وضع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند موضوع الأسلحة الكيميائية السورية على الطاولة من جديد، معتبراً أن استخدامها يشكّل سبباً مشروعاً للتدخل المباشر. وأعلن هولاند، في كلمة له أمام سفراء فرنسا، «أننا نسعى الى منع استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي لأن استعماله سيكون سبباً مشروعاً للمجتمع الدولي كي يتدخل في سوريا»، مشيراً الى أنّ «روسيا والصين تضعفان قدرة الأمم المتحدة حيال الملف السوري». كما طالب المعارضة السورية بتشكيل حكومة مؤقتة، مؤكداً أنّ بلاده ستعترف بها. وأضاف «نحضّ شركاءنا العرب على مساعدتها (المعارضة) في هذه الخطوة. إن الرهان يتجاوز سوريا ويعني أمن الشرق الأوسط، وخصوصاً استقلال لبنان واستقراره». وأعلن هولاند أن فرنسا تعمل على إقامة مناطق عازلة في سوريا. من ناحيته، رحّب نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بالمبادرة الإيرانية لتسوية الأزمة السورية عبر الحوار بين الحكومة والمعارضة. وقال المقداد، في لقاء تلفزيوني، إنه منذ الشهور الأخيرة طرحت مبادرات كثيرة لتسوية الأزمة، والحكومة السورية رحّبت بها و«الآن هناك مبادرة إيرانية نرحب بها أيضاً». وأضاف «نحن نرحب بالحوار مع كل القوى التي تؤمن بوقف سفك الدماء وترفض التدخل الأجنبي والعسكري في سوريا، ولكن الطرف الآخر يرفض الحوار ويريد حواراً من أجل تنفيذ أجندات خارجية لإنهاء هذا النظام الذي يقوم على معاداة إسرائيل وعلى ضرورة مقاومة الاحتلال ويدافع عن الشعب الفلسطيني وتحرير أرضه». وأشار المقداد إلى دفع مبالغ طائلة من بعض الدول العربية في الخليج للمعارضين المسلحين، وتقديم أميركا وبريطانيا وفرنسا «المتورطة في سفك الدماء السورية»، كل الإمكانيات لهؤلاء المسلحين. وقال «عندما يتمّ إنهاء كل هذا التدخل، فلا توجد أية مشكلة في الحوار بين السوريين». وطالب بمحاسبة الدول التي تدعم المسلحين في الأوساط الدولية. وذكر أن الحكومة السورية، خلال الأشهر الأخيرة، قامت بعدة إصلاحات بما فيها صياغة دستور جديد، الذي يقبل بالتعددية السياسية ويدعم حقوق الإنسان وتداول السلطة وتحديدها زمنياً. وحول المبادرة التي أطلقها الرئيس المصري محمد مرسي في مؤتمر مكة لإيجاد تسوية للأزمة السورية، قال المقداد «نحن قلنا دائماً بأننا نرحّب بأيّ مبادرة من قبل الدول الصديقة، لكن هذه الدول يجب أن تتفق أولاً، وبعد ذلك سنعبّر عن رأينا تجاه أية مجموعة تقوم بالمساعدة على إنهاء هذا الوضع في سوريا، لكن يجب أولاً أن تكون بعض هذه الأطراف جادة في عدم تمويل وتسليح هذه المجموعات الإرهابية حتى تمارس دوراً موضوعياً في هذه اللجنة». وأشار الى أنه أجرى مباحثات مع بعض الدول العربية في الخليج على هامش مؤتمر حركة عدم الانحياز في طهران، وقال «ليست كل الدول الخليجية منخرطة في سفك الدماء السورية، وتحاول هذه الدول الابتعاد عن المواقف المتطرفة وتمويل الإرهابيين، لكن هناك ضغوطاً غير إنسانية تمارس عليها من قبل الدول الأخرى في مجلس التعاون».
بدوره، اعتبر وزير الدولة السوري لشؤون المصالحة الوطنية، علي حيدر، من طهران أن فكرة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد «مرفوضة تماماً». وقال حيدر، في مؤتمر صحافي، «من حيث المبدأ، فإن الاقتراح (تنحي الأسد) مرفوض تماماً، وخصوصاً أنّ دولاً أجنبية طرحته». وأضاف حيدر إنّ «أيّ تدخل في الشؤون السورية هو انتهاك لسيادة سوريا». وتابع إنّ «الحلّ الوحيد هو أن يتوقف التدخل الأجنبي وأن تلقي المعارضة سلاحها». وأكد أنّ «الولايات المتحدة وإسرائيل هما المهندسان الفعليان لهذا الاقتراح الذي طرحته قطر والسعودية وتركيا». واعتبر حيدر أن «سوء التفاهم» بين الشعب السوري والحكومة «انتهى بأزمة عنيفة»، لكنه أكد استعداد دمشق لتلبية مطالب المعارضة عبر الحوار.
وفي ظهور إعلامي آخر، هذه المرة بالتصريح، أكد نائب الرئيس السوري فاروق الشرع أن بلاده تسعى الى حل الأزمة السورية من دون شروط مسبقة وبالاستناد الى خطة المبعوث السابق كوفي أنان. وقال عبد السلام حجاب، مدير المكتب الصحافي لنائب الرئيس السوري، في بيان إن الشرع أبلغ الوفد الإيراني، برئاسة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، أن الأساس لتسوية الأزمة في سوريا هو أن تكون من دون شروط مسبقة.
في سياق آخر، رسم معارضون سوريون معالم المرحلة الانتقالية في سوريا في حال سقوط النظام السوري، آخذين مثالاً على ذلك الانتقال الديموقراطي في دول أخرى مثل جنوب أفريقيا. والتقرير الذي يحمل عنوان «اليوم التالي: دعم الانتقال الديموقراطي في سوريا» هو أول مشروع مفصّل من نوعه وسيعرض اليوم في برلين. والتقرير ثمرة ستة أشهر من «المباحثات المكثفة» بين ضباط كبار سابقين، وخبراء اقتصاد، وقانونيين وممثلين لكل الأطياف في سوريا. ويطالب المعارضون بوضع حد للأعمال التعسفية وإقامة دولة قانون وإصلاح الأجهزة الأمنية، ويقترحون إنشاء «محكمة جنائية خاصة مستقلة» لمحاكمة كبار المسؤولين في النظام. وبحسب المشاركين في المشروع، الذي أطلقه المعهد الأميركي للسلام بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسة، يتعلق الأمر بـ«إعادة ثقة السوريين بمؤسسات الدولة».
من جهته، أعلن البيت الأبيض أن الأنباء عن وقوع مجزرة في مدينة داريا هي دليل آخر على «الاستخفاف الوحشي» الذي يبديه الرئيس السوري بشار الأسد «بحياة البشر». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، تومي فيتور، إن الأسد «فقد كامل مشروعيته. ومع كل يوم يمر، يصبح من الضروري أكثر أن يضغط عليه المجتمع الدولي لكي يتنحى عن السلطة حتى تبدأ عملية انتقال سياسي».
من ناحيته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن «صدمته» للمعلومات التي تحدثت عن وقوع مجزرة في داريا. وقال المتحدث باسم بان، مارتن نيسركي، إنّ «من الضروري التحقيق فوراً وبشكل مستقل ومحايد» في هذه المجزرة. وأضاف «نود أن يحصل ذلك في أقرب فرصة». وأكد أنّ «المدنيين غير محميين في سوريا، وهناك حاجة ملحة لمنع سقوط مزيد من القتلى». وتابع «عندما ترتكب أعمال وحشية، على كل شخص مسؤول عنها أن يعاقب».
ميدانياً، أعلنت إحدى كتائب «الجيش السوري الحر» إسقاط مروحية تابعة للجيش النظامي في دمشق. وأعلن التلفزيون السوري الرسمي أن طائرة مروحية سقطت في حيّ القابون الواقع في دمشق، من دون الإشارة الى سبب سقوط المروحية. لكن المتحدث باسم «كتيبة البدر»، التابعة للجيش الحر أعلن مسؤوليتها عن إسقاط المروحية، وأنّه تمّ إسقاطها «بواسطة مضاد للطيران رداً على مجزرة داريا»، موضحاً أنّ الطيار قتل. في موازاة ذلك، لفت المرصد السوري لحقوق الإنسان الى أن «حيّ جوبر يتعرض لقصف عنيف» من قبل القوات النظامية التي تشتبك مع المقاتلين المعارضين على أطراف الحي، وأضاف المرصد إن بلدة زملكا ومحيطها يشهدان اشتباكات عنيفة، بينما تتعرض بلدة حورية لقصف عنيف. وأشار المرصد الى مقتل أربعة من المقاتلين المعارضين وما لا يقل عن ستة من عناصر القوات النظامية، إثر الاشتباكات بين الطرفين في حي جوبر ومناطق الغوطة الشرقية. وفي مدينة حلب، تدور اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في حيّ سيف الدولة، بينما يتعرّض حيّ المرجة لقصف من قبل القوات النظامية. وأشار المرصد الى تعرض حيّ الإذاعة لقصف عنيف من قبل القوات النظامية التي تحاول السيطرة عليه، مضيفاً إنّ حيّ بستان الباشا تعرضّ للقصف أيضاً. وفي محافظة إدلب، تتعرض بلدة معرة مصرين ومدينة أريحا وقرى مجاورة لهما لقصف عنيف من قبل القوات النظامية، بحسب المرصد.
بينما ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أنّ «الجهات المختصة داهمت في مدينة حماه وكراً لإحدى المجموعات الإرهابية المسلحة في أحد المنازل بحيّ المرابط، وألقت القبض على عدد من الإرهابيين وصادرت أسلحة متنوعة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)