واللافت أن حزب «الكرامة» كان ضلعاً من أضلع التحالف الديموقراطي في الانتخابات البرلمانية السابقة، وهو التحالف الذي أسّسه ودعا إليه حزب «الحرية والعدالة»، لكن خطاب صباحي، الذي كان وكيلاً لمؤسسي «الكرامة»، اعتمد على الدعوة الضمنية لمواجهة نفوذ التيارات الاسلامية، وخصوصاً على صعيد صياغة الدستور الجديد.
من جهته، قلل هشام جودة، عضو الهيئة العليا لحزب «الحرية والعدالة»، من حجم التحدي الذي قد يواجهه حزبه في انتخابات مجلس الشعب القادمة، قائلاً لـ«الأخبار» إن «التيار الشعبي عليه أن يتحلى بما يتحلى به الإخوان المسلمين من قدرة على النفاذ إلى الناس، لا أن يقتصر على مخاطبة القنوات الفضائية، وإلا فلماذا لم يعلن برنامجه بوضوح».