يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلسلة من التحديات الخارجية والداخلية، تتجاذبه مقارباتها باتجاهات مختلفة. فمن جهة، تفرض متطلبات أولوية مواجهة التحدي النووي الإيراني، تطويع أي أمر داخلي لصالح الأولوية المرتبطة بأمن الدولة القومي. ومن جهة أخرى، يجد نتنياهو نفسه بين حدين، الأول تمرير التقليصات في الموازنة حيث سيستغل خصومه المنافسون التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الخطوة في الانتخابات المقبلة. أما الحد الثاني فيتمثل في تداعيات تبكير موعد الانتخابات، تفادياً لابتزازه في موضوع الموازنة وانعكاس ذلك على أدائه في مواجهة إيران.
وبعدما فُرض استحقاق الموازنة، أوصى مسؤولو حزب الليكود نتنياهو بتقديم موعد الانتخابات والتخلي عن محاولات اقرار الموازنة. ويستند هؤلاء الى انه حتى لو نجح في التوصل إلى اتفاقات مع حزبي «اسرائيل بيتنا» و«شاس»، فإنه سيدفع في صندوق الاقتراع ثمن التقليص الدراماتيكي اللازم في الموازنة. ورأى مسؤولو الليكود أن «لا أحد يمكنه أن يتنبأ بما سيكون الوضع الاقتصادي عليه هنا بعد سنة. هذا لا يبدو مشجعاً، ومن سيستفيد من ذلك هما (رئيسة حزب العمل الإسرائيلي) شيلي يحيموفتش و(زعيمة المعارضة السابقة) تسيبي ليفني». وحذروا أيضاً من أنه كلما يمر الوقت، «سيتواصل التآكل في شعبية نتنياهو، وهو ما سيمنح أحزاب الوسط المختلفة، وتحديداً حزب «كديما» برئاسة شاؤول موفاز، ورئيس حزب «يوجد مستقبل» يائير لبيد، وليفني الوقت لتنظيم أنفسهم في مواجهته».
في المقابل، أشارت صحيفة «معاريف» إلى أن استطلاع رأي، تم اجراؤه بناءً على طلب نتنياهو لمعرفة الفجوة بينه وبين منافسيه الأساسيين، عاد لصالحه بعد أن أظهرت النتائج أن حزب الليكود سينال لو جرت الانتخابات في المرحلة الحالية 31 مقعداً، فيما سينال حزب العمل 19 مقعداً. ولفتت «معاريف» إلى أن هذه النتائج تعود الى تركيز الخطاب على التهديد الإيراني والمسائل الأمنية التي تمنح نتنياهو التفوق. كما يعزز هذا الاستطلاع الموقف الذي يتبنى تقديم موعد الانتخابات. ونقلت «معاريف» عن محافل سياسية تحدثت مع نتنياهو، انطباعها بأنه على علم بأن الخطاب الاقتصادي الاجتماعي سيمس به وبقوة «الليكود» في الانتخابات وسيخدم يحيموفيتش.
وبحسب «معاريف» فإن نتنياهو يفضّل الامتناع عن تقديم موعد الانتخابات ولكن يحتمل أن يجد نفسه مضطراً إلى مثل هذه الخطوة، في حال لم ينجح في نيل تأييد ليبرمان وشاس. وفيما يقدر رجال نتنياهو بأن الشركاء اليمينيين معنيون بمواصلة وجود الحكومة، وأنه سيكون من الممكن الاتفاق معهم، أعرب مسؤولون في «شاس» و«إسرائيل بيتنا»، عن عدم تأكدهما مما إذا كان نتنياهو يعتزم بالفعل اقرار الموازنة في ضوء سلوكه الغامض، كونه لا يجري معهما أي مداولات جدية ومفصلة.
أما وزير الخارجية افيغدور ليبرمان، فأكد أخيراًً في مناسبات عدة، أن الانتخابات في الاشهر المقبلة ليست جيدة للدولة، ولا لاقتصادها ولا حيال التحديات الأمنية، ومع ذلك هو غير مستعد أيضاً لمنح نتنياهو حصانة على شاكلة وعد مؤكد بتأييد الموازنة. وفي كل الأحوال، يقدرون في محيط نتنياهو بأنه خلال أسبوعين ستتضح الصورة وسيحسم نتنياهو خياره، إما الانتخابات أو الموازنة.
إلى ذلك، التقى نتنياهو برئيس المعارضة وحزب كديما، شاؤول موفاز، بعد شكوى الأخير العلنية من أن رئيس الحكومة لا يطلعه على المشاكل الحساسة المتعلقة بأمن الدولة. وبحسب التقارير الاعلامية الاسرائيلية، فقد غمز نتنياهو من قناة موفاز عندما قال إنه يتوقع منه عدم استخدام المعلومات الاستخبارية الحساسة التي ستنكشف خلال الاجتماع، ما استدعى وصف مقربين من موفاز لنتنياهو بأنه «المسرِّب المنهجي الوحيد في المستويات الرفيعة».