بعد أيام على الاشتباكات الحادّة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في داريا في ريف دمشق، أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان أنّه عُثر على مئات الجثث في المدينة. وأشار المرصد، في بيان له، إلى أنّ «320 شخصاً على الاقل قتلوا في داريا خلال الحملة العسكرية التي استمرت في الايام الخمسة الماضية». في المقابل، ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» أنّ الجيش النظامي «طهّر مدينة داريا من فلول المجموعات الارهابية المسلحة، التي ارتكبت الجرائم بحق أبناء المدينة وروّعتهم ودمّرت الممتلكات العامة والخاصة». وأضافت أنّ «عمليات ملاحقة الارهابيين المرتزقة أدت إلى القضاء على عدد كبير من الارهابيين، وإلى مصادرة كمية من الاسلحة والذخيرة»، فيما وصفت صحيفة «الثورة» الحكومية ما حصل بأنّه «تطهير من قبل قواتنا المسلحة الباسلة لمدينة داريا من فلول المجموعات الارهابية المسلحة التي ارتكبت الجرائم بحق أبناء المدينة».
في المقابل، وصفت «لجان التنسيق المحلية»، في بيان لها، ما حصل في داريا بأنه «مجزرة ارتكبها النظام». ولفتت الى أنّ «وحشية أجهزة النظام وميليشياته زرعت الموت في شوارع البلدة وبساتينها من دون تمييز بين رجل أو امرأة أو طفل، في مجزرة راح ضحيتها أكثر من 300 شهيد». وذكرت أن ما حصل يأتي «نتيجة اجرام ممنهج، يبدأ بفرض الحصار وقطع وسائل وسبل الحياة، ليتبعه قصف عشوائي بالأسلحة الثقيلة والطيران»، مضيفةً أنّه يتبع ذلك «تدخل قطعان القتلة لتمارس الاعدامات الميدانية وتقطيع الأوصال وحرق الجثث». وأشارت الى أنّ «جيش النظام تحوّل الى جيش احتلال قاتل للسوريين». واتهمت النظام بأنّه «يواجه المجتمع الدولي بتحدّ جديد مع بدء مهمة جديدة ومبعوث جديد».
وفي ريف دمشق، أيضاً، ذكر المرصد أن خمسة مقاتلين «استشهدوا اثر اشتباكات وقصف في مزارع بلدة رنكوس». أما في مدينة حلب، فتواصلت عمليات القصف على أحياء صلاح الدين، وسيف الدولة، وسليمان الحلبي، والصاخور، والميدان من قبل القوات النظامية، بحسب المرصد، الذي أشار الى اشتباكات بين هذه القوات والمقاتلين المعارضين «في احياء سيف الدولة، والصاخور، والميدان، وسليمان الحلبي». وأضاف أن الاشتباكات أدّت الى سقوط مقاتل في حيّ الميدان.
وأفادت وكالة «فرانس برس»، في حلب، أنّ الدبابات تقصف على نحو عنيف أحياء عدة في المدينة، ما يجبر السكان على الهرب للبحث عن ملجأ. وقال أحد القادة الميدانيين من المقاتلين المعارضين في سيف الدولة إنّ الجيش النظامي «يحاول التقدم ونحن نصدهم، لكن هناك الكثير من الشهداء والجرحى». وفي مدينة حمص، تجدّد القصف «على نحو عنيف على أحياء حمص القديمة، المحاصرة من مدفعية النظام المتمركزة في الغابة في الوعر»، بحسب المرصد.
وفي السياق، أبدت وزارة الخارجية البريطانية «قلقها البالغ» حيال الانباء عن «مجزرة وحشية بحق المدنيين» في داريا. وقال وزير الشؤون الخارجية المكلف الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، اليستير بيرت، «أشعر بالقلق البالغ إزاء الانباء عن مجزرة وحشية بحق المدنيين في داريا». وأضاف، في بيان له، «القمع المثير للصدمة من جانب النظام السوري بحق شعبه المستمر منذ أكثر من 17 شهراً يجعل من الصعوبة بمكان اجراء أعمال تحقق» في داريا. وتابع الوزير البريطاني أنّ «مجموعات معارضة تؤكد أن أكثر من 300 شخص بينهم نساء واطفال، قتلوا وبعضهم قتل من مسافة قريبة. إذا جرى تأكيد المجزرة، فإنّ ذلك يعني أنها وحشية ببعد جديد، ما يستدعي إدانة لا لبس فيها من المجتمع الدولي برمته». ورأى بورت أنّ من «الملّح» أن يتحرك المجتمع الدولي «لوضع حدّ للعنف ولثقافة الافلات من العقاب هذه»، موضحاً أنّه أجرى محادثات مع الوسيط الدولي الجديد لسوريا الاخضر الابراهيمي.
في سياق آخر، كشفت صحيفة «صن أون صندي» البريطانية، أمس، أن طبيباً يعمل في أحد المستشفيات البارزة في العاصمة البريطانية لندن يقود الآن جماعة إسلامية متطرفة في سوريا اختطفت مصوراً بريطانياً واحتجزته لمدة أسبوع قبل إخلاء سبيله. وقالت الصحيفة إن المصوّر البريطاني جون كانتايل فوجئ بأن زعيم الجماعة المتطرفة الذي احتجزته مع زميله الهولندي جيرون أورليمانز يقودها طبيب يعمل في مستشفى حكومي بلندن.
وأضافت أن الطبيب، الذي رفض الكشف عن هويته، أبلغ كانتايل أنه «أخذ إجازة بلا راتب لمدة سنتين من المستشفى للمشاركة في الجهاد في سوريا، ويخطط للعودة إلى المملكة المتحدة ليصبح مستشاراً لعمليات الحوادث والطورئ». ونسبت الصحيفة إلى كانتايل قوله «كان ضرباً من ضروب المفاجأة حين عرفت أن أحد قادة الخاطفين هو طبيب يعمل في مستشفيات الحكومة البريطانية، ويحمل بندقية كلاشنيكوف ويدعو إلى الجهاد، ورفض مساعدته حين طلب منه إرسال رسالة نصية إلى صديقته في لندن لإبلاغها بأنه على قيد الحياة». وأضاف المصور البريطاني أن الطبيب، البالغ من العمر 28 عاماً، رفض الكشف عن اسمه، وأنه ينتمي إلى جماعة إسلامية تسمي نفسها «منظمة العبسي»، تأمل في إقامة دولة إسلامية في سوريا، وأبلغه أن زوجته وطفله في لندن، وأنه أخذ إجازة لمدة عامين من عمله للمشاركة في الجهاد. وقال كانتايل إن الطبيب كان واحداً من بين ما يراوح بين 10 بريطانيين و15 بريطانياً في معسكر الإسلاميين المتطرفين داخل سوريا، معظمهم من سكان العاصمة لندن، وشارك في إطلاق النار حين حاول الفرار من المعسكر مع زميله جيرون، ما أدى إلى إصابتهما بجروح.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)