مجدل شمس | أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس، بصورة مفاجئة سراح الأسير السوري صدقي المقت، واتصلت بأهله لتسلمه في مقام اليعفوري، حتى إن السلطات الإسرائيلية تركت الأسير المحرر المقت أمام المقام من دون أن يجري التسليم الرسمي لذويه، كما هو متبع في مثل هذه الحالات. وفي التفاصيل، قال شقيق الأسير، فخر المقت، إن السلطات فاجأتهم باتصالها في وقت مبكر جداً وإعلامهم أن الأسير موجود في مقام اليعفوري، وأن عليهم القدوم لأخذه من هناك. وبالفعل، عندما ذهبوا إلى هناك وجدوه في المقام وكان لقاءً مؤثراً جداً بين العائلة والأسير المحرر. وأضاف فخري أن ذويه توجهوا بعد لقائه مباشرة إلى مقام النبي شعيب، ثم عادوا إلى الجولان المحتل، حيث أقيم له استقبال شعبي في كافة ساحات قرى الجولان المحتل (البداية من قرية بقعاثا، مروراً بمسعدة وعين قنية، وانتهاءً في ساحة سلطان باشا الاطرش في مجدل شمس) ومن ثم الى منزل ذويه حيث أقام والده مأدبة غداء على شرفه.
بدوره، قال الأسير المقت إن عملية الإفراج جرت مساء أول من أمس الاثنين، حيث اقتادته الشرطة الإسرائيلية إلى محطة الشرطة في بيسان، ومن ثم إلى محطة «جولان» في مستوطنة «كتسرين»، قبل اتمام العملية أمس في مقام اليعفوري.
عميد الاسرى السوريين في سجون الاحتلال الاسرائيلي صدقي سليمان المقت، عاش رحلة اعتقال اعتقال استمرت 27 عاماً، من مواليد مجدل شمس في الجولان السوري المحتل في 17 نيسان 1967، نشأ وترعرع في أسرة مناضلة عايشت احتلال الجولان عام 1967، وعايش الاضراب الكبير في 1982.
بادر مع مجموعة من رفاقه، سيطان الولي وعاصم الولي وخير الدين الحلبي وأيمن أبو جبل، إلى تأسيس خلية للمقاومة الوطنية عرفت في حينه باسم «حركة المقاومة السرية»، حيث استولت على عدد من القنابل اليدوية والألغام الأرضية المنتشرة في أحد المخازن العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي. واشترك في كافة عمليات المقاومة، وجولات الرصد والاستكشاف الميداني للمواقع العسكرية الإسرائيلية المنتشرة في الجولان، وكان احد المشرفين على عملية الاستيلاء على المعدات العسكرية والقنابل اليدوية من مخزن عسكري إسرائيلي قرب مستوطنة «نيفي اتيب». وهو احد منفذي عملية تفجير معسكر إسرائيلي قرب قرية بقعاثا. وقد كان ناشطاً قبل اعتقاله في أوساط الطلبة والشبيبة، وشارك في إحدى التظاهرات الطلابية في مدرسة مسعدة الثانوية التي جاءت اثر قرار فصل احد المعلمين الوطنيين من سلك التعليم.
اعتقلته سلطات الاحتلال في ليلة 23 آب 1985 من منزل والديه بعد 12 يوماً من اعتقال شقيقه بشر المقت، بتهمة مقاومة الاحتلال. وخضع للتحقيق المكثف من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية. وفي العشرين من أيار عام 1986 أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في مدينة اللد حكما جائراً عليه بالسجن لمدة 27 عاماً. وخلال جلسة النطق بالحكم رفض مع رفاقه الوقوف للقاضي العسكري، رافضاًَ الاعتراف بشرعية محاكمته. وفي كلمته أمام طاقم المحامين ومحامي الصليب الأحمر الدولي وقاضي المحكمة العسكرية، قال للقاضي: «أنتم اغتصبتم ارضي، ومن حقي الدفاع عنها ومقاومتكم. لا اعترف بشرعية محكمتكم الصورية هذه»، فطرد من قاعة المحكمة أسوة برفاقه التسعة الباقين، وقبل طردهم انشدوا النشيد العربي السوري في قاعة المحكمة «حماة الديار عليكم سلام».
عانى خلال رحلة اعتقاله آلاماً في المعدة وفي العمود الفقري، وأسهم في العديد من الخطوات النضالية داخل المعتقل المطالبة بتوفير الحد الأدنى من الحياة الإنسانية للمعتقل في السجون الاسرائيلية. وهو احد رموز الحركة الوطنية الاعتقالية في السجون الإسرائيلية.
عائلة المقت بأكملها لم يسلم احد من ابنائها، بمن فيهم الوالد، من الاعتقال والاستهداف الإسرائيلي، لدورهم النضالي منذ نكسة حزيران في مقاومة احتلال الجولان السوري الذي فرق شملهم لسنوات عديدة.
بدورها، قضت شقيقته المناضلة والناشطة في قضايا الاسرى نهال، حياتها في التظاهرات والاعتصامات وإثارة قضايا الأسرى بعد اعتقال الاحتلال شقيقيها بشر وصدقي، وتنقلت بين السجون الاسرائيلية التي تحفظ اسمها عن ظهر قلب.
ورغم سنوات الأسر الطويل، بقي صدقي ثابتاً على مبادئه الوطنية والقومية، مؤمناً بحقه في مقاومة الاحتلال أينما كان، في فلسطين ولبنان والجولان وكل ارض العرب، وبأن الجولان عائد حتماً إلى حضن الوطن الأم سوريا.