لم يعبأ أبناء مخيم «ويفل» بمشكلة الضيق الخانق، ولا بمعاناتهم منذ عقود مع الظروف الحياتية الصعبة داخل المخيم. تناسوا كل ذلك واستنفرت لجان المخيم الشعبية وسائر أطياف المخيم لاحتضان الفلسطينيين المهجرين من سوريا. من مخيم اليرموك وخان الشيخ وكفربطنة والسيدة زينب وعرطوز والمعضمية وجوبر والقدم ويادا ودرعا. أكثر من 180 عائلة دخلوا مخيم «ويفل» في بعلبك مؤخرا. تقاسموا تلك الغرف الصغيرة مع أهلها. بات للنوم هناك أشكال أخرى لا مفر منها لاستغلال أقل سنتيمترات متاحة. «راس وكعب» تارة، و»تسييف» تارة أخرى (النوم جانبياً بشكل متراص)، في حين كان على الفتية والشباب «الهجرة من جديد إلى أقرب «برندا» للنوم عليها، «لأن الأوضة لا تتسع لأكثر من 35 نفراً بداخلها»، كما يقول غازي حمدان الذي استضاف في «براكسه»، 7 عائلات فلسطينية (35 فرداً)، أضيفوا إلى عائلته المكونة من أربعة. «هدول عائلات منكوبين تهجروا قسراً مرة جديدة ولا بد من استضافتهم»، يقول حمدان، لكنه يرى في المقابل أن المضيفين منكوبين اكثر، وتتطلب الحالة في المخيم «اهتماماً أكثر من قبل الإنروا والمنظمات الدولية». كذلك الحال لدى «أم صبحي» التي استضافت ثلاثة عائلات، لكنها تردد «اللي قسموا إلنا رب العالمين نتقاسمه مع أهلنا وناسنا».
الإكتظاظ الملحوظ في مخيم الجليل، والذي لا تتعدى مساحته 42 دونماً، لا يمكن حصره في عدد قاطني المخيم الأصليين الأربعة آلاف، أو المهجرين السوريين الذين ناهز عددهم الألف (200 عائلة)، بل يضاف إلى كل هؤلاء ثلاثة آلاف مغترب من المخيم في الدول الإسكندنافية، قدموا لزيارة أهلهم، كما في كل صيف. كل هذا استدعى إعلان حالة طوارئ في الجليل، كما يؤكد كارم طه أمين سر اللجان الشعبية لقوى التحالف الفلسطيني، والذي أشار إلى تشكيل لجنة «إحصاء للمهجرين»، واخرى «طوارئ» مهمتها التواصل مع المؤسسات لتأمين المساعدات وتوزيعها على العائلات المهجرة. لا ينفي طه وجود عدد «قليل جداً» من العائلات المهجرة «استأجرت غرفاً خارج المخيم، لإنو ما عاد في قدرة إستيعابية فيه»، في الوقت الذي «نشهد فيه تقاعساً فاضحاً» من الإنروا، «الغائب الأكبر» عن تقديم المساعدات حتى اليوم، متسائلاً عن أموال «خطة الطوارئ» التي ترصد اموالها ضمن الخطة الإقتصادية السنوية، «فهل هناك حالة طوارئ أكثر من هذه الحالة».
الصليب الحمر الدولي يعتبر «أسرع» المؤسسات الدولية تلبية لنداء الإستغاثة، بحسب طه، حيث اشار إلى توفير عشرات الحصص التموينية والنظافة المنزلية والشخصية، وفرش الإسفنج. ومن المؤسسات الإنسانية التي ساعدت أيضاً اللاجئين الفلسطينيين السوريين «الغوث الإنساني»، والهلال الأحمر الإماراتي، وهيئة دعم المقاومة الإسلامية.
إلا أن أبرز المشاكل التي ذللت من قبل اللجان الشعبية، تلك المتعلقة بمقاضاة وتغريم وترحيل الفلسطيني السوري الذي تزيد فترة بقاؤه على الأراضي اللبنانية أكثر من 15 يوماً. فقد كشف طه عن اتصالات مع الأمن العام اللبناني، صدرت بعدها مذكرة تسمح للاجئين الفلسطينيين السوريين المكوث في لبنان دون مقاضاة أو ترحيل بسبب الظروف الإستثنائية التي تمر فيها سوريا.



الاونروا ودور الوسيط الطبي

علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة، أن الفلسطينيين السوريين عقدوا اجتماعاً مع مدير منطقة البقاع للإنروا أحمد موح، والمراقب الصحي للإنروا في البقاع الدكتور علي سعيد، للتباحث في شأن المعاينات الطبية والإستشفاء، وجرى الإتفاق على أن تفتح أبواب عيادات الإنروا على مدى الأسبوع لمعاينة المهجرين، بالإضافة إلى أن كل مريض يحتاج إلى مستشفى يتم تحويله من قبل الإنروا إلى المستشفيات الخاصة المتعاقدة معها. لكن كارم طه أشار إلى أن دور الإنروا يقتصر على كونها «الوسيط» بين المريض والمستشفيات الخاصة، ذلك أن العلاج في مستوصفات الإنروا ليست من ميزانية الإنروا، بل على حساب الهلال الأحمر القطري» كما يؤكد الرجل.