القاهرة | ... وأصبح لنائب رئيس الجمهورية صلاحيات، بعدما كُلف الرجل بمنصبه دون أن يعرف ما هي اختصاصاته أو صلاحياته في منصبه الجديد. القرار الجمهوري الرقم 103 لسنة 2012 والخاص بتعيين المستشار محمود مكي نائباً لرئيس الجمهورية، صدر في 12 آب الماضي، ولم ينص في حينه على أي صلاحيات له. أمس فقط جرى تحديدها. ووفقاً للقرار الرئاسي، فإن من أبرز المهمات التي أُسندت إلى نائب الرئيس إصـدار القرارات واتخاذ الإجراءات التي تقتضيها الضرورة، «حال قيام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية اختصاصاته»، على أن لا يشمل ذلك التوكيل طلب تعديـل الدستور، أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشورى، أو إقالة الوزارة. كذلك منح نائب الرئيس صلاحية إصـدار القرارات واتخـاذ الإجراءات التي يفوضه بها رئيس الجمهورية في حالة وجوده خـارج البـلاد. ويحق له أيضاً الاطلاع على مشروعات القوانين والقرارات التي تقترحها الجهات المختصة، ودراستها وإبداء الرأي بشأنها لرئيس الجمهورية.
ومنح القرار نائب الرئيس الحق في تكليف أجهزة الدولة المركزية والمحلية والرقابية بإفادته بأية بيانات أو معلومات أو إحصاءات يطلبها منها، كما نصت صلاحياته على أن له الحق في أن يكلف تلك الجهات أو غيرها إبداء الرأي شفاهةً أو كتابةً في ما يعرض عليه. وأسند رئيس الجمهورية إلى نائبه قيادة مشروع الإصلاح التشريعي «بما يكفل استقلال القضاء وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات بما يحقق أهداف ثورة 25 يناير ويؤسس لبناء الدولة الحديثة». وأكد الاعلان الرئاسي، أن مرسي كلف نائبه «الإشراف على الحوار الديموقراطي بين أطياف الأمة، والقوى السياسية»، والإشراف على رعاية الحقوق والحريات الدستورية، ومراقبة احترامها من كافة أجهزة الدولة. هذا فضلاً عن معاونة رئيس الجمهورية في إدارة وتوجيه ومتابعة أعمال مساعدي ومستشاري رئـيس الجمهورية، وتمثيل الرئـيس في المهمات التى ينيبه فيها.
ورأى عدد من خبراء القانون، أن ترك تحديد صلاحيات نائب رئيس الجمهورية بيد الرئيس وعدم النص عليها في الدستور الجديد للبلاد، يجعل من الرئيس «فرعوناً جديداً»، إذ إن الرئيس لن يمنح نائبه صلاحيات حقيقية حتى لا يظهر أمام الرأي العام، كأنه بديل للرئيس.
ورأى نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار محمود ذكي، أن مرسي تعمد إصدار صلاحيات لنائبه من خلال قرار جمهوري لا يرتقي إلى مرتبة التشريع، فلم يصدر قانوناً، بل اكتفى بقرار جمهوري يمكن تعديله في أي وقت. ولفت ذكي إلى أنه في عهد جمال عبد الناصر ونائبه أنور السادات والسادات ونائبه حسني مبارك كان نائب الرئيس مجرد منصب شرفي يعمل كظل للرئيس، يكون حينما يكون ولا يوجد نص قانوني أو دستوري يحدد صلاحياته. أما مرسي، فتعمد تحديد صلاحيات لنائبه تجعله في المواجهة مع كافة القوى والتيارات السياسية من ناحية، ومع السلطة القضائية من ناحية أخرى. وأوضح أنه إذا أصدر مرسي تشريعاً خاصاً بالسلطة القضائية لا يرضي القضاة، فستكون المواجهة مع نائب الرئيس لا مع الرئيس نفسه، رغم أنه مصدر التشريع. ولفت مكي إلى أن الرئيس يستطيع من خلال الصلاحيات الفضفاضة، التي أوكلها إلى نائبه أن يقوم بدور المخلص الذي يستجيب لمطالب المواطنين ويتراجع عن القانون الذي أصدره نائبه.
ولا تزال مسألة النص على صلاحيات نائب رئيس الجمهورية في الدستور محل نقاش داخل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وإن كان الاتجاه الأغلب منها يرى عدم النص عليها وترك الأمر برمته في يد رئيس الجمهورية.