نيويورك | بينما لا يزال وزير الخارجية الجزائري الأسبق، الأخضر الإبراهيمي، على رأس المترددين في إعلان قبوله خلافة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان مبعوثاً دولياً ــــ عربياً مشتركاً إلى سوريا، قدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تقريره أول من أمس حول مستقبل بعثة الأمم المتحدة في سوريا. وشدد على أهمية بقاء المنظمة على الأرض من أجل نقل صورة صحيحة لما يجري، ولكي تتمكن من أداء دور وساطة سياسي فعال عندما يوقن الطرفان أن الحسم العسكري ليس الحل، ويجنحان إلى حل سلمي بديل. وحمّل الأمين العام للأمم المتحدة كلاً من الحكومة والمعارضة السورية المسلحة مسؤولية تردي الأوضاع الأمنية والإنسانية وعدم تطبيق خطة أنان السداسية. وفي رسالة الأمين العام للأمم المتحدة الموجهة الى رئيس مجلس الأمن، والمتضمنة تقريره حول تنفيذ القرار ٢٠٥٩ الخاص بالأوضاع في سوريا، يحدد بان تصوراته لمستقبل عمل الأمم المتحدة في سوريا. يقول إن وقف استخدام الأسلحة الثقيلة وانخفاض مستوى العنف من جانب جميع الأطراف بما يكفي للسماح لبعثة المراقبين في سوريا بأداء ولايتها، وفقاً للقرار ٢٠٥٩، لم يتحقق. ويلفت إلى أن النزاع قد ازداد في مناطق عدة من سوريا حيث شن عناصر المعارضة المسلحة هجمات على دمشق وحلب، في حين أن القوات الحكومية استمرت في استخدام الأسلحة الثقيلة، وبالتالي فإن البعثة «عجزت عن ممارسة مهمتها الأساسية في مراقبة وقف العنف».
أما الوضع الإنساني، فيتدهور في ظل تزايد القتال في وسط المدن ومحيطها. وعدد المشردين وصل الى مليون في الداخل، في حين أن عدد اللاجئين قد وصل إلى ١٣٠ ألفاً.
وفي الشق السياسي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره حول هذه البعثة، التي تنهي عملها في ١٩ آب الحالي، عن اعتقاده بأن كلاً من الحكومة والمعارضة مقتنع بالقدرة على حسم الصراع عسكرياً. وعلى الرغم من وجود مبادرات من الطرفين، إلا أنها تبقى أدنى من أن تشكل تغيرات أساسية في ديناميات النزاع السياسية.
وأثنى الأمين العام على أهمية الدور الذي قامت به بعثة «أونسمس»، مشيراً إلى أن من ثمار عملها تمكينه من تقويم التطورات على الأرض بشكل موضوعي. وأضاف إنه يجب ضمان أن يكون للأمم المتحدة وسائل ونظم على الأرض من أجل تيسير ودعم أي تقدم إيجابي يبدر عن الأطراف، موضحاً أن غياب وجود مناسب للأمم المتحدة سيحد بشكل كبير جداً من قدرة الأمم المتحدة ودورها على التأثير في التطورات في سوريا.
ضمن هذا السياق، يشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن وجود الأمم المتحدة بشكل يتعدى العمل الإنساني «سيسمح بأداء دور إيجابي ممنهج مع الأطراف داخل سوريا وسيمكنها من تقويم الوضع على الأرض بموضوعية»، مؤكداً أن هذا الوجود أساسي بشكل خاص لدعم عمل المبعوث الخاص في الوصول الى حل سلمي للأزمة. ويضيف الأمين العام إنه ينوي قريباً العمل على تأسيس «وجود فعال ومرن للأمم المتحدة في سوريا لدعم جهودنا مع الأطراف لوقف القتال ودعم السوريين في اتخاذ خطوات يحددونها هم باتجاه تسوية تفاوضية سياسية شاملة، حيثما يكون ذلك مقبولاً وممكناً».
ويحذر الأمين العام، في تقريره الذي سيدرس في جلسة مشاورات مغلقة تعقد في السادس عشر من آب الحالي، من أن أحد المخاطر الكبيرة للوضع في سوريا هو الانزلاق الى حرب أهلية شاملة، علماً بأن الصليب الأحمر وصف الوضع في سوريا بأنه بات بمثابة «نزاع داخلي مسلح». وأعرب عن قلقه البالغ من استمرار عسكرة النزاع. وناشد الأطراف الخارجية وخاصة الدول الإقليمية الاضطلاع بمسؤولياتها. كذلك حثّ الأمين العام أعضاء مجلس الأمن على التوصل الى أرضية مشتركة لمساعدة السوريين على وقف العنف وصياغة مستقبلهم. كما حث الحكومة السورية والمعارضة المسلحة على وقف النشاطات العسكرية وحماية المدنيين والتقيد بالتزاماتهم بموجب قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.