التقى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي أركان النظام السوري، في دمشق، وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد، الذي أكد أنّ سوريا لن تسمح بنجاح المخطط الذي يستهدفها «مهما كلّف الثمن». وقال الاسد إنّ سوريا «ثابتة في نهجها المقاوم والمدافع عن الحقوق المشروعة للشعوب مهما كان حجم التعاون بين الدول الغربية وبعض الدول الاقليمية لثنيها عن مواقفها»، مؤكداً أنّ «الشعب السوري لن يسمح لهذا المخطط بالمرور وبالوصول الى أهدافه». ورأى الأسد أنّ «ما يجري حالياً من مخطّط ليس موجهاً ضدّ سوريا فقط، بل أيضاً ضدّ المنطقة بأسرها، التي تمثل سوريا الحجر الأساس فيها»، مشيراً الى أنّه لذلك «تحاول القوى الخارجية استهداف سوريا لاستكمال مخططها في كامل المنطقة».
بدوره، أشار بروجردي الى «المصالح المشتركة بين سوريا وإيران»، مؤكداً أنّ «أمن سوريا من أمن إيران». ولفت الى دعم بلاده «المستمر لسوريا حكومة وشعباً على الصعد كافة، وإلى مواصلة التشاور معها بخصوص أي مبادرات تطرح للخروج من الازمة». ورأى أنّه كما «عانت إيران من الارهاب وتجاوزت هذه المرحلة الصعبة، فإن سوريا قادرة على ذلك»، واصفاً سوريا وإيران بأنهما «كالفولاذ الصلب، لن تستطيع القوى الخارجية مهما بلغت مؤامراتها النيل من دورهما المقاوم في المنطقة». وأضاف المسؤول الايراني «نحن نعتقد أنّ اجتماع طهران فرصة للمساعدة على حلّ الازمة السورية»، مشيراً الى أنه عرض هذا الموضوع خلال لقائه المسؤولين السوريين. وأعرب عن استعداد بلاده «الكامل» لتأمين الجوّ المناسب «لاجراء مباحثات مع المعارضة بمشاركة الحكومة السورية»، مؤكداً أنّ بلاده «تؤمن بأنّ الطريق لحلّ الازمة السورية هو الحلّ السياسي».
ودعا بروجردي إلى عقد اجتماع برلماني عالمي للدول التي تؤمن بالحلّ السياسي للأزمة السوررية. وأضاف «إنّ الحلّ العسكري عملياً وصل الى مأزق وطريق مسدود»، مشيراً الى أنّ «الذين يرحبون بالحلّ السياسي من المعارضة يزدادون يوماً بعد يوم». ورأى أن قبول الحكومة السورية هذه المبادرة «خطوة ايجابية». الا أنّه أشار الى أنّ المعارضة السورية بكاملها «لا تبحث عن حل سياسي لهذه الازمة»، داعياً إيّاها «لوضع السلاح جانباً والخروج من الطريق العسكري والدخول في الحلّ السياسي»، كما لفت إلى أنّ الرئيس السوري أبلغه أنّه «سيرسل رئيس الوزراء السوري للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز التي ستعقد في طهران». وأضاف أنّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم «سيشارك كذلك في الاجتماع».
والتقى الوفد الإيراني نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في مكتبه، في أول ظهور رسمي لهذا الأخير منذ أسابيع، ليضع حداً لشائعات نشطاء المعارضة بأنه انشقّ عن النظام. وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أنّ الشرع بحث مع بروجردي العلاقات الثنائية، وأعرب عن تقديره للمواقف الموضوعية لإيران مما يجري في سوريا.
من ناحيته، أكد وزير الخارجية وليد المعلم، عقب لقائه الوفد الإيراني، أنّ دمشق لن تطلق مفاوضات مع المعارضة الى حين «تطهير» البلاد من «المجموعات المسلحة». وأشار الى أنّ الشرط لأيّ مفاوضات سياسية هو وقف عنف المجموعات المسلحة، وصدور إعلان يتضمن رفض أيّ تدخّل عسكري خارجي في سوريا.
في موازاة ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنّه لم يعطِ تاريخاً محدداً لسقوط النظام السوري. وشدّد على أنّ الأزمة السورية لن تطول نظراً «لاستحالة بقاء نظام يظلم شعبه بهذا الشكل لسنوات في السلطة»، فيما ذكر، في معرض ردّه على سؤال عن تزايد عدد اللاجئين السورين في تركيا، أنّ رقم الــ100 ألف «مهمّ من الناحية الرمزية فقط، وليس مدعاة بالضرورة لإنشاء منطقة عازلة في سوريا»، مؤكداً أن أنقرة ستسمرّ في استقبال اللاجئين حتى لو تجاوز عددهم هذا الرقم.
من جهته، حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي من خطورة الأوضاع في سوريا، مشيراً إلى أنها تسير من سيّئ إلى أسوأ. ورأى، خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه وزير الخارجية السوداني علي كرتي، أنّ «الجامعة العربية ملتزمة بقرارات مجلس وزراء الخارجية العرب في ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية في سوريا، وخطة خريطة الطريق لتحقيق تسوية للازمة السورية والانتقال السلمي للسلطة». وأعلن أنه يَجري تشاورٌ يومي مع المبعوث الأممي المشترك الاخضر الابراهيمي بشأن مهمته الجديدة في سوريا «وخاصةً أن الابراهيمي لديه تصور كامل للتعامل مع الأزمة، ويريد مزيداً من المشاورات بشأن الاوضاع في سوريا»، مشيراً إلى أنه سيلتقي الابراهيمي، قريباً، في القاهرة بعد زيارته الحالية لنيويورك.
ورداً على سؤال عن رؤية الجامعة العربية لمبادرة الرئيس المصري محمد مرسي بتأليف مجموعة اتصال رباعية تضمّ إيران وتركيا ومصر والسعودية لحلّ الأزمة السورية، قال العربي إنّ الجامعة العربية ترحّب بأيّ مبادرة لحلّ الازمة السورية، مؤكداً أن مبادرة الرئيس مرسي مرحّب بها لأنها تتضمن دعوة أربع دول لها تأثير، ويمكن أن تكون هذه الدعوة مفيدة جداً.
من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنّه «يفكر في هذه اللحظة بالشعب السوري الذي يضطهده نظام لم يعد يحركه سوى الخوف من الزوال». وأضاف أنه «حين تبدأ مسيرة الحرية لا شيء ولا أحد يمكنه وقفها». ولفت هولاند، بمناسبة إحياء ذكرى تحرير مدينة ‎باريس، الى أنّ «فرنسا اتخذت وستتخذ مبادرات ضرورية لمساندة الثورة السورية على المستوى السياسي والدبلوماسي والإنساني». وأكد أن «نظام الرئيس السوري بشار الاسد سيزول».
إلى ذلك، قال مبعوث الامم المتحدة الجديد الى سوريا الاخضر الابراهيمي إنه «يتشرف ويشعر بالاطراء والتواضع والخوف» من قيادة الجهد الدولي لإحلال السلام في ذلك البلد. وأدلى الابراهيمي بتصريحاته أثناء اجتماعه في مقرّ المنظمة الدولية للأمم المتحدة بنيويورك، أول من أمس، بالأمين العام بان كي مون، وذلك للمرة الاولى منذ موافقته الاسبوع الماضي على خلافة كوفي أنان. وأضاف الدبلوماسي الجزائري المخضرم «الشعب السوري هم سادتنا، وسنولي مصالحهم الاولوية على ما سواها. سنحاول مساعدتهم بأقصى ما أوتينا من طاقة. لنرى ما نحن فاعلون»، كما أجرى الابراهيمي سلسلة من اللقاءات في نيويورك مع مسؤولي الامم المتحدة لبحث امكان بلورة توجّه جديد لحلّ الازمة السورية.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)