أكد الناطق باسم «الجيش السوري الحر»، في الداخل، انسحاب عناصره من حيّ صلاح الدين في مدينة حلب، في حين أشار مصدر أمني في دمشق الى أنّ المعركة المقبلة الكبيرة ستكون في حيّ السكري جنوب شرق المدينة. وقال الناطق باسم القيادة المشتركة للجيش الحر في الداخل، العقيد قاسم سعد الدين، «حصل انسحاب للجيش السوري الحر من صلاح الدين»، مشيراً الى أنّ «الانسحاب تكتيكي». ورد سبب الانسحاب الى «القصف العنيف والعشوائي ولأن التدمير كان كاملاً». وشدد على أن «الانسحاب يقتصر على صلاح الدين لكننا باقون في مدينة حلب»، موضحاً أنّ «الجيش الحر لديه خطط عسكرية للمدينة لا أستطيع الكشف عنها». وفي السياق، أوضح قائد «كتيبة نور الحق»، النقيب واصل ايوب، أنّ «هناك خمس كتائب ما تزال تقاوم في صلاح الدين لتأمين انسحاب آمن»، مشيراً الى أن «كتائب الجيش الحر في الحيّ تنسحب باتجاه خط السكري والمشهد وبستان القصر حيث نعزز قواتنا هناك». وأشار الى أنّ الجيش النظامي «لم يدخل الى كل الاحياء التي انسحب منها الجيش الحر»، مضيفاً أنّ هذه القوات تتمركز بشكل خاص «من جهة الملعب البلدي شمال صلاح الدين بالقرب من الاعظمية وفي شوارع صلاح الدين المقابلة لاستاد الحمدانية». وشدّد على أنّ «سقوط صلاح الدين لا يعني سقوط حلب وانتهاء المعركة»، مضيفاً «قريباً سيكون لنا هجوم مضاد وتقدم جديد في صلاح الدين».
بدوره، أفاد مصدر امني في دمشق أنّ قوات النظام «تتقدم بسرعة من حي صلاح الدين باتجاه سيف الدولة»، مشيرا الى أن «المعركة الكبيرة المقبلة ستكون في حيّ السكري»، جنوب شرق المدينة. ولفت الى أن الجيش النظامي «استخدم في معركة صلاح الدين 10 بالمئة فقط من التعزيزات التي حشدها في حلب».
وتستمر الاشتباكات والقصف العنيف في أحياء مدينة حلب، رغم انسحاب «الجيش السوري الحر» من حيّ صلاح الدين. ولفت «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الى اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في حيّ باب الحديد، مضيفاً أن القصف «تجدد من قبل القوات النظامية على كل من الصاخور، وطريق الباب ونجم عنه تدمير عدد كبير من المنازل». وتحدث عن «موجة نزوح كبيرة للسكان من منطقة العقبة، القريبة من باب انطاكية بسبب القصف العشوائي». كما أفاد المرصد عن «تعزيزات تضمّ ثلاث دبابات، وناقلات جند مدرعة، ومئات الجنود وصلت الى محيط نادي الضباط قرب ساحة سعد الله الجابري» وسط حلب.
من جهتها، أعلنت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» أن وحدات من الجيش النظامي هاجمت «مجموعات ارهابية» في مناطق مختلفة من حلب، وخصوصاً بالقرب من فندق الكارلتون، وقامت «بتطهير منطقتي أصيلة وباب النصر من المجموعات الارهابية المسلحة». وأضافت الوكالة أن القوات النظامية «واصلت ملاحقة فلول المجموعات الارهابية المسلحة في عدد من أحياء مدينة حلب، واشتبكت مع مجموعة ارهابية مسلحة في منطقة هنانو، وأوقعت فى صفوفها عشرات القتلى والجرحى، بينما رمى الباقون أسلحتهم ولاذوا بالفرار».
وفي محافظة ادلب، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في بلدة كفرومة، كما أشار المرصد الى تعرض مدينة اريحا للقصف من قبل القوات النظامية. وفي دير الزور، تعرض حيّ العرفي للقصف من القوات النظامية، بينما دارت اشتباكات عنيفة عند دوار حمود العبد، وحاجز الجسر المعلق في حيّ الحويقة.
وحصدت أعمال العنف في سوريا، أمس الخميس، 78 قتيلاً، هم 35 مدنياً و18 مقاتلاً معارضاً، بالاضافة الى 25 عنصراً من القوات النظامية، حسب المرصد. إلى ذلك، عبر زهاء 2200 لاجئ سوري الحدود التركية، هرباً من العنف في بلادهم ليبلغ عددهم الاجمالي في تركيا 50 الف شخص، على ما أكدت مديرية حالات الطوارئ التركية، أمس.
سياسياً، أصدر الرئيس بشار الأسد مرسوماً قضى بتسمية وائل الحلقي رئيساً لمجلس الوزراء. والحلقي من مواليد درعا، شغل منصب مدير الرعاية الصحية الأولية في مدينة جاسم 1997-2000، وأمين فرع درعا لحزب البعث العربي الاشتراكي من 2000-2004، ونقيب لأطباء سوريا من عام 2010، وشغل منصب وزير الصحة في الحكومتين الحالية والسابقة.
من ناحيته، أكد وزير الداخلية محمد الشعار أن بلاده ماضية في مكافحة الإرهاب. وذكرت وكالة «سانا» أن الشعار قال، خلال لقائه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأمن والسلام غريغوري ستار في دمشق، إن «سوريا ماضية في إحباط المؤامرة التي تتعرّض لها، وإنها لن تتهاون أبداً في سبيل تحقيق هذا الهدف وإعادة الأمن والاستقرار إلى كامل أراضيها». وأضاف «نحن ماضون في ملاحقة فلول الإرهابيين أينما وجدوا على كل الأراضي السورية حتى إعادة الأمن والاستقرار، ونحن كدولة ملزمون بحماية شعبنا من هؤلاء القتلة المجرمين الذين يرتكبون أعمال القتل والخطف والسلب بحق المواطنين والتخريب للمنشآت والممتلكات العامة والخاصة».
وأكد الشعار أن سوريا «مع كل مبادرة خيّرة تهدف إلى تحقيق أمنها واستقرارها، وأنها ملتزمة بمبادرة مبعوث الأمم المتحدة كوفي أنان في الوقت الذي ما زالت فيه بعض الدول المجاورة والعربية والأخرى التي تدعي محاربتها للإرهاب تدعم الإرهابيين وتموّلهم وتقدّم السلاح لهم ليعبثوا بأمن واستقرار البلاد». واعتبر أن «مَن يدعمون الإرهاب في سوريا لا يريدون الخير ولا السلام لها ولشعبها»، موضحاً أنه «منذ بدء عمل بعثة الأمم المتحدة تم تسجيل آلاف الخروقات التي قامت بها المجموعات الإرهابية المسلّحة وتم تزويد الأمين العام للأمم المتحدة بها».
بدوره، أعرب ستار، عن أمله أن تستعيد سوريا أمنها واستقرارها بأقرب وقت ممكن. وقال «أنا متفهّم للوضع الحالي ولوجود عناصر إجرامية تعبث بأمن البلاد وترتكب أعمالاً تقود إلى الأزمات»، وعبّر عن «تقديرنا الكبير للجهود المبذولة في تقديم كل التسهيلات الممكنة لعملنا على الأرض وخاصة في ظل هذه الأزمة». وأشار إلى أن التعاون البنّاء من الحكومة السورية ساهم في تأمين الأمن والحماية لمكاتب الأمم المتحدة في سوريا، مشيراً الى أن هناك دراسة لجمع هذه المكاتب في مقر واحد بما يساعد على تعزيز أمنها وأدائها للدور المنوط بها بالشكل الأفضل.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)