القاهرة | لسبب غير معلوم، تسببت تصريحات عصام العريان، القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة، التي هاجم فيها اليسار بشدة قبل أيام، بضجة واسعة، دفعت كمال خليل، أحد اشهر قادة اليسار التاريخيين والأب الروحي للاشتراكية الثورية في مصر، للدعوة إلى التظاهرة المزمعة اليوم للمطالبة بالافراج عن المعتقلين، التي أعلنت كل فصائل اليسار تقريباً نيتها المشاركة فيها. وكان عصام العريان قد اتهم اليسار، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بتلقي أموال من الخارج، والخضوع للنفوذ الأجنبي وإهمال دور الدين في المجتمع واحتقاره والتشرذم والتفتت والنخبوية والتعالي على الشعب. وعلل فشل الحركة الشيوعية واليسارية في العالم العربي، قائلاً إنّ من الصعب «استنبات تجارب الشعوب في غير بيئتها ضد ثقافات قوية كالإسلام».
أحمد بهاء الدين شعبان، وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري، وهو أحد أبرز قادة حركات اليسار في جيل الحركة الطلابية في السبعينيات، يرى أن اليسار يمتلك اليوم ظروفاً موضوعية ذهبية. وأوضح أنها «أوضاع كفيلة بانهاض اليسار إذا نجح في الاستفادة منها، فكفى أن نلاحظ هذا الحراك غير المسبوق للطبقة العاملة وللمهمشين والمعدمين وفقراء الفلاحين، إلى الحد الذي بلغ فيه عدد الإضرابات العمالية في تموز 495 اضراباً، وفقاً للأرقام الرسمية المنشورة في جريدة «الأهرام»». ولفت إلى أن «حراكاً كهذا يمكنه استيعاب طاقة اليسار اذا أدركه بسرعة».
إلا أن الظروف الذاتية لليسار نفسه ليست مؤاتية بنفس القدر، كما يقول بهاء الدين شعبان. وأوضح أن «اليسار يواجه عدة تحديات لا بد من تخطيها، على رأسها خطابه التقليدي الإنشائي الذي لم يعد صالحاً في التواصل مع المجتمع، وظل مرتبطاً بظروف مختلفة». ونبه إلى «ضرورة تحديثه وتجديد دمائه والاستفادة من انضمام الملايين إلى الحراك الثوري بعد عقود من الجمود». وشدد على أهمية «توحيد قوى اليسار عبر التنسيق في أدوات العمل وصياغة برنامج مطلبي قائم على تحليل شعارات الثورة إلى تكتيكات ملموسة».
كمال خليل، الذي رفض بشدة ما قال إنه شخصنة للتظاهرة في دعوته، أوضح أن «فرص اليسار تعتمد بالدرجة الأولى على مدى التحامه بالحركة العمالية والفلاحية والجماهيرية».
أما عصام العريان، فقد حاول التخفيف من حدة الهجوم عليه على أثر تصريحاته ضد اليسار، عبر تغريدة لاحقة، أشاد فيها بقيادات يسارية من قبيل كمال خليل وعبد الغفار شكر القيادي في حزب التحالف الشعبي الإشتراكي، ووائل خليل عضو الحزب. في المقابل، ندد بما سماه «يسار رفعت السعيد»، في إشارة إلى رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، أول أحزاب اليسار العلنية بعد قرار الرئيس المصري السابق، أنور السادات السماح بتشكيل الأحزاب في السبعينيات. ويواجه الحزب اليوم اتهامات من قوى يسارية وثورية بموالاة نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك والانحياز له في مواجهة قوى الإسلام السياسي، وصولاً إلى الانضمام إلى تظاهرات 24 آب الماضية، التي تزعّمت الدعوة إليها شخصيات بارزة موالية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك قبل انسحابه من العمل السياسي المباشر بعد اقالة قياداته واسقاط الرئيس محمد مرسي للاعلان الدستوري المكمل. هذه الاتهامات، رد عليها عضو اللجنة المركزية في حزب التجمع، أحمد بلال. وأكد لـ«الأخبار» أن حزبه انضم إلى تلك التظاهرات دفاعاً عن حق التظاهر نفسه في مواجهة الاتهامات بالانحياز لـ«فلول» النظام السابق، التي توجهها جماعة الإخوان المسلمين إلى معارضيها.
ورجح البعض أن يؤدي اعلان حزب التجمع، الانضمام إلى تظاهرة اليوم، إلى إحداث خلط بين توجهات تظاهرة اليسار وتوجهات تظاهرات «فلول» أنصار النظام السابق، التي طالبت باسقاط حكم مرسي، لكن عضو المكتب السياسي في حركة «الاشتراكيين الثوريين»، أحمد نور، حذر من هذا الخلط، قائلاً لـ«الأخبار» إن حركته تشدد على أن التظاهرة مطلبية، ولا تستهدف تغييراً سياسياً جذرياً انقلابياً، مشدداً على أن هذا الأمر غير مطروح الآن من قبل الجماهير.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «الشروق» أمس عن المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، خالد علي، قوله إن الدستور هو المعركة المصيرية حالياً، وأنه آن الأوان للتوافق الوطني ونبذ الخلافات والمعارك التي لا تفيد الوطن.