غزّة ــ الأخبار في الوقت الذي تُشغَل فيه القيادة السياسية لحركة «حماس» في قطاع غزّة بدفع الشبهات عنها باعتداء سيناء، عبر التشديد على غلاوة الدم المصري وإدانة الجريمة، وتقديم العون للمصريين بتعقب المسلحين عبر الأنفاق، يقبع أهالي غزّة في سجن كبير، لا منفذ لهم أو متنفس لإدخال حاجتهم اليومية. وأكد رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، إسماعيل هنية، أن الدماء المصرية عزيزة وغالية على الفلسطينيين، قائلاً إنه «ليس عربياً أو فلسطينياً من يقتل جندياً مصرياً». ورأى أن أي اتهام للفلسطينيين لا يخدم العلاقات بين البلدين من حيث التاريخ والحاضر والمستقبل، محذراً من الوقوع في الفخ الإسرائيلي.
وأشار هنية إلى أنه أجرى اتصالاً هاتفياً بكل من الرئيس المصري محمد مرسي، ورئيس الوزراء هشام قنديل، للتأكيد أن الفلسطينيين ليس لهم علاقة بهجوم سيناء، ولا يمكن أي فلسطيني أن يفكر في المشاركة بمثل هذه الجريمة التي وقعت بحق عناصر من الجيش المصري في سيناء.
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن مسؤولاً مصرياً مطلعاً على الاتصالات بين مصر و«حماس»، طلب عدم ذكر اسمه، كشف عن أن بعض المهاجمين تسللوا من غزة عبر الأنفاق، وأن مرسي طلب من قيادات «حماس» ملاحقة المسلحين الذين يدخلون ويخرجون من غزة عبر الأنفاق، وأنه أبلغ «حماس» بأن قيادته موضع اختبار في كيفية التعامل مع المتطرفين الإسلاميين في سيناء، وطلب من «حماس» مساعدته في إنجاح ولايته الأولى.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول المصري أن «حماس» عجزت عن منع تسلل المتطرفين من سيناء وإلىها عبر الأنفاق «وبعدما سفكت دماء المصريين لن نقبل عبارات الإدانة، أو النفي أو عدم تحمل المسؤولية». وأضافت أن «الهجوم سيعطل جهود حماس لإعادة فتح معبر رفح، ويثير مشاكل لقادة حماس التي سعت لدى مرسي لإنهاء الحصار على قطاع غزة منذ 5 سنوات، بعدما أصبح إغلاق المعبر إلى أجل غير مسمى هو أولى خطوات الرئيس مرسي بعد الهجوم». وقالت الصحيفة إن «الهجوم الدموي وضع الاتفاقات الضمنية بين الطرفين بشأن الحدود في حالة من الفوضى، وجعل حماس في موقف صعب، وضيق الخيارات أمامها، إذ باتت تتوسل لإجراء تحقيق عادل».
في موازاة التحركات السياسية، يرزح المواطن الغزي تحت رحمة فتح الأنفاق ومعبر رفح، بعدما توقفت عملية إدخال المستلزمات والسلع الغذائية والسولار. ويقول المواطن سامي الخليلي، الذي يعمل سائقاً في شوارع مدينة غزة، إن «توقف دخول السولار عبر الأنفاق يؤثر مباشرة علينا؛ فالوضع الاقتصادي هنا سيئ ولا تتوافر الأعمال. أنا متزوج ولدي ثلاثة أطفال، توقف دخول السولار سيمنعني من الحصول على القوت اليومي لعائلتي»، مضيفاً أن «محطات الوقود فارغة من السولار، وإن وُجد يقوم أصحابها برفع الأسعار واستغلالنا».
يعلق، بدوره، نائب وزير الخارجية الدكتور غازي حمد على إغلاق الأنفاق، ويقول لـ«الأخبار» إن «إغلاق الأنفاق أثر على الوضع في غزة، وخصوصاً أن القطاع يعتمد على الأنفاق في دخول المواد الغذائية ومواد البناء والوقود»، موضحاً: «لسنا بحاجة إلى الأنفاق، وهي حالة اضطرارية واستثنائية. وإن فُتحت المعابر إلى القطاع بنحو طبيعي وسُمح بحركة التجارة والأفراد، فإننا لن نحتاجها».
ويرى الخبير في شؤون الأمن القومي، الدكتور إبراهيم حبيب، في حديث لـ«الأخبار»، «أننا لسنا سعداء بوجود هذه الأنفاق، لكنها في ظل هذه المرحلة تشكل شريان حياة لغزة. تخيل لو لم يوجد أنفاق لإدخال السلع، حتماً سيهلك أكثر من مليون فلسطيني يعيشون في القطاع». قبل أن يضيف: «سيكون الشعب الفلسطيني سعيداً بإغلاق هذه الأنفاق وفتح معابر رسمية تدخل منها البضائع وإقامة مناطق تجارة حرّة تسمح بحرية تنقل الأفراد».
من جهة ثانية، أدى إغلاق معبر رفح إلى دقّ ناقوس الخطر لدى الجهاز الصحي في القطاع، بحيث ناشد الغزيون الحكومة المصرية ضرورة إعادة فتح معبر رفح فوراً لاستكمال علاجهم في الخارج جراء النقص الحاد في غرف العمليات ونقص الأدوية في مستشفيات القطاع.
وتشرح الحاجة أم سالم (62 عاماً)، التي تعاني مرض القلب، معاناتها وتقول إنها «كانت تنوي السفر أمس (أول من امس) إلى مستشفى معهد ناصر لإجراء عملية جراحية، لكن المعبر أغلق وهذا يهدد حياتي وقد يعرضني للموت». كذلك تحدث محمد حجازي (30 عاماً) عن حالته، ويقول: «أنا بحاجة ماسة للسفر للعلاج، لأنني أريد إجراء عملية لزرع نخاع شوكي في مستشفيات مصر وهذه العملية غير متوافرة في مستشفيات القطاع».
من جهته، يؤكّد المتحدث باسم وزارة الصحة المقالة أشرف القدرة لـ«الأخبار» أنّ «مستشفيات قطاع غزة تعاني كثيراً من هذا الإغلاق، الذي يُعَدّ انتهاكاً لحقوق المريض الفلسطيني، وخصوصاً مرضى الأورام والسرطان والقلب»، موضحاً أن «استمرار إغلاق هذا المعبر سيفاقم الوضع الصحي، وقد نكون أمام كارثة صحية، على غرار ما جرى في السابق حين خسرنا نحو 500 مريض على أعتاب معبر رفح قبل سنوات نتيجة الحصار».
كذلك أعلنت، بدورها، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، أن استمرار إغلاق معبر رفح يهدد بحرمان آلاف الفلسطينيين التوجه إلى السعودية لأداء العمرة، والتسبب بخسائر فادحة لشركات الحج والعمرة.