دمشق | منذ عام ونصف العام، تحولت سوريا إلى مسرح لأحداث لاهبة سرعان ما انحدرت بواقع البلد إلى سلسلة من الانقسامات الحادة في الرأي ذهب باتجاه مزيد من التفرقة والتنازع بين مؤيدي النظام ومعارضيه، إضافة إلى فتح جبهات التناحر الطائفي المقيت. لكن مع ذلك اتفق الكثير من السوريين على أحداث معينة اعتبرت نقاطاً مفصلية لمّت شمل آرائهم وإن كان بشكل مؤقت. فقد استشاط غضباً كل من سمع بعض الممثلين السوريين يطالبون بإعادة قانون الطوارئ بعد إلغائه، كذلك أجمعت غالبية المشاهدين على وقاحة تلفزيون «الدنيا» عندما عرض تقرير المذيعة ميشلين عازر عن مجزرة داريا الشهر الماضي. أما الآن فقد تكثفت جهود بعض الناشطين للدعوة إلى مليونية الإنقاذ السورية غداً السبت، على أن تجمع شباباً سوريين موالين ومعارضين يلتقون عند الرغبة الأكيدة في رفض القتل، على أن يطلقوا اعتصاماً مفتوحاً إلى حين وقف إطلاق النار من جميع الأطراف، وإنهاء شلال الدم، كما يطالبون بعودة الجيش إلى ثكنه، بعد أن يرمي المسلحون أسلحتهم ويغادر «المجاهدون» الأجانب الأراضي السورية. هكذا، تطرح المبادرة الشبابية المستقلة شروطاً مشابهة لعدة مبادرات سبق لجهات سورية إطلاقها من دون أن يحالف النجاح أياً من تلك المبادرات. وأعلنت المليونية من خلال صفحة رسمية على «فايسبوك» تصدرتها جملة تقول «موال ومعارض معاً لوقف إطلاق النار الفوري من جميع الأطراف وتطبيق القانون». وقد وصل عدد المشاركين في هذه الصفحة إلى نحو 6 آلاف مشارك فقط. وبينما كان مقرراً أن يطلق الاعتصام في ساحة الأمويين ويرفع العلم السوري إلى جانب علم الانتداب الفرنسي «علم الثورة»، فقد تم إلغاء المكان بعدما رفضت الجهات الحكومية أن تشهد ساحة الأمويين في قلب دمشق هذا الحدث. كذلك رفضت شخصيات بارزة ضمن النظام والمعارضة المسلحة فكرة رفع العلمين أحدهما إلى جانب الآخر، بحسب ما أفادت مصادر إعلامية «الأخبار». وأضافت المصادر أن «المسؤول عن إطلاق هذه المبادرة اضطر إلى مغادرة سوريا بعد أن وصلته تهديدات عديدة».
يأتي ذلك رغم تأكيد وزير التجارة الداخلية، نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية، قدري جميل، التأييد المطلق لهؤلاء الشباب، على أن يكون نشاطهم بارقة أمل في بدء حوار حقيقي، بحسب ما أكد لإذاعة «شام إف إم» السورية.
إذاً، ضمن المعطيات الواقعية، لن ينطلق اعتصام مفتوح نهار غد في ظل تردي الأوضاع الأمنية في دمشق، لكن المؤكد أن المبادرة ستستمر على أمل أن تجمع أكبر عدد ممكن من السوريين الذين يدعمون وقف العنف.