القاهرة | لم تجد المحكمة الإدارية العليا في مصر رداً على تصريحات قياديي جماعة الإخوان المسلمين، التي رددوها على مدار شهر كامل بعودة مجلس الشعب بحكم قضائي، أبلغ من إصدار خمسة أحكام قضائية تؤكد زوال الوجود القانوني لمجلس الشعب. المحكمة كذبت كافة تنبّؤات الإخوان المسلمين، وأكدت أن عودة مجلس الشعب أشبه بالمستحيلات الثلاثة. فالكلمة الأولى والأخيرة حسب المحكمة الإدارية في أمر مجلس الشعب هي كلمة المحكمة الدستورية العليا، التي أصدرتها في حكمها الصادر في 14 حزيران الماضي. المحكمة الإدارية العليا لم تكتف بشهادة وفاة مجلس الشعب صاحب الأكثرية الإخوانية، بل أكدت كذلك أحقية أعضاء الحزب الوطني المنحل في الترشح للانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المقبلة. وبهذا القرار تجبر المحكمة الجماعة على العودة إلى الوراء. فبعدما كانت الجماعة تستعد لبدء التوقيت الرسمي لقيام دولة الإخوان بعودة مجلس الشعب إلى جانب الشورى، وضمان هيمنة الجماعة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلى جانب استمالة جزء من السلطة القضائية، أجبر حكم الإدارية العليا الجماعة على إعادة ترتيب أوراقها والاستعداد لانتخابات برلمانية جديدة. لكن هذه الانتخابات قد تكون كفيلة بحرمان الجماعة من السيطرة على البرلمان بغرفتيه ومن ثم عدم التحكم في السلطة التشريعية في مصر، ولا سيما في ظل تهديد القضاء للجمعية التأسيسية أيضاً. وتباينت مواقف الجماعة إزاء هذا التطور. وبعدما كان أعضاء الجماعة يرددون تصريحات يؤكدون خلالها عودة البرلمان بحكم قضائي بمجرد صدور حكم حل مجلس الشعب، تحدث بعض قياديي الجماعة عقب صدور قرار الإدارية عن احترام أحكام القضاء. وأكدوا أن هدفهم من السعي وراء عودة مجلس الشعب كان عدم إهدار المليارات التي صرفت على العملية الانتخابية.
أما حزب «الحرية والعدالة»، الناطق بلسان جماعة الإخوان المسلمين، فأصدر بياناً ينتقد فيه حكم الإدارية العليا بحل البرلمان ويصفه بالمفاجئ. وأكد أنه سيقوم باتخاذ الإجراءات القانونية لإلغاء هذا الحكم، قبل أن يتبخر كل هذا الكلام بعد مرور أربع وعشرين ساعة، إذ تغيّرت لهجة قياديي الجماعة فجأة. وبدا في الأفق أن الجماعة ستتخلى عن معركة إعادة البرلمان في سبيل خوض معركة جديدة تتمثل في عدم المساس بالجمعية التأسيسية والدستور المقبل الذي من شأنه أن يضم مواد دستورية تسمح للجماعة بالعودة إلى مكانها المفضّل في البرلمان، سواء في مجلس الشعب أو الشورى. وحسب عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، سعد عمارة، فإن الحزب سيستعد للانتخابات المقبلة على أمل أن يحقق النسبة التي حققها في الانتخابات الماضية.
وبالتزامن مع هذا الموقف، أعلن مستشار الرئيس محمد مرسي، سيف عبد الفتاح، أن قانون الانتخابات البرلمانية الجديد ستبدأ مناقشته وإجراء حوار مجتمعي بشأنه عقب عودة مرسي من زيارة الولايات المتحدة الأميركية. وبدت تصريحات مستشار الرئيس غير منطقية من الناحية القانونية، إذ لا يمكن حسب خبراء القانون الدستوري أن يتم إمرار قانون انتخابات مجلس الشعب قبل الانتهاء من الدستور الذي سيحدد نظام الانتخابات.
والروح الرياضية لقيادي الجماعة بشأن حل البرلمان لا تسري على التأسيسية. وخرجت تصريحات عن عدد من قياديي الجماعة على شاكلة «لا يجوز لأي جهة المساس بالجمعية التأسيسية». وقال مصدر في الجماعة، رفض ذكر اسمه لـ«الأخبار»، إنه «في ما يتعلق بالتأسيسية نحن على يقين بعدم استطاعة القضاء الإداري التصدي لها، وإصدار حكم قضائي آخر بحلها، لأنه وقتها الرئيس مرسي سيتدخل ويحسم الأمر لصالحنا».
إلا أن دوافع قادة الجماعة لتبرير عدم المساس بالجمعية التأسيسية والأغلبية الإخوانية داخلها، قد لا تجد صدى عند محكمة القضاء الإداري، التي من المقرر أن تصدر اليوم حكماً يتعلق بالدعاوى المنظورة أمامها لحل الجمعية التأسيسية الحالية وإعادة تشكيلها، بما يضمن تمثيل كافة فئات المجتمع المصري وأطيافه.
ومن المقرر أن تنظر إحدى دوائر القضاء الإداري اليوم في دعوى كان قد تقدم بها عدد من محامي الجماعة لإبعاد تشكيل الدائرة التي سبق أن أصدرت حكماً بحل الجمعية التأسيسية الأولى التي ترأسها رئيس مجلس الشعب المنحل محمد سعد الكتاتني. وبناءً على هذا الحكم، من المقرر أن يتم تحديد المحكمة التي ستنظر في الدعاوى. وحسب مصدر قضائي، من المقرر أن تصدر محكمة القضاء الإداري حكماً يتعلق بالتشكيل الحالي للجمعية التأسيسية في مطلع شهر تشرين الثاني المقبل.