تونس | عاد الهدوء الهش ليسود مدينة سيدي بوزيد، أمس، اثر مواجهات شهدتها المدينة ليل الخميس بين الشرطة والمتظاهرين الغاضبين، الذين طالبوا باسقاط حكومة حركة «النهضة» الاسلامية. وكانت المواجهات قد استمرت إلى حدود الرابعة من صباح امس الجمعة، وأدّت إلى تسجيل أكثر من 20 إصابة بالرصاص المطاطي، والاختناق بالغاز المسيل للدموع.عودة الهدوء إلى المدينة، استغلتها القوى السياسية والنقابية المعارضة لتجميع قواها للدفاع عن المتهمين، وضمت اتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد وحركة الوطنيين الديموقراطيين وحزب العمال التونسي، وحركة الشعب والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين. وأعلن المجتمعون إقرار الإضراب العام الثلاثاء المقبل في سيدي بوزيد، وتنظيم احتجاجات يومية في ساحة محمد البوعزيزي.
بدوره، دان بيان للحزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي بشدة استخدام قوات الأمن التونسية الرصاص المطاطي في مواجهة التحركات الاحتجاجية في البلاد، معتبراً أن استخدام الرصاص المطاطي هو «عملية استنساخ مشوهة لأسلوب الدولة الصهيونية إزاء الاحتجاجات الفلسطينية».
من جهته، اتهم وزير الداخلية، علي العريض، أطرافاً سياسية، من دون أن يسميها، باثارة الاحداث الاخيرة في المدينة، فيما كان محافظ سيدي بوزيد، أكثر وضوحاً في تحديد الجهة المحرضة، باتهامه حزبي العمال وحركة الشعب، بالوقوف وراء الاحداث، فيما وجه المكتب الجهوي لحركة النهضة في المدينة، اصابع الاتهام إلى تجار مخدرات وخمور، قال إنهم متحالفون مع أزلام النظام السابق، واعدين بتطهير المدينة منهم.
وجاءت تصريحات قيادات حركة «النهضة» لتذكر التونسيين بما كان يروجه النظام السابق عن المعارضة التونسية، تصريحات تلقفتها القوى السياسية التونسية لترد الهجوم وتدين حركة «النهضة»، التي تعتبرها المعارضة المسؤولة الاولى عن الاحتقان الشعبي في الشارع.
كذلك دانت اغلب الاحزاب التونسية سياسة العصا الغليظة التي تعتمدها الحكومة في مواجهة المواطنين المحرومين من الماء والكهرباء والنظافة والعمل، والمطالبين باحترام دماء الشهداء والعمل على حل مشاكل التنمية في المدن المحرومة والفقيرة. وازداد الاحتقان في المدينة مع تواصل حملة الاعتقالات، وهو ما اظهر الحكومة في موقف المصر على الاستمرار في التصعيد. موقف الحكومة دافع عنه وزير الداخلية في مداخلته في المجلس الوطني التأسيسي، عن ضرورة استعمال العنف، وتبرير ذلك بالرد على عنف المتظاهرين والحرص على تطبيق القانون.
ومع استمرار ترويكا الحكومة والنهضة في كيل الاتهامات للمحتجين بأنهم من «أزلام النظام البائد» و«المنحرفين»، فإن الاحتقان قابل للتصعيد، وسط إحباط الشارع الذي يرى كل شيء حلم به يتراجع، وخصوصاً مع عنف قوات الأمن، الذي يذكر بما قبل ١٤ كانون الثاني.