في أجواء التوتر التي نتجت عن المواقف الحادة للطرفين الإسرائيلي والأميركي، في سياق السجال حول فرض خطوط حمراء واضحة ومحددة على إيران، اندفع المسؤولون الإسرائيليون إلى الهرولة باتجاه العاصمة الأميركية، في محاولة لتبديد أزمة الثقة التي تفاقمت بين الطرفين ومحاولة التوصل إلى تفاهم مع البيت الأبيض يعبّد الطريق أمام عقد لقاء بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة «معاريف» عن أن رئيس مجلس الأمن القومي اللواء احتياط، يعقوب عميدرور، «توجه سراً إلى الولايات المتحدة، والتقى هناك في اليومين الأخيرين كبار المسؤولين في البيت الأبيض، بهدف التوصل إلى تفاهم معين حول الخطوط الحمراء التي يجب وضعها للبرنامج النووي الإيراني». على خط مواز، كان وزير الدفاع ايهود باراك، قد التقى سراً رئيس بلدية شيكاغو، المُقرّب جداً من الرئيس أوباما، رام عمانويل، الذي سبق، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، ان طلب باراك عبره عقد لقاء أو «زيارة خاطفة» للرئيس الأميركي. وبالرغم من أن الزيارة تم وضعها ضمن إطار المساعي الإسرائيلية لتهدئة التوتر مع البيت الأبيض، إلا أن هناك في إسرائيل من يعتقد بأن الحوار الذي تم بين عمانويل وباراك، تمحور حول مواضيع سياسية داخلية إسرائيلية، متهمين وزير الدفاع بأنه قلق على مستقبله السياسي، وأن لقاءاته لا تقتصر فقط على محاولة تسوية الخلافات بين تل ابيب وواشنطن.
في هذه الأجواء، أكدت مصادر سياسية أن نتنياهو ومقرّبيه يتعاطون مع باراك باعتباره طعن رئيس الوزراء في ظهره، خاصة بعد انتقاده العلني له في سياق سجاله مع البيت الأبيض، ونتيجة لرفض مكتب نتنياهو التطرق للقاء بين باراك وعمانويل، الذي ليس واضحاً لحد الآن ما إن كان رئيس الوزراء على علم مسبق بأصل اللقاء السري الذي استمر أقل من ساعة.
في كل الأحوال، أكدت «معاريف» أن مساعي عميدرور وباراك، تهدف إلى تبديد الخلافات حول الخطوط الحمراء على ايران، والتي شكلت محور الخلاف بين اوباما ونتنياهو، ومحاولة إضفاء مضمون حقيقي على مكالمة أوباما الهاتفية مع رئيس الوزراء الاسبوع الماضي، وطمأنة أوباما إلى أنه في حال وافق على اللقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، لن يفاجئه الأخير بأي تصريح «كفاحي»، وهو آخر ما يحتاج إليه في اجواء الانتخابات الرئاسية.
ونقلت «معاريف» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «الجهود تنصبّ الآن لخلق بنية تحتية من الثقة لبيان مشترك يصدر عن اللقاء بين الرجلين، ويمكن للزعيمين أن يتعايشا معه». ولفتت الصحيفة الاسرائيلية إلى أن الخلاف بين الطرفين الإسرائيلي والأميركي عميق إلى درجة قد لا تكون مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي لعقد لقاء مع أوباما إلا لأغراض الصورة فقط. وبحسب المصدر الإسرائيلي أيضاً «إذا ما عقد اللقاء في نهاية المطاف، فإن ذلك كفيل بأن يؤدي إلى تواصل الحوار البنّاء بين إسرائيل والولايات المتحدة حول الخطوط الحمراء.. وعليه فإن عقده هام جداً».
أما المصادر الأميركية فقد أوضحت لـ«معاريف»، بأن «رئيس الوزراء يحتاج إلى هذا اللقاء أكثر من أوباما، الذي حقق فارقاً كبيراً مع رومني، وفي حال رفض عقد اللقاء فسيكون ذلك فشلاً لصورة نتنياهو، أما بالنسبة لأوباما فإن هامش الربح ضيق جداً».
في السياق نفسه، حاول نائب وزير الخارجية داني ايالون، الموجود في نيويورك للمشاركة في مؤتمر الدول المساهمة للسلطة الفلسطينية، تبديد الصورة التي تبلورت حول أن إسرائيل تحاول دفع الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مع إيران، متذرّعاً بأن كلاً من واشنطن وتل ابيب تملكان نفس النظرة إلى الخطر الذي يمثله البرنامج النووي الايراني، فضلاً عن أنهما مصممان على وقفه. وحاول أيالون إلقاء التهمة على الإعلام الذي رأى أنه ضخَّم سوء الفهم بين الطرفين الأميركي والاسرائيلي، مشدداً على ان إسرائيل «لا تتدخل في الانتخابات الأميركية، ولا تميز بين الجمهوريين والديموقراطيين».
من جهة أخرى، أكد رئيس المعارضة الإسرائيلية، وحزب كديما، شاؤول موفاز، أن «إسرائيل لن تهاجم إيران خلال السنة المقبلة، وان من المهم مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية بقيادة الولايات المتحدة».
الى ذلك، أكدت دراسة صادرة عن جامعة «ستانفورد» الأميركية، عدم امتلاك إسرائيل القدرة التي تُمكِّنها من تدمير المنشآت النووية الإيرانية، مشيرة إلى العديد من نقاط الضعف التي تعاني منها القدرات الإسرائيلية سواء لجهة عدم امتلاكها القنابل القادرة على تدمير منشأة «فوردو» تحت الأرض، أو العدد الكافي من الطائرات المزودة للوقود في الجو، خاصة وان سلاح الطيران مضطر إلى العبور فوق دول معادية في الطريق إلى إيران.
وأضافت الدراسة أن هناك صعوبات أخرى، لا تقل أهمية، تعترض إسرائيل، منها المسافات الطويلة في إيران، وخصوصاً أن هناك ثمانية أهداف ينبغي تدميرها في إيران، من بينها مفاعل المياه الثقيلة في آراك، الوحيد الذي يمكن الوصول إليها من إسرائيل، دون التزود بالوقود.
وفي هذا المجال تواجه إسرائيل مشكلة مركزية، خاصة في ظل حقيقة امتلاكها عدداً محدوداً من الطائرات القادرة على القيام بهذه المهمة. ولفتت الدراسة إلى أنه بالرغم من أن منظومات الدفاع الجوي الايراني غير حديثة، إلا أنها ما زالت تشكل خطراً على الطائرات الإسرائيلية.
وخلصت الدراسة إلى ان إسرائيل لا تملك القدرة على تدمير كل المنشآت النووية الإيرانية، وتعتقد بأن الجيش الإسرائيلي سيختار عددا من المنشآت الثماني الأساسية لاستهدافها، كما سيحاول تدمير مفاتيح أساسية في السلسلة النووية الإيرانية.