القاهرة | «زمن الإخوان لم يأت بعد، ولكن عندما يكون الرئيس ومجلسا الشعب والشورى والمحافظون والوزارات إخواناً، فهنا يمكننا القول إننا في زمن الإخوان»، هذا ما قاله المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف. وبالفعل لم يبق أمام بدء التأريخ لزمن الإخوان المسلمين في مصر سوى عودة مجلس الشعب المنحل. فبعد ثلاثة أشهر من حل البرلمان، صاحب الأكثرية الإخوانية بموجب حكم صادر عن المحكمة الدستورية العليا، أعلى جهة قضائية في مصر، وفشل محاولات الرئيس محمد مرسي في إعادته بقرار جمهوري، خرج قياديو جماعة الإخوان على مدار 3 أيام بتأكيدات بعودة البرلمان المنحل، بحكم قضائي مواز لحكم الدستورية، صادر عن المحكمة الإدارية العليا، بالرغم من أنها أدنى قضائياً من المحكمة الدستورية العليا.
تأكيدات الجماعة قابلتها تصريحات لرئيس الوزراء هشام قنديل، خلال لقائه وفد رجال الأعمال الأميركي وشركات التجارة الأميركية أمس، أشار فيها إلى أن «مرسي أعطى توجيهاته ببدء الانتخابات البرلمانية نهاية هذا العام».
ورغم أن تصريحات قادة الجماعة، وفي مقدمهم رئيس مجلس الشعب المنحل محمد سعد الكتاتنىي، تمثل انتقاصاً جلياً للقضاء في مصر، وتصب في خانة كونه متلقي أوامر ويصدر أحكاماً بالطلب، فإن تصريحات رئيس الوزراء أثارت تساؤلات حول ما إذا كان البرلمان المنتخب سيكون برلماناً ناجماً عن الدستور أو عن تشريعات المرحلة الانتقالية التي قضت الدستورية ببطلانها.
قضاة المحكمة الإدارية العليا لم يعرفوا من أين أتى الكتاتني بمعلوماته. ووفقاً لمصدر قضائي رفيع المستوى في المحكمة الإدارية العليا لـ«الأخبار»، فإن تصريحات الكتاتني يعاقب عليها القانون لما تنطوي عليه من إهانة للقضاء. وأوضح المصدر أن المحكمة منظور أمامها دعوى مقامة من أحد المواطنين كان يطعن بنتيجة الانتخابات في إحدى دوائر محافظة القليوبية التابعة للنظام الفردي. وهي الدعوى التي سبق أن أوقفت المحكمة الفصل فيها إلى حين فصل المحكمة الدستورية العليا في مدى دستورية نصوص قانون انتخابات مجلس الشعب، والتي صدر فيها حكم المحكمة الدستورية العليا في 14 حزيران الماضي بحل مجلس الشعب بكامله. وتلك الدعوى ستنظر فيها المحكمة حسب المصدر في جلسة 22 أيلول الحالي، ولن يصدر حكم فيها قبل الشهر المقبل.
بدوره، أكد نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار أحمد وجدي، لـ«الأخبار»، أن القضاء الإداري لا يستطيع إصدار حكم يخالف ما انتهت إليه أحكام المحكمة الدستورية العليا. وشدد على أن ما قاله الكتاتني لا يخرج عن كونه مجرد مناورة لمعرفة ردود فعل الشارع السياسي حول إمكان إصدار مرسي قراراً يشبه القرار الذى اتخذه بإحالة المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان إلى التقاعد وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل. ودلل وجدي على صوابية رأيه بأن «محكمة القضاء الإداري سبق أن أحالت جميع الدعاوى المقامة أمامها بشأن حل مجلس الشعب وقرار الرئيس محمد مرسي السابق بعودته إلى المحكمة الدستورية، معتبرة أنها الجهة الوحيدة صاحبة الاختصاص بالفصل في الدعاوى المتعلقة بحل مجلس الشعب من عدمه».
رؤية القضاة لحديث الكتاتني لم تختلف كثيراً عن رؤية نواب مجلس الشعب غير المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين. ووفقاً للنائبة في البرلمان السابق، مارغريت عازر، فإن حديث الكتاتني يعني أن لدينا قضاء مخترقاً. واعتبرت أن رئيس مجلس الشعب المنحل «كان عليه ألا يستبق أحكام القضاء»، مشيرةً إلى أن تصريحه «ينطوي على إساءة له وللقضاء، ولن يأتي بأي فائدة».
أما النائب البرلماني السابق، مصطفي بكري، فاعتبر أن تصريحات قياديي الجماعة تمهد لوجود اتجاه داخل الجمعية التأسيسية صاحبة الأغلبية الإخوانية لوضع مادة انتقالية في الدستور الجديد تسمح بعودة مجلس الشعب الباطل بحجة عدم وجود مصادر مالية لإجراء انتخابات جديدة.