القاهرة | في تصريح بالغ الدلالة والحساسية، في ظل مبادرة مصرية لتسوية الوضع في سوريا، وعشية قمة دول عدم الانحياز في طهران، دعا الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، حلفاء الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى المساعدة في إزاحته عن السلطة. وقال مرسي، لوكالة «رويترز»، في أول مقابلة يجريها مع وكالة أنباء عالمية، «آن الأوان لكي يقف هذا النزف ولكي ينال الشعب السوري حقه كاملاً، ولكي يذهب من المشهد هذا النظام الذي يقتل شعبه». وأضاف «لم يعد هناك مجال الآن إلا لأن يحصل الشعب السوري على حريته وأن يقوم على أمر نفسه وأن يدير شأنه بنفسه». في هذا الوقت، وحده الإرهاق الذي يسيطر على الأطراف المتنازعة هو السبب الرئيسي الذي قد يسهم في نجاح المبادرة المصرية حيال الأزمة السورية. هذا ما يراه مصطفى عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية السابق وسفير مصر السابق في دمشق.
يبدو عبد العزيز متفائلاً حيال عمل مجموعة الاتصال الرباعية، التي تسعى القاهرة إلى تشكيلها لتضمّ مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا وإيران. وأوضح في حديثه مع «الأخبار» أنّ استمرار «نزف» المعارضة السورية في المواجهات اليومية من جهة، في مقابل يأس النظام الرسمي السوري من السيطرة على العمق الجغرافي للبلاد من جهة أخرى، يعني من وجهة نظره وصول الإرهاق المادي والمعنوي للطرفين إلى منتهاه، على نحو يضطر الجميع إلى التفاعل إيجابياً مع المبادرة، وصولاً إلى محاولة إيجاد مخرج سياسيّ للأزمة. وتابع عبد العزيز قائلاً: «قد يساند الدور الذي يقوم به (المبعوث الأممي العربي إلى سوريا) الأخضر الإبراهيمي عمل اللجنة في هذا الصدد».
وأفادت وزارة الخارجية المصرية، قبل أيام على موقعها الرسمي، أنّ وزير الخارجية محمد كامل عمرو أجرى اتصالاً هاتفياً مع الإبراهيمي، «حيث أكد عمرو دعم مصر التام لمهمة الإبراهيمي، واستعدادها لتقديم كلّ عون ممكن لوقف تدهور الأوضاع، سواء من خلال بذل جهد مصري مباشر أو من خلال عضوية مصر ومشاركتها الناشطة في جميع اجتماعات اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية».
ويقلّل عبد العزيز من احتمالات تشظي اللجنة نتيجة التجاذب المتوقع بين السعودية وإيران، مستشهداً بتوصّل خصوم الحرب الأهلية اللبنانية الى اتفاق الطائف، فـ«صحيح أنّه يصعب الجزم بنجاح المبادرة. والتناقضات بين الأطراف في اللجنة حاضرة طبعاً ولا يمكن نفيها، لكن أعتقد أن الجميع سيحاول تجاوز الخلافات خارج الملف السوري نفسه _ مع ما يتضمنه هذا الملف من خلاف في وجهات النظر، وخاصة بين السعودية وإيران _ للوصول إلى حلّ ممكن».
من جهته، يرى رئيس مركز الشرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية، مصطفى اللباد، في لجنة رباعية تضمّ تلك الاطراف بما فيها إيران، الحليفة للنظام الحاكم في سوريا إلى جانب السعودية التي تدعم المعارضة المسلحة ضرورة لا خطر يهدد عملها، «لكون الطرفين بالاضافة الى تركيا جزءاً من الأزمة السورية، ومن العسير الوصول إلى حلّ من دون أن يكونوا جزءاً من الحلّ».
ويشير اللباد، في حديثه مع «الأخبار»، إلى أنّ بوادر التحسن في العلاقات المصرية الإيرانية تعزّز من فرص نجاح المبادرة، كذلك إنّ العمل المشترك بين البلدين في لجنة الاتصال الرباعية قد يعني بدوره إرساء مناخ للعمل يسمح بالثقة المتبادلة بين مصر وإيران بعد سنوات الجفاء الطويلة. بينما يقول مصطفى عبد العزيز إنّ الوقت ما زال مبكراً للحديث عن تقارب مصري إيراني.
ورغم الحديث عن أطراف أربعة في المبادرة، فإن ثمة مصادر تؤكّد لـ«الأخبار» طلب إيران ضم طرفين آخرين هما الجزائر والعراق. وتبرر المصادر مثل هذا الطلب لإحداث توازن في اللجنة بين مؤيدي النظام في سوريا ومعارضيه، وبين من هم في الطرف الوسطي، على غرار مصر والجزائر.
إلى ذلك، يغادر الرئيس المصري محمد مرسي بكين فجر يوم الخميس المقبل، بعد زيارة للصين تستغرق ثلاثة أيام متوجهاً إلى طهران لحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر قمة عدم الانحياز، حسبما أفادت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية أول من أمس. وأردفت الوكالة في خبرها تصريحاً للمتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، ياسر علي، الذي قال: «ليس هناك على جدول الرئيس مرسي في إيران أي ارتباطات أخرى، وسيغادر طهران بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية للقمة مباشرة».