القدس المحتلة | «السلطة الفلسطينية تفقد شرعيتها سريعاً أمام شعبها»، هذه هي الكلمات السحرية التي قالها مبعوث الأمم المتحدة في فلسطين، روبرت سيري، لكنها تشير أيضاً الى وجود فلسطينيين مقتنعين بأن السلام مع الاحتلال يكمن في الشق الاقتصادي وانتعاشه، وهو ما قد يُنسي الشعب أو يلهيه عن المطالبة بالحرية.
كلمات مبعوث الأمم المتحدة في فلسطين جاءت خلال محاضرة ألقاها في «ريشون لتسيون» إلى الشمال من مدينة تل أبيب، وخُصصت للحديث عن الثورات العربية والأوضاع الاقتصادية عند الشعوب. وأكد خلالها أن الشعوب قامت بثوراتها مطالبة بالحرية والكرامة لا بالرواتب والمال.
ولم ينس سيري في محاضرته المرور على الأوضاع في فلسطين، معرباً عن اعتقاده بأن «الشعب الفلسطيني يريد حلاًّ سياسياً لا رواتب وازدهاراً فحسب، وأنّه في حال فشل الحل السياسي، فإن السلطة ستفقد شرعيتها في الضفة الغربية»، داعياً الى الضغط من أجل العودة إلى المفاوضات.
وقال سيري، وهو منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، إن اقتصاداً فلسطينياً قوياً لن يسهم بنحو كاف في الحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية.
وفي حديث إلى الإذاعة الإسرائيلية، أكد سيري أن الحل الوحيد هو إقامة دولتين للشعبين، مشيراً إلى أنه جرى تحقيق تقدم غير مسبوق في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية. وقال إن السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على العمل كوحدة اقتصادية أو أمنية، إذا لم يتم في النهاية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وكانت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية قد نقلت عن سيري قوله، خلال الحفل الختامي لنموذج إسرائيل الدولي لمحاكاة الأمم المتحدة في كلية الدراسات العليا للإدارة، إنه «إذا كانت السنوات القليلة الماضية قد شهدت نمواً اقتصادياً معقولاً في الأراضي الفلسطينية واستقراراً نسبياً، وأيضاً تعاوناً أمنياً غير مسبوق، إلا أن هذه الأمور لن تضمن بنحو كاف الاستقرار في المستقبل». ويعتقد سيري أن هذا الأمر راجع إلى أن السلطة الفلسطينية تفقد شرعيتها سريعاً في نظر العامة، ولن يُمَكّن هذا الأمر الأهداف السياسية من أن تمضي قُدُماً، ومنها إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن.
من جهته، اتفق كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، مع ما قاله سيري، وقال: «فعلاً، إن الحل للقضية الفلسطينية سياسي وليس مالياً». وأعلن أنه سيلتقي اليوم الأربعاء مع روبرت سيري، دون تحديد فحوى الاجتماع.
وفي تعليقه على تصريحات سيري، قال عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، أمين مقبول، لـ«الأخبار»، إن الفلسطينيين يدركون أن الحل سياسي بالدرجة الأولى، لكن ما يعطّله هو استمرار رفض حكومة إسرائيل الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة عدوانها الاستيطاني، ورفض مبدأ حل الدولتين الذي أصبح مطلباً أممياً. ورفض مقبول الحديث عن فريقين فلسطينيين، مؤكداً «عدم وجود فلسطيني واحد يبحث عن الحل الاقتصادي للاحتلال، فالجميع موحدون يطالبون بإنهاء الاحتلال».
لكن قبل أسابيع فقط، اتخذت السلطة الفلسطينية نفسها قراراً بتعميق وتقوية العلاقات التجارية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، عبر اتفاق اقتصادي جرى التوصل إليه بعد أشهر من المحادثات السرية التي قادها رئيس الوزراء سلام فياض مع وزير المال الإسرائيلي يوفال شتاينز. الاتفاق وقّعه رئيس الوزراء الفلسطيني مع وزير المال الاسرائيلي بحضور إسحق مولخو، المبعوث الشخصي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبضغط من الاتحاد الأوروبي، ما يؤكّد أنّ الاقتصاد مرتبط بالسياسة في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني.




أكّد القيادي البارز في حركة «حماس»، صلاح البردويل (الصورة)، أن ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن أن زعيم حزب «كديما» الإسرائيلي المعارض، شاوول موفاز، بحث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدء محادثات جديدة حول التسوية، يوحي بأن الأخير لم يوقف الغزل المتبادل، سواء مع موفاز أو غيره من القيادات الإسرائيلية. وقال «يبدو أن خيارات عباس ضيقة إلى درجة أنه لا يجد خياراً أمامه إلا هذا الخيار السيّئ الذي أدخل الفلسطينيين في متاهة كبيرة جداً». وأكد أن «مصير أي مفاوضات، حتى لو كانت غير مباشرة، هو الفشل». وبخصوص المصالحة الفلسطينية بين «فتح» و«حماس»، نفى البردويل وجود أي اتصالات جديدة بين حركته ومصر، لعقد لقاءات في القاهرة وتحريك عجلة المصالحة.