تواصلت أعمال القصف والاشتباكات في مدينة حلب ومناطق سورية مختلفة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» بأنّ ستة مواطنين، بينهم طفلان وامرأة، قتلوا في قصف تعرّض له حيّ الشعار في حلب، في حين قتل عشرة أشخاص في قصف على حيّ قاضي عسكر، مشيراً الى أنّ عدد هؤلاء «مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات الجرحى بعضهم بحالة خطرة». وشمل القصف، أيضاً، أحياء الفردوس والشعار والصاخور والسكري والانصاري وطريق الباب. كما وقعت اشتباكات في محيط دوار الجندول القريب من وسط المدينة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية عناصر من القوات النظامية، بحسب المرصد.
في هذا الوقت، تستمر الاشتباكات في حيّي صلاح الدين وسيف الدولة، اللذين دخلتهما القوات النظامية، وتشهدان معارك كرّ وفرّ وحرب شوارع بين الطرفين. من جهة ثانية، تعرضت مدينة التل في ريف دمشق لقصف من القوات النظامية السورية التي دخلت مناطق فيها، وذلك بعد أيام طويلة من القصف والاشتباكات.
وفي دمشق، تعرض حيّا العسالي والتضامن لقصف من القوات النظامية تسبب في سقوط عدد من الجرحى، كما سقطت قذائف على البساتين المحيطة بحي المزة، الذي شهد، أول من أمس، اشتباكات عنيفة تسببت في سقوط عشرة قتلى. واوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان ان الاشتباكات في محيط مقر رئاسة الوزراء في دمشق اندلعت «بعد استهداف المقاتلين المعارضين المقر بقذائف آر بي جي»، موضحا انه «ما زال غير معلوم ما اذا اصابت القذائف المبنى او سقطت حوله». وافادت مراسلة وكالة «فرانس برس» في دمشق عن «سماع اصوات اشتباكات عنيفة واطلاق نار كثيف في بساتين الرازي الواقعة في المنطقة الممتدة خلف مقر رئاسة مجلس الوزراء والمبنى الجديد للسفارة الايرانية».
كما أفاد المرصد بمقتل 31 شخصاً، على الاقل، سقطوا في قصف جوي نفّذه الجيش السوري على مدينة أعزاز في ريف حلب، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وفي تركيا، ذكر مصدر رسمي أنّ ما لا يقل عن مئة مدني سوري أصيبوا في القصف على أعزاز نقلوا الى تركيا لتلقي العلاج، وأن 15 منهم قضوا متأثرين بجروحهم.
وفي السياق، حرّرت القوات السورية، فجر أمس، فريق تلفزيون «الاخبارية السورية»، الذي كان قد خطف على أيدي مسلحين قبل بضعة أيام في ريف دمشق، في «عملية نوعية»، بحسب ما أعلن الاعلام الرسمي السوري، فيما ذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان»، في بيان، أنّ القوات النظامية السورية دخلت مناطق في مدينة التل، وعملت على «الافراج عن فريق الاخبارية السورية بعد اقتحام المكان الذي كانوا محتجزين فيه في المدينة».
في سياق آخر، حذّرت مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، فاليري آموس، من تفاقم الأوضاع الإنسانية في سوريا نتيجة الصراع الدائر في البلاد، وارتفاع عدد الأشخاص الذين يحتاجون الى مساعدات انسانية الى أكثر من مليوني شخص. وقالت آموس، في مؤتمر صحافي عقدته في ختام زيارتها لسوريا، إن «العنف في سوريا أصبح متزايداً، وبشكل عام عشوائياً، وكل الجوانب يجب عليها أن تحمي المدنيين»، مشيرةً الى «وجود حوالي 2.5 مليون انسان سوري بحاجة الى المساعدة». وأضافت «أنا أرغب في أن تقوم الحكومة السورية بتسهيل مساهمة منظمات إنسانية من المجتمع الدولي لتعزيز الجهود الانسانية، لكن لم أستطع أن أجعلهم يوافقون على هذا الشيء. هناك مخاوف لدى الحكومة السورية من أن تصل المساعدات إلى ما تسميهم الحكومة بالمسلحين أو المجموعات المسلحة». وأشارت آموس الى أن الحكومة السورية «لا تستطيع أن تغطي احتياجات كل المناطق لأن هناك بعض المناطق تحت سيطرة المعارضة المسلحة».
من جهته، كشف وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في لقاء تلفزيوني، أنه «خلال لقائي بآموس سألتها عن الدول التي تبرعت لمساعدة الشعب السوري انسانياً، وقالت إن هناك أربع دول ولم يأتنا دولار واحد من العرب». وأضاف المعلم «قلت لآموس لديهم المال لدعم المسلحين بالسلاح وتدمير المنازل والبنى التحتية في سوريا وتهجير الناس، لكنهم لا يدفعون دولاراً واحداً من أجل مساعدة هؤلاء أو إعادة بناء ما دمره المخربون».
من ناحيتها، كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» أن القوات الخاصة الأردنية تلقت تدريبات ومشورة من الجيش الأميركي لتحسين قدراتها بشأن سيناريو للتدخّل في سوريا. وقالت الصحيفة، إن الأردن ما زال يعارض التدخّل العسكري المباشر في سوريا، لكن الدبلوماسيين والمحلّلين الغربيين يعتقدون أن قواته المسلّحة تستعدّ للعب دور محدد من شأنه أن ينطوي على الدخول إلى سوريا في مرحلة ما في المستقبل، لتأمين مخزونها من الأسلحة الكيميائية إذا ما دخلت البلاد في حالة من الفوضى. وأضافت الصحيفة أن الأردن بدأ يأخذ موقفاً تصعيدياً ضد النظام السوري، وصار تبادل إطلاق النار عبر الحدود حدثاً عادياً، وتقوم القوات المسلحة الأردنية الآن بشكل اعتيادي بالرد كلما أطلق الجنود السوريون نيران أسلحتهم على اللاجئين المتوجهين إلى الحدود الأردنية.
ونسبت الصحيفة إلى دبلوماسي غربي في عمان، وصفته بالبارز، قوله إن «الرأي العام الأردني هو عامل رئيسي ثان، وأعتقد أن المسؤولين الأردنيين وجدوا أنه تحوّل من الاشمئزاز إزاء ما يجري في سوريا إلى دعم تغيير النظام فيها والانتقال السياسي». وأضاف الدبلوماسي الغربي أن «القلق في الوقت الراهن لا يرتبط بالامتدادات السياسية للأحداث من سوريا إلى الأردن، بل بخروج المناوشات الحدودية عن نطاق السيطرة، أو تسلّل جنود أو عملاء سوريين إلى مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن والتسبب بمشاكل فيها». ونسبت الصحيفة إلى مسؤول أردني مطّلع، لم تكشف عن هويته، القول «نحن قلقون من الانتقام، وهناك تاريخ بين سوريا والأردن شهد تفجيرات وعمليات قتل من قبل عملاء للنظام السوري داخل الأردن».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)