تحطمت مروحية تابعة للجيش السوري النظامي في منطقة ريف دمشق، في حين قتل عشرات الأشخاص في انفجار محطّة للوقود في محافظة الرقّة، فيما بدأ ممثلون عن مجموعة «أصدقاء الشعب السوري»، اجتماعاً في لاهاي يهدف إلى تشديد العقوبات على النظام السوري، بينما اتّهم رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أطرافاً خارجية بإهدار دم السوريين. وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان بأنّ ما لا يقلّ عن 54 شخصاً قتلوا وأصيب العشرات عندما أصاب قصف جوي محطة للوقود في محافظة الرقة.
وفي دمشق، قتل ثلاثة أشخاص واعتقل العشرات «اثر اقتحام القوات النظامية حديقة فلسطين في مخيم اليرموك»، بحسب ما ذكر المرصد الذي أشار إلى تواجد نازحين من حيّ الحجر الأسود في المخيّم.
وأعلن المجلس الوطني السوري الأحياء الجنوبية من العاصمة «مناطق منكوبة». وقال في بيان إن «ما يجري في حي الحجر الأسود يتكرّر في أحياء دمشق الجنوبية: القدم، والعسالي، والتضامن ومخيم اليرموك»، مطالباً العالم بـ«العمل على وقف القصف فوراً، والسماح بدخول الصليب الأحمر واسعاف الجرحى». كذلك ناشد البيان «أبطال الجيش الحر التدخل واستهداف كتائب الأسد المتوزعة في الثكن العسكرية القريبة للتخفيف عن المدنيين المتبقين، وفتح ثغرة تمكنهم من النزوح إلى الأحياء المجاورة».
وفي حلب، تعرضت أحياء عدة لقصف عنيف لا سيّما في جنوب المدينة، بحسب المرصد الذي أشار إلى أنّ حيّ بستان القصر يتعرض لقصف «هو الاعنف حتى الآن منذ بداية الثورة». وأفادت وكالة «فرانس برس» عن مصدر عسكري بأنّ القوات النظامية استهدفت «تجمعاً لمسلحي المعارضة في منطقة بستان القصر ومنطقة بستان الزهراء المجاورة لها». وأفاد المصدر بقيام «سلاح المدفعية في الجيش السوري باستهداف تجمع كبير لمسلحي المعارضة في محيط جامع جمال في حيّ الكلاسة». وتعرضت أحياء المرجة، والصالحين، والفردوس في جنوب المدينة للقصف بحسب المرصد.
من جهة ثانية، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن تحطّم المروحية التابعة للجيش النظامي في منطقة ريف دمشق نتج من ارتطامها بذيل طائرة مدنية. وأكدت الوكالة أن الطائرة المدنية، التي كان على متنها 200 شخص، حطّت بسلام في مطار دمشق الدولي، بينما نقل المرصد السوري لحقوق الانسان عن ناشطين انّ «طائرة مروحية سقطت في تل الكردي بنيران الكتائب الثائرة المقاتلة».
سياسياً، اعتبر رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، أن انشاء حكومة انتقالية في سوريا يقرّه شعبها، واتهم أطرافاً خارجية بإهدار دم السوريين وتعميق مشاكل بلدهم بدلاً من العمل على حلّها. وقال لاريجاني، في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، «أعتقد أن المشكلة في سوريا هي أن هناك عملية يراها الكلّ وعملية أخرى تجري وراء الستار، فالحكومات الغربية تصرّ ظاهرياً على أنها تريد السلام ووقف القتل». وأضاف «لكن منذ انطلاق جهود كوفي أنان لإيجاد حلّ والأسلحة تتدفق على سوريا ويفتخر بعض الدول بالإعلان عن تقديم الأسلحة وتوفير المال، فكيف يمكن أن يكون هناك سلام؟ ولهذا السبب استقال أنان من منصبه لاعتقاده بأن بعض الدول تساهم في المشاكل بدلاً من محاولة حلها».
وأضاف «من الخطأ أن تدعو دول إلى تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة، فهل ستكون هذه الدول سعيدة في حال اتخذ آخرون قرارات مشابهة عنها وأي نوع من السلوك هذا؟ ومثل هذا الأمر يجب أن يتقرر من خلال الانتخابات، لأنه لا معنى بالنسبة للدول الأخرى، سواء أكانت الولايات المتحدة أم دول المنطقة، لأن تقرر بأن شخصاً آخر لا ينبغي أن يكون في السلطة». وشدّد على أن التغيير في أي دولة «يجب أن يحصل من خلال أصوات الشعب وليس عن طريق دول أخرى ترسل الأسلحة وتتخذ القرارات بالنيابة عنها من أجل السلام».
من جهته، أعلن وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر أن العملية السياسية في سوريا قد بدأت، وأن نتائجها ستظهر في الأيام المقبلة.
ونقلت وكالة «سانا» عن حيدر، قوله في مؤتمر صحافي عقده في دمشق، أن «إعادة الأمن والأمان هي المدخل نحو تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين في المناطق التي شهدت أعمال عنف من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة». وتابع أن «هناك خطة عملية بالإمكانات المتاحة لإعادة الحياة إلى المناطق المطهرة وتحسين البنى التحتية فيها، وتقديم المساعدات المالية والسلل الغذائية للمواطنين العائدين إليها». وأكد حيدر على الاستعداد لتسوية أوضاع كلّ مواطن تورط بالأحداث الأخيرة، بمن فيهم من حمل السلاح من الراغبين بتسوية أوضاعهم من داخل سوريا أو خارجها لإعادتهم إلى الحياة الطبيعية.
في موازاة ذلك، بدأ ممثلون عن مجموعة «أصدقاء الشعب السوري»، التي تضمّ حوالي ستين بلداً والجامعة العربية، اجتماعاً في لاهاي لتشديد العقوبات على النظام السوري وتفعيلها. وقال وزير الخارجية الهولندي يوري روزنتال، في خطابه الافتتاحي، «نحن في حاجة إلى تنفيذ صارم، وبذلك يمكننا أن نمضي قدماً». وأضاف روزنتال أنّ «النظام وحلفاءه يحاولون الالتفاف على العقوبات، ولذلك فإنّه يتعيّن علينا العمل معاً مع شركاء خاصّين وعامين من أجل تبادل المعلومات». وحضر اجتماع لاهاي خبراء في القطاع المالي ليناقشوا مع الدبلوماسيين امكان تشديد العقوبات المالية مثل تجميد الأرصدة.
وأضاف الوزير أنّ «المسألة ليست هل سيرحل (الأسد) بل متى؟».
في سياق آخر، طالب الاتحاد الأوروبي بكين ببذل مزيد من الجهد في مجلس الأمن للمساهمة في حلّ الأزمة في سوريا. وقال رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، في بيان مشترك عقب انتهاء أعمال القمة الأوروبية ــ الصينية في بروكسل التي حضرها رئيس الوزراء الصيني وين جياباو، «لقد أكدنا لرئيس الحكومة وين قلقنا الكبير من التصعيد الحاصل في الأزمة، وأهمية العمل كلنا معاً للمساعدة في حلّ الوضع وجلب الاستقرار والسلام الدائمين إلى البلاد وشعبها». وأشارا إلى أن الوضع في سوريا «تطوّر إلى مأساة إنسانية مرعبة».
إلى ذلك، اعتبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي ألكسي بوشكوف أن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد سيؤدي إلى إقلاق الانسجام القائم بين الأديان في البلاد. ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن بوشكوف، قوله إن «سوريا طالما كانت نموذجاً للتعايش بين مجتمعات إثنية ودينية متنوعة». وأضاف «مهما انتقدنا الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، والرئيس الحالي بشار الأسد، لا يمكننا إنكار أن سوريا كانت أحد البلدان القليلة التي لم ينشأ عن تنوعها نزاعات دامية». وأعرب عن اعتقاده بأنّ «الأشخاص الذي يدلون بتصريحات تطالب بسقوط الأسد لتصبح سوريا بعدئذٍ دولة ديموقراطية ومزدهرة إمّا يعتبروننا حمقى، أو أنهم هم الحمقى، أو أن لديهم جدول أعمال مخفياً».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)