في الوقت الذي تُشغل فيه القيادة الإسرائيلية بأولوية مواجهة التهديد النووي الايراني، والتطورات التي تشهدها المنطقة العربية من حولها، وجدت إسرائيل نفسها أمام مشكلة إضافية تتمثل بإدخال مصر كميات كبيرة من الدبابات والوسائل القتالية من دون تنسيق مسبق إلى سيناء.
تفاقم التهديدات التي ترى إسرائيل أنها تساهم في إضعاف قوة موقف الدولة العبرية، وحساسية الوضع المصري بالنسبة إلى إسرائيل، دفعا القيادة السياسية في تل أبيب إلى الاستعانة بالولايات المتحدة للحديث مع القيادة المصرية، تبعها ارتفاع أصوات اعتراضية، أبرزها ما صدر على لسان وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، خلال التقائه بنحو 20 سفيراً رفيعي المستوى. ورأى ليبرمان أنّ «من الممنوع على إسرائيل أن تمر مرور الكرام على الخروق المصرية لاتفاقية السلام مع إسرائيل، في كل ما يتعلق بإدخال قوات الجيش، مثل الطائرات والدبابات، إلى شبه جزيرة سيناء من دون تصديق إسرائيل». ودعا إلى «الإصرار (على الموقف) مع مصر، وإلا فسنواجه منحدراً لزجاً في ما يتعلق بالمحافظة على اتفاقية السلام».
لكن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس يدلين، قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن «محاربة الإرهاب ينبغي أن تكون بالدبابات». وأضاف: «ما دامت العملية العسكرية في سيناء عملية محددة وواسعة ضد الإرهاب، فإنني أعتقد أن علينا النظر إلى ذلك بصورة واقعية وعدم التعلق بمثقال ذرة، لأن إسرائيل صدّقت مبدئياً على دخول قوات مصرية بحجم أكبر مما تنص عليه اتفاقية السلام».
وبحسب صحيفة «معاريف»، أدخلت القوات المصرية إلى سيناء مروحيات الآباتشي، كذلك أدخلت دون إذنٍ مسبق دبابات من طراز أم 60، ليس لها أي دور في تطهير المنطقة من المجموعات الإرهابية. ولفتت «معاريف» إلى أن مصر «ترفض التعاطي رسمياً مع ما كشفته الصحيفة بأن إسرائيل تطالب مصر بسحب الدبابات التي ادخلتها إلى سيناء من دون إذن». في المقابل، أكدت «معاريف» أن مصر، بعدما رفضت الإقرار بوجود طلب اسرائيلي بسحب هذه القوات، تصر على أن تكثيف الانتشار العسكري في سيناء جرى بموافقة إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وأن التقارير الإعلامية في الصحف الإسرائيلية عن انتهاكات مصرية هي جزء من حملة دعائية تهدف إلى ردع مرسي.
في هذا السياق، قال مصدر في الجيش المصري، لصحيفة «الأهرام»: «حقيقة أننا لا نبلغ عن الاتصالات (بين مصر والإسرائيليين) في وسائل الإعلام لا يعني أنها لا تجري»، موضحاً أن هذه الاتصالات «لا تتضمن فقط نقل المعلومات، بل أيضاً محاولات التنسيق». وشدد على أن «اللقاءات بين الطرفين تحصل يومياً، وأحياناً تضم محافل على أعلى المستويات، بما في ذلك وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي».
ويتوافق حديث المصدر العسكري المصري مع تأكيد رئيس الهيئة الأمنية والسياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، أن مسؤولي الوزارة يجرون محادثات مع نظرائهم المصريين أملاً في حل الخلاف بشأن نشر قوات مصرية في سيناء.
وقال جلعاد لـ«راديو إسرائيل»، إن المحادثات جارية و«يجري إيضاح القضايا التي تتطلب توضيحاً». ولم يشر جلعاد إلى الدبابات، لكن مسؤولاً آخر، طلب عدم ذكر اسمه، قال إن إسرائيل طالبت بسحب الدبابات المصرية.
وبحسب الملحق العسكري لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، تنقسم سيناء إلى ثلاثة مقاطع طولية، يحق لمصر أن تدخل شرطة فقط مع سلاح خفيف، إلى القطاع القريب من إسرائيل. أما القطاع الأبعد، فيمكن مصر أن تدخل إليه عدد محدود من الدبابات. وكانت إسرائيل قد وافقت خلال السنة الماضية، بعد مقتل ثمانية إسرائيليين على الحدود، على إدخال مصر قوات إضافية تتجاوز السقف المسموح به في الاتفاقية.
إلى ذلك، عرضت صحيفة «معاريف» في رسمها الكاريكاتوري اليومي، صورة للرئيس المصري محمد مرسي وهو يحاول السيطرة على ثور هائج، مكتوب عليه «الجهاد العالمي»، في إشارة إلى محاولة بسط الجيش المصري لنفوذه في سيناء، ومحاولة القضاء على البؤر الإرهابية المنتشرة في هذه المنطقة.
ويظهر الكاريكاتور صعوبة سيطرة مرسي على الثور، في اشارة إلى صعوبة سيطرة قوات الجيش المصري على الوضع الأمني في سيناء.