نيويورك ــ الأخبار أقرت الجمعية العامة للامم المتحدة، بغالبية واسعة أمس، مشروع قرار حول سوريا طرحته الجامعة العربية، يدين استخدام الحكومة السورية الأسلحة الثقيلة، وينتقد عجز مجلس الامن عن التحرك في اطار الأزمة الجارية في البلاد. وصاغت السعودية مشروع القرار، الذي نال تاييداً واسعاً، من الدول العربية والغربية، وجرى اقراره بموجب 133 صوتاً في مقابل 13 صوتاً رافضاً، وامتناع 33 بلداً عن التصويت من أصل 193 بلداً اعضاء في المنظمة الدولية.

وغداة استقالة المبعوث الدولي إلى سوريا كوفي أنان، انتقد القرار «عجز مجلس الأمن عن الاتفاق على اجراءات تلزم السلطات السورية باحترام قراراتها». ودان «كافة أشكال العنف بغض النظر عن مصدرها ومنها الأعمال الإرهابية». وطالب القرار «جميع الأطراف، وخاصة القوات الحكومية، بتفعيل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بوضوح وعلى الفور، من أجل التوصل إلى تحقيق وقف للعنف المسلح بكافة أشكاله، وخلق مناخ بنّاء لوقف مستمر للعنف، وعملية انتقال سياسية بقيادة سورية تفي بتطلعات الشعب السوري»، وذلك بعدما قررت المجموعة العربية الغاء الفقرة التي تنص على مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي عن السلطة. كذلك خلا القرار المنقح من فقرة تنص على «تشجيع الدول الأعضاء التي لم تتخذ خطوات متشابهة على تبني عقوبات مماثلة على النحو الذي اعتمدته جامعة الدول العربية في 27 تشرين الثاني 2011»، فيما أعرب القرار عن القلق «ازاء تصعيد العنف في البلاد واستخدام السلطات السورية القوة المفرطة والأسلحة الثقيلة والمدرعات والقوات الجوية ضد المناطق المأهولة بالسكان». وطالب القرار السلطات السورية «بالتقيد التام بالتزامها بموجب القانون الدولي في ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية، والامتناع عن استخدام هذه الأسلحة أو نقلها لجهات فاعلة غير حكومية وتأمين مخزوناتها».
وقرار الجمعية العامة رمزي على نحو أساسي نظراً إلى أنه لا يمكنها اصدار أكثر من توصيات، على عكس قرارات مجلس الامن الدولي الملزمة.
وقبيل التصويت دعا الامين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الدول الكبرى إلى تجاوز «خلافاتها»، معتبراً أنه «ينبغي تغليب المصالح الفورية للشعب السوري على الخلافات أو الصراعات من أجل النفوذ». ولفت بان الى أنّ «الحرب تتحول الى حرب بالوكالة والى أطراف تساعد وتنضم الى طرف آخر»، مضيفاً «نقف إزاء احتمال حرب أهلية تطاول فئات الشعب السوري، وسيكون لذلك تداعياته على الشعب والمنطقة، فالواجب استخدام كل الوسائل السلمية وصولاً الى عملية سلمية تستند الى الحلول الوسط». ورأى بان كي مون أنّ «الانقسامات في مجلس الأمن صعّبت من عمل كوفي انان، داعياً الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى تعيين بديل لأنان».
وكان عبد الله المعلمي، مندوب السعودية، قد طرح المشروع على الجمعية العامة قائلاً إن الحكومة السورية لم تطبق خطة أنان، وارتكبت مجازر في عدة مدن بدلاً من حماية المواطنين وإيصال المساعدات إليهم. وأضاف إنه بدلاً من وقف استخدام الأسلحة الثقيلة، لم يتولّ مجلس الأمن الدولي دوره بسبب اصطدامه بحالة الانقسام، لذا بات على الجمعية العامة تحمل مسؤوليتها. ورأى أن مشروع القرار يرمي إلى حل سلمي يمنح السوريين حقهم في تقرير مصيرهم، ويطالب بتأمين الحماية للمواطنين السوريين.
في المقابل، استغرب المندوب السوري، بشار الجعفري، قبل التصويت على مشروع القرار، تقديم دول تمول وتسلح المجموعات المسلحة مشروع القرار بداعي الحرص على السلم والأمن في سوريا. وأشار إلى وصول أسلحة متطورة من هذه الدول إلى الجماعات المسلحة. واستغرب أيضاً عدم وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري باسثناء النزر اليسير، كما استغرب تجاهل المنظمة لمعاناة الشعب السعودي من قمع وغياب حقوق يتعرض لها على يد سلطة تطلب الحقوق لغير شعبها وتنكره عليه.
وطالب الجعفري الجميع بتدارك اللعبة التي يجري بها استغلال الجمعية العامة من قبل دول لم تعرف الديموقراطية يوماً، لافتاً إلى أن هذه الدول تمول الإرهاب وتسلحه بصورة مكشوفة، وتعمم فكر تنظيم القاعدة وتنشره في الدول الأخرى. ووضع القرار في خانة التدخل في شأن سوريا الداخلي، بما يخالف ميثاق الأمم المتحدة، وينال من سيادة الدولة. وأضاف إنه كان يتوقع من السعودية أن تقدم مشروع قرار يطلب تحرير الأراضي السعودية التي تحتلها إسرائيل.
واتهم الجعفري الإعلام السعودي بالتورط في دم السوريين بتزوير الأمور وممارسة الابتزاز. وأشار إلى تهجم الإعلامي السعودي والقطري عليه شخصياً وعلى زملائه الدبلوماسيين بنشر التحريض على القتل. وترك ذلك لضمير الدول كي تبني عليه. وقال إن تلك المواقع تدعو علناً إلى التصفية الجسدية للدبلوماسيين السوريين. واتهم رئيس الجمعية العامة القطري ناصر عبد العزيز النصر، بعدم الحيادية في أسلوب إدارته للجمعية، وتسخيرها لمآرب ومصالح وطنية.
أما الرئيس الحالي للجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبد العزيز النصر، فاعتبر أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراء بشأن الوضع في سوريا، مؤكداً على أن الكلمات وحدها أصبحت لا تكفي.
أما نائب المندوب الإيراني، إسحق الحبيب، فرأى أن مشروع القرار يناقض مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويرمي إلى إشعال الصراع داخل سوريا. وناشد الأطراف السياسيين الدخول في حوار يرمي إلى معالجة الأزمة سلمياً.
من جهتها، رحب المندوبة الأميركية، سوزان رايس، بتبني القرار. وأوضحت أنه «بالرغم من استمرار معارضة أقلية تزداد انعزالاً، يقف غالبية أعضاء الأمم المتحدة مع الشعب السوري الساعي إلى تلبية طموحاته المشروعة».
وفي أول تعليق بعد صدور القرار، اعتبر رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، عبد الباسط سيدا، أن القرار الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول سوريا يؤكد أن النظام السوري «فقد شرعيته ولم يعد المجتمع الدولي يؤمن بتلك الشرعية».