جدد الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس التشديد على الامتدادات الإقليمية والخارجية للأزمة السورية، مدافعاً عن موقف الجيش من الأزمة، ومشيراً إلى أن الحسم يتطلب المزيد من الوقت، وذلك بعد تأكيده أن الوضع في سوريا بات «أفضل» من السابق. ولفت الرئيس السوري، في مقابلة بثتها قناة «الدنيا» السورية، إلى «أن الكل يتمنى أن يكون الإنجاز أو الحسم خلال أسابيع أو أيام أو ساعات». وأضاف: «هذا كلام غير منطقي. (لكن) نحن نخوض معركة إقليمية وعالمية. فلا بد من وقت لحسمها. لكن أستطيع أن أختصر كل هذا الشرح بجملة أننا نتقدم إلى الأمام والوضع عملياً هو أفضل ولكن لم يتم الحسم بعد وهذا بحاجة لوقت».

وأكد الأسد أن «سوريا ليست بحاجة لضوء أخضر في القضايا السيادية وفي القضايا المحلية وفي القضايا الوطنية، لا من أصدقاء، ولا من أعداء، ولا من خصوم. إن لم نمتلك نحن الضوء الأخضر فلا داعي لوجودنا كوطن وكدولة».
ودافع عن موقف الجيش من الأزمة وعدم تأخره بالحسم قائلاً: «لم نتردد لحظة واحدة في الحسم». وأضاف: «ولكن مع كل خطوة كانت تقوم بها الدولة كان هناك تطوير لأسلوب أعمالهم، وبالمقابل كانت الدولة بحاجة إلى مزيد من الخطوات المقابلة». وتابع: «البعض يريد أن نتعامل مع تلك المرحلة كما نتعامل مع المرحلة اليوم، وهذا الكلام غير منطقي؛ لأن المرحلة مختلفة». وأقر الرئيس السوري بأنه «بالنسبة لنا كدولة فإن عدم وجود تفهم شعبي كان مشكلة»، لافتاً إلى أن «ما ساعد الدولة في الحسم في الأشهر الأخيرة هو وضوح الصورة بالنسبة إلى القسم الأكبر من المواطنين السوريين».
وتطرق إلى الأوضاع الميدانية في بعض المحافظات السورية، وتحديداً حلب وحمص والعاصمة دمشق.
وأوضح الأسد أنه «لا نستطيع أن نفصل الوضع في حلب عن الوضع في سوريا، الفرق أن حلب ودمشق أكبر مدينتين وأهم مدينتين، واحدة العاصمة السياسية والأخرى العاصمة الاقتصادية».
وعن تأخر انتهاء العمليات في حمص، قال الأسد إن «القوات المسلحة إذا أرادت أن تستخدم كل قدراتها العسكرية بما فيها القدرات النارية تستطيع أن تسحق العدو في وقت قصير. ولكن هذا مرفوض ولا يحقق النتائج المطلوبة».
وأكد الأسد أن «هذا النوع من الأعمال بحاجة الى وقت. ومن جانب آخر لا ننسى أن هناك إمداداً مستمراً للمسلحين في حمص تحديداً، لأنهم كانوا يعتبرون أن حمص هي المركز الذي سينطلق منه الانتصار المأمول بالنسبة إليهم. ويضاف إلى ذلك قربها من الحدود اللبنانية».
وتطرق إلى ما يثار خارجياًً عن امكانية انشاء منطقة عازلة، فأكد أن «الحديث عن مناطق عازلة أولاً غير موجود عملياً، وثانياً هو أمر غير واقعي حتى بالنسبة إلى الدول التي تلعب دوراً معادياً».
وحول الحديث عن تحول الحراك في سوريا إلى حراك مسلح في شهر رمضان فقط، قال الأسد: «هذا التفسير غير دقيق لسبب بسيط. إذا كانت غير مسلحة، فما الذي يفسر أنه في الأسبوع الأول من الاضطرابات والأحداث سقط عدد من الشهداء من قوى الأمن والشرطة». وتساءل: «إذاً كيف سقط هؤلاء. سقطوا بالصراخ. بالأمواج الصوتية للمتظاهرين».
وتطرق الأسد إلى مسألة الانشقاقات، فرأى أن «ما حصل هو أن أشخاصاً كانوا موجودين في مواقع فروا خارج البلد وهي عملية فرار وهروب وليست عملية انشقاق». ورأى أن «من يفر إما أن يكون إنساناً قدم له المال وخرج فهو فاسد ومرتشٍ، أو شخصاً جباناً هُدّد من قبل إرهابيين أو جهات أخرى أو كما تقول لم يكن لديه أمل بمستقبل مشرق، فخاف من هذا المستقبل وهرب إلى الخارج. أو شخصاً لديه طموح ويعتقد أنه كان يجب أن يحصل على مكاسب أو مزايا أو مراتب معينة، فلم يحصل عليها فقرر الهروب».
وخلص إلى القول: «عملياً، هذه العملية هي عملية إيجابية وعملية تنظيف ذاتية للدولة أولاً وللوطن بشكل عام. فعلينا ألا ننزعج»، مشيراً إلى أن السلطات كان لديها معلومات عن عزم البعض على الفرار وقد سهّلت لهم هذه المهمة.
وفي موضوع الحوار والتعاطي مع المعارضة، تحدث الأسد عن «معارضة وطنية أرادت أن تضع مصلحة الوطن أولاً وسارت في موضوع الحوار ولاحقاً سارت في العملية السياسية» في مقابل «المعارضة اللاوطنية التي لم نتحدث عنها سابقاً بشكل مباشر. من دون أن أحدد من هي هذه المعارضة وسيكتشف الشعب من هي في يوم من الأيام»
ورداً على سؤال عن وجود الجيش السوري داخل المدن لا على جبهة الجولان، قال الأسد إن «مهمة الجيش والقوات المسلحة في كل دول العالم هي حماية الوطن. حماية الوطن لا تعني فقط الحماية من الخارج، بل الحماية من الداخل أيضاً». وأضاف: «وفي هذه المرة تحرك العدو من الداخل وليس من الخارج». ومضى يقول: «قد تقول لي إنهم سوريون وأقول لك ان أي سوري يقوم بتنفيذ مخطط أجنبي ومعاد يتحول إلى عدو ولا يعود سورياً».
وفيما اذا كان وجود الجيش في المدن يتنافى مع منطق المقاومة، قال الأسد: «المقاومة تنشأ عندما تتخلى الدولة عن مسؤوليتها في استعادة الأرض، وهذا شيء لم يحصل في سوريا».
ونبه الأسد إلى أنه «الآن نحن ندفع ثمن مواقف مختلفة، البعض منها متعلق بالسياسات المبدئية المرتبطة بالحقوق السورية وموقفنا من المقاومة وعلاقتنا مع إيران، أي مع هذا المحور الذي لا يعجب الغرب. ومنها يرتبط بمواقفنا الأخيرة»، مشيراً إلى الموقف السوري من ليبيا.
ولفت الأسد إلى أنه «كان المطلوب أن نتآمر على المقاومة في فلسطين وعلى المقاومة في لبنان من خلال بعض الإجراءات التي ربما تحصل في لبنان لتحجيم المقاومة فرفضنا كل هذه الأشياء».
وحول موقف سوريا من دول الجوار، أكد الرئيس الأسد وجود عدة فئات. فهناك «بعض دول الجوار تقف مع سوريا، ولكن ربما لا تستطيع تماماً أن تسيطر على تهريب الإمدادات اللوجستية للإرهابيين. وبعض الدول تغض النظر وتنأى بنفسها. وبعض الدول تساهم في هذا الموضوع»، متهماً الدولة التركية بأنها «تتحمل مسؤولية مباشرة في الدماء التي نزفت وسفكت في سوريا». لكنه تساءل: «هل نعود إلى الوراء بسبب جهل بعض المسؤولين الأتراك أم ننظر إلى العلاقة مع الشعب التركي»، لافتاً إلى أنّ «علينا أن نفكر أولاً بالشعوب لأن الحكومات عابرة والمشاكل مع الدول هي مشاكل عابرة».
(سانا)