مقديشو | فيما تستعد الصومال لأول انتخابات رئاسية منذ أكثر من عشرين عاماً، شهدت مقديشو حرب شائعات بين المرشحين وتظاهرات لأنصار كل من الرئيس المنتهية ولايته شريف شيخ أحمد ورئيس الوزراء الأسبق محمد عبد الله فرماجو، الذي يعد الرجل القوي شعبياً، إلا أن البرلمان الصومالي (275 نائباً) سيحدد من سيكون رئيساً جديداً للبلاد التي تعيش منذ أكثر من عشرين عاماً على وقع حرب أهلية وعدم استقرار سياسي. واعتبر رئيس البرلمان الفيدرالي الجديد، محمد عثمان جواري، أن التصويت سيتم في وقته، مطالباً الشعب بالتعاون مع القوات الأمنية لإحباط كل المخططات الإرهابية لزعزعة استقرار أمن العاصمة.
وحذّر خلال تصريح صحافي خاص لـ«الأخبار» جميع النواب من التورط في مشاكل فساد مالي وشراء أصواتهم بآلاف الدولارات، ما يقوّض الضمير الوطني والأمانة الشعبية. وتابع جواري قوله: «نتوّج الرئيس من بين أحد المرشحين، والانتخابات هي الأولى من نوعها منذ 24 عاماً بعد حكم عسكري استمر 21 سنة، وفوضى أمنية عارمة من معارك أهلية واقتتال داخلي (بدأ منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري عام 1991)، رافقها حكومات انتقالية هشة متورطة بالفساد المالي والإداري على مستوى عال».
ولمّح جواري إلى أن المشرّعين سيدلون بأصواتهم، وسينتخبون رئيس بلادهم لأول مرة في داخل العاصمة مقديشو، بعد رؤساء حكومات انتقالية شكلت في جيبوتي وكينيا. وأكد: «نركز على رغبتنا في انتخاب البطل الذي ينقذ البلاد من الحرب والفقر والجهل والجوع والبطالة، وأثق بأن أعضاء البرلمان المؤلف من 275 نائباً سيصوتون في صناديق الاقتراع من دون خداع وتضليل وشراء الأصوات لكسب المال. ويهمنا أن تتم العملية بالنزاهة والصدقية».
وسادت تحركات سياسية من الأطراف المتحمّسة للكرسي الرئاسي في فنادق العاصمة لاجتذاب النواب بوعود مالية ومناصب وزارية ودبلوماسية لعشيرته.
في غضون ذلك، اشتعلت حرب الشائعات على نحو مخيف بين أنصار المرشحين، واستخدم كل مرشح سلاح الشائعات ضد المرشح الآخر، ويعد شريف شيخ أحمد صاحب النصيب الأكبر من الشائعات، حيث تم الترويج لفكرة ترشحه للرئاسة مرة ثانية. وكثّف المرشحون حملاتهم الدعائية في الإذاعات والمواقع الإخبارية الصومالية و«الفيس بوك» وهو ما جلب أنصار شعبية كبيرة لبعض الشخصيات القبلية.
وطاولت الشائعات المرشح عبد الرحمن عبد الشكور والحديث عن انسحابه لصالح بعض المرشحين، وهو ما استغله منافسوه استغلالاً جيداً وبدأوا الترويج لفكرة تنازله. أمّا لجنة الانتخابات الرئاسية المنبثقة عن البرلمان الفيدرالي الجديد، فقد أعلنت أن انتخابات الرئاسة ستتم صباح اليوم (الاثنين) بمشاركة 25 مرشحاً يتنافسون على كرسي الرئاسة.
وقال المتحدث باسم لجنة الانتخابات الرئاسية، عثمان ليباح إبراهيم، لـ«الأخبار»، إن عدة جولات من التصويت داخل قاعة «إسكولا بوليسيا» في مقديشو ستحسم الأمر وسيتضح اسم الرئيس المقبل الذي سيتحمل المسؤولية.
ويمنح الدستور صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، بينها تعيين رئيس الوزراء وإحالته أمام مجلس النواب للتصديق عليه أو لحجب الثقة عنه. وليس له القدرة على إقالته، كما قد يحق له عزل وطرد الوزراء من مناصبهم بعد التشاور مع رئيس الحكومة، وأيضاً تعيين رئيس المحكمة العليا ورؤساء الأقاليم والمحافظات وقادة القوات المختلفة من الجيش والشرطة والاستخبارات وحرس السجون ومديرين عامين في الوزارات الحكومية والسفراء والقنصليات العامة، كما أنه يعتبر الراعي الدستوري وخادم البلاد والرئيس العام للقوات المسلحة.
ويأمل مواطنون صوماليون أن تؤدي الانتخابات الرئاسة إلى إشاعة جوّ روح الاستقرار في البلاد التي تمر بحال عنف وحروب بين قوات الحكومة الصومالية المدعومة من بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام «أميصوم» ومقاتلي حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة. وتكشف تقارير إخبارية أن رئيس البرلمان الانتقالي السابق، شريف حسن شيخ آدم، أصابه إحباط معنوي بعد انتخاب ابن قبيلته «ديغيل وميريفلي»، محمد عثمان جواري، رئيساً للبرلمان، ما حال بينه وبين الوصول إلى سدة الحكم الرئاسي وفقاً لتقاسم السلطة بنظام المحاصصة القبلية المعروفة باسم الأربعة والنصف (4.5)، حيث يتم تخصيص عدد مساو من المقاعد لكل من القبائل الأربع الكبرى في البرلمان والوزراء والسفراء، فيما يحصل ائتلاف قبائل من الأقليات على نصف ذلك العدد، والقبائل الأربع هي الهوية، والدارود، وديغيل وميريفلي، والدر.
في هذا الوقت، أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية مساء الخميس الماضي أسماء 25 مرشحاً لرئاسة الجمهورية والسباق نحو القصر الرئاسي «فيلا صوماليا» بعد استيفائهم شروط القبول المفروض على المرشحين لملء استمارة وضعتها اللجنة التي اشترطت على المرشح أن يكون مسلماً لا يقل عمره عن أربعين سنة ويدفع عشرة آلاف دولار كرسم تسجيل ولديه جواز سفر صومالي أو شهادة ميلاد، إضافة إلى تأمين دعم ترشيحه من قبل 20 نائباً على الأقل. وقد تكون العناوين الأبرز التي تشكل هاجس السلطة الصومالية في المرحلة المقبلة ما ركّز عليه عشرات المرشحين في خطاباتهم أمام النواب مستعرضين برامجهم السياسية. فقد ركزت كلمات المرشّحين على إعادة الهيكل الحكومي الصومالي، وإطفاء شعلة فتيل الحرب والاقتتال الداخلي، ومحاربة تنظيم القاعدة والقرصنة، ومكافحة الفساد المالي، إضافة الى فتح حوار مع السياسيين وسلاطين العشائر في إدارة «أرض الصومال» شمال غرب البلاد، لإقناعهم بتعزيز الوحدة الوطنية في إطار مشروع الفيدرالية وإعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع العديد من الدول.



المرشحون للرئاسة


حسين حاج جامع ومحمد صالح وعبد الولي محمد علي وحاج ياسين اسماعيل (عشيرة ماجيرتين من قبيلة الدارود)، وصلاد جيلي وعثمان جعل وعبد الرحمن باديو وحسن شيخ محمود وشريف شيخ أحمد وعبد القادر علي (عشيرة بغال من قبيلة الهوية)، وإبراهيم حسين (جيجيلي من قبيلة الهوية)، وسعيد محمود وعبد الله أحمد دو ويوسف عمر وعمر علمي وعبد الرحمن ورسمي (عشيرة هبرجيدر من قبيلة الهوية)، ومحمد أومار (إسحاق من قبيلة الدر الشمالية)، ومحمد شيخ يوسف (فقه محمد من قبيلة الدر الجنوبية)، وزكريا حاج عبدي (عشيرة ليل كاسي من قبيلة الدارود)، وعبد الواحد جيح ومصلح سياد بري ومحمد فرماجو وبشير حسن (مريحان من قبيلة الدارود)، وأحمد سمتر (سامرون من قبيلة الدر الشمالية)، وعبد الرحمن حاشي (طول باهانتي من قبيلة
الدارود).