الجزائر | بعد اعلان الرئاسة التونسية رسمياً استضافة القمة في العاشر من تشرين الاول المقبل، طرأت متغيرات على التصريحات والاصطفافات السياسية في المنطقة. اولى الرسائل بعثها رئيس الوزراء المغربي، عبد الإلة بن كيران (الصورة)، مشيراً إلى أن لا شيء تغير في موضوع الصحراء الغربية. وأعاد في الرسالة الطروحات المغربية التقليدية التي تعتبر المشكلة مغربية ــ جزائرية. وهو طرح رفضته الجزائر على الدوام، وكررت دائماً أن المغاربة يصرون على الخطأ في الباب الذي يطرقونه لمعالجة المشكل. وكان بن كيران ذاته قد اكد بعد تولّيه رئاسة الحكومة أن الاولوية هي لتصفية كل الخلافات مع الجزائر، وسار في نهج تحييد موضوع الصحراء على اعتبار انه بيد الامم المتحدة، لكن حديثه قبل أيام عن «الاعداء الذين يريدون المساس بالوحدة الترابية للمملكة» خلط الاوراق وجدد الخلاف والشكوك في حدوث تطور في الموقف. وبدا خطاب الملك محمد السادس، الاسبوع الماضي بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لجلوسه على العرش، كما لو أنه جاء قبل هذ التحولات وقبل مساعي الانفراج التي اطلقها الرئيس التونسي منصف المرزوقي والتي افضت إلى اتفاق على عقد قمة مغاربية بعد قرابة عشرين عاماً من الجفاء.
وبالمقابل واصلت الجزائر رفضها فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ عام 1994 دون تقديم أي مبرر مقنع لذلك. موقفٌ عابه المحللون الجزائريون على بلدهم كونه كان مندفعاً اكثر مما يلزم في الترحيب بالقمة، وسجلوا الموقف ضمن «دبلوماسية هواة» غير مدروسة.
وانتقدت كتابات صحافية هذا الاندفاع الذي يعطي الانطباع أن الجزائر تحتاج إلى الاتحاد اكثر من الآخرون. وثمة تيار في الجزائر مستاء من هذا الاندفاع ويرى اهمية التفكير في بدائل عوض «اللهاث وراء السراب» على حد ما جاء في تعليق نشرته يومية «كل شيء عن الجزائر» الالكترونية.
عامل جديد آخر يمكن أن يعكر مسار اتحاد المغرب العربي الذي قام العام 1989، وهو المحور الجديد الذي افرزته احداث «الربيع العربي» ويضم مصر وتونس وليبيا الذي أعلن عنه قبل ايام بمناسبة الاجتماع الثلاثي بين قادة هذه الدول.
المحور شدد على أهمية التنسيق السياسي والتشاور في القضايا المحلية والدولية لاتخاذ مواقف مشتركة. وبدا الاعلان كما لو انه يخص قيام حلف او تكتل بين دولتين من الاتحاد وطرف ثالث هو مصر. وهذا الجديد احدث ارتباكا في مساعي الرئيس منصف المرزوقي مع القادة المغاربيين. فتونس اليوم رجلها في الجغرافيا المغاربية ورجلها الأخرى في حلف العقيدة الاخوانية. وقبل هذا جاءت محاولة التحاق المغرب بمجلس التعاون الخليجي في تكتل تضامني يجمع كل ممالك العرب ليبرز وجود بدائل لكل البلدان المكوّنة للاتحاد.
هذه العوامل واخرى يمكن ان تبرز لاحقاً، قد تدفع إلى التساؤل ماذا سيقول القادة المغاربيون لبعضهم في القمة إن عقدت؟ بالتأكيد يحتاجون إلى جلسة تعارف اولاً، اذ لم يسبق لأي منهم أن شارك في قمة سابقة لأن من اسسوا الاتحاد رحلوا جميعاً ومن يحكمون اليوم مشدودون إلى هموم بلدانهم.. فأي مكانة للاتحاد ببرامجهم في هذا الوقت؟