تونس | قفز عدد العاطلين من العمل في تونس إلى المليون، بعدما كان نحو ٧٠٠ ألف عشية ثورة ١٤ كانون الثاني ٢٠١١. ورغم أن الثورة التونسية كانت أساساً ثورة من أجل الحق في العمل، خاصة بالنسبة إلى المتخرجين في الجامعات الذين عجزت السوق المحلية عن استيعابهم، فإن الشباب التونسي لم يحقق شيئاً من أحلامه الصغيرة في إيجاد عمل كريم، بعدما وصل عدد هؤلاء في آخر إحصاء لوزارة التشغيل إلى ٣١٥ ألف حامل لشهادة جامعية عليا، وهو ما سيجعل من مهمة أيّ حكومة مقبلة صعبة جداً. وفي الوقت الذي حلم فيه الشباب العاطل من العمل بالقطع مع ممارسات العهد السابق في التشغيل، عادت الممارسات نفسها لتطل برأسها من جديد، ما دفع اتحاد العاطلين من العمل إلى الدخول في سلسلة من الاحتجاجات بسبب ما سمّاه «عودة الرشوة والمحاباة والولاءات في الوظيفة العمومية». وكانت مسابقة «القيمين الأول»، المعلنة منذ أيام، القطرة التي أفاضت الكأس، إذ حرم ٨٠٠ شاب من الالتحاق بالوظيفة، بعدما أُعلن نجاحهم في عهد الحكومة السابقة في شهر كانون الثاني الماضي.
وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه الالتحاق بمراكز عملهم مع بداية السنة المدرسية الجديدة، أعلنت قائمة جديدة لم تتضمن إلا ٥٠٠ فقط ممن وردت أسماؤهم في القائمة الأولى، وجرى تعويض الذين سُحبت أسماؤهم بآخرين.
هذه الحادثة المؤلمة دفعت الاتحاد إلى إعلان إضراب عن الطعام بالقرب من مقر رئاسة الحكومة. اعتراض الاتحاد سببه العمل على المقاييس الجديدة للانتداب التي أقرتها الحكومة، إذ يرى الاتحاد أن اعتماد الملفات في الانتداب سيفتح المجال للمحاباة، وخصوصاً أن القانون الجديد نص على منح الأولوية للمنتفعين بالعفو التشريعي العام، و٨٠ في المئة منهم حسب المنسق الوطني للاتحاد، سالم العياري، من أنصار حركة النهضة.
كذلك نص القانون على انتداب من طالت بطالتهم وتقدمت أعمارهم وأبناء شهداء الثورة وجرحاها. ورغم إعلان الحكومة انتداب ١٠٠ ألف في السنة الجارية، فإن غضب العاطلين من العمل يسري سريان النار في الهشيم. وقد أعلن اتحاد العاطلين الدخول في تحركات شعبية من أجل فرض مطالبهم وتحقيق استحقاقات الثورة التي كان العاطلون من العمل محركها الأساس.
لن تنجح حكومة الترويكا في حسم ملف العاطلين من العمل، لكنّ إلغاءها لنتائج «المناظرة الوطنية» وسحب أسماء وإضافة أخرى، وجّه رسالة سيّئة إلى هؤلاء الشبان الذين فقدوا الثقة في كل شيء، وبالتالي تشجيعهم على الاحتجاج الذي أصبح المهنة الوحيدة المتاحة لآلاف الشباب العاطل من العمل.