تونس | لم يحل إطلاق سراح النقابي في جهة صفاقس على خلفية أحداث المستشفى الجهوي، الهادي شاكر، دون عودة تفجرّ الأوضاع في العاصمة الاقتصادية لتونس، وثانية كبرى المحافظات، مدينة صفاقس. فقد عاد الاحتقان إلى المدينة أكثر قوة وانتشاراً بعد اعتقال قوات الأمن التونسيّة نحو ١٨ من شباب مدينة الحنشة في المحافظة، جراء الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها المدينة الاسبوع الماضي، على أثر انتخابات جمعية التنمية. واندلعت المواجهات على أثر اتهام الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وبعض الأحزاب، مثل الحزب الجمهوري وحزب العمال وحركة الشعب وحزب الطليعة، حركة النهضة بمحاولة السيطرة على الجمعية التنموية وفرض مرشحيها من خلال حرمان غير المنتمين إليها من بطاقات الانخراط، حتى لا يكون لهم حق التصويت أو حضور المؤتمر.
وقد أدت الاحتجاجات الشعبية إلى حرق مقر حركة النهضة، وهو السيناريو الذي أصبح معتاداً في بعض المحافظات التونسية، مثل سيدي بوزيد وسليانة والمنستير والكاف، بعد تسعة أشهر من صعود النهضة إلى الحكم.
من جهتها، نفت حركة «النهضة» ما أثير عن تدخلها في الانتخابات. وأوضحت الحركة، في بيان لمكتبها المحلي في مدينة الحنشة، أن كل ما أشيع حول توجيه النهضة لمؤتمر الجمعية المحلية للتنمية أو محاولة السيطرة على مكتبها لا أساس له من الصحة. واتهمت الحركة بقايا حزب التجمع المنحل وحلفاءه من اليسار الفاشل بالضلوع في نتائج الانتخابات.
الاستعمال المفرط للقوة من قبل رجال الأمن في قمعها للمحتجين، هو ما أثار حفيظة قوى المعارضة والمنظمات والجمعيات الوطنية. وشدد الاتحاد العام التونسي للشغل على أن الحكومة عادت إلى استعمال العصا في التعامل مع المحتجين على تردّي الخدمات وتعطل مشاريع التنمية والتشغيل، وهو ما أكدته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان. وقد نظم ناشطون ومناصرون لأحزاب خارج الائتلاف الحاكم تجمعاً احتجاجياً للمطالبة بإطلاق سراح الشبان الموقوفين. وما زالت تداعيات ما حدث في مدينة الحنشة متواصلة، وخصوصاًَ أنها تأتي في سياق أحداث مماثلة في محافظة سيدي بوزيد وكذلك محافظة سليانة غرب البلاد، وخاصة في مدينة مكثر التي أحرق فيها محتجون مقر حركة النهضة واقتحموا مقر المعتمدية وبيت المسؤول المحلي الممثل للحكومة.
احتجاجات الشبان التونسيين والعاطلين من العمل في جهات البلاد أصبح مشهداً يومياً تواجهه الحكومة غالباً باتهامات لأحزاب «الصفر فاصل» ممن فشلوا في الانتخابات وبقايا الحزب الحاكم سابقاً، وهو الخطاب الذي لم يعد التونسيون يستسيغونه كثيراً أمام انسداد الرؤية وغياب أي تأكيد رسمي لموعد الانتخابات المقبلة، ولا أي مبادرة لتشكيل هيئة عليا مستقلة للانتخابات. فاتساع رقعة الاحتقان الاجتماعي والغضب المتنامي وغياب التوافق أو أي مبادرة من الحكومة لفتح حوار وطني حول أولويات الانتقال الديمقراطي تنذر بمخاطر قد تقود البلاد إلى مصير مجهول!