لبّت مواقف وتحليلات اسرائيلية أمس، نداء رئيس حكومة تل أبيب، بنيامين نتنياهو، بضرورة إعطاء صدقية للتهديدات الاسرائيلية، إزاء جديّة شن هجوم عسكري على إيران، سواء من قبل الاسرائيليين أنفسهم، أو من قبل الأميركيين. وتبارت المواقف والتسريبات والتقديرات والتقارير الإعلامية، طلباً للصدقية المفقودة، الأمر الذي يتوقع له أن يتواصل وبكثافة، في الأيام والاسابيع المقبلة.
في هذا الاطار، أكدت مصادر أمنية اسرائيلية ان عدد القتلى الاسرائيليين في حال وقوع مواجهة وحرب مع ايران وحزب الله، لن يتجاوز المئتي قتيل اسرائيلي، لكن في حال انضمام سوريا الى المواجهة، فإن العدد سيرتفع أكثر، لكن بنسبة محدودة، ليصل الى ثلاثمئة قتيل.
هذه خلاصة بحث خبراء العمليات في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، والذي نشرته صحيفة «هآرتس» أمس. ما يعني ان عدد القتلى الاسرائيليين، في المواجهة المقبلة مع اعدائها، يتواصل بالتقلص، من عشرات الآلاف، الى الآلاف، ومن ثم الى 500 قتيل، كما أكد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك، وصولا الى 300 قتيل، كما اشارت «هآرتس».
وتضيف الصحيفة الاسرائيلية أن التقديرات والأرقام المتفائلة التي نشرتها، تعتمد على حسابات خاصة أجراها قسم أبحاث العمل الميداني في الاستخبارات الاسرائيلية، وتم عرضها على المؤسسة العسكرية خلال التدريبات والمناورات التي أجرتها، وأيضاً أمام المؤسسة السياسية، مشيرة الى ان «التقديرات والحسابات ترتكز على عدد الصواريخ باختلاف أنواعها، والمتوفرة لدى الطرف الآخر، اضافة الى الاعتماد على حسابات الحروب السابقة، ودرجة جاهزية الجبهة الداخلية في إسرائيل». وأشارت الصحيفة الى ان جملة من العوامل والظروف، لن تسمح لإيران بإطلاق كل صواريخها البعيدة المدى، والتي تُقدّر بالمئات، من أنواع مختلفة من صواريخ شهاب، بوسعها ضرب أهداف في اسرائيل.
الفرضية، بحسب حسابات البحث الاستخباري الاسرائيلي، أنه حتى لو هاجمت اسرائيل المنشآت النووية الايرانية وقررت طهران الرد، فإنها لن تستخدم كل المخزون الصاروخي الذي في حوزتها. كما أن عدداً من الصواريخ سيواجه مشاكل خلال اطلاقه، بينما سيدمّر سلاح الجو الاسرائيلي عدداً آخر، فيما ستعترض منظومة «حيتس» عدداً لا بأس به من هذه الصواريخ.
ويشير البحث الى أن أعداداً من الصواريخ الايرانية ستخطئ أهدافها وتسقط في مناطق مفتوحة بعيدة عن المناطق السكنية، الأمر الذي يعني ان عشرات فقط، من الصواريخ، ستسقط على المدن والمستوطنات في اسرائيل، والمحتمل ان تكون الضربة موجهة تحديداً الى منطقة غوش دان وتل ابيب.
وقالت «هآرتس» إنه يجب ان يضاف الى ذلك، التهديد الصاروخي من جانب حزب الله، الذي لا يحوز فقط على صواريخ كاتيوشا للمديين القصير والمتوسط، بل وايضاً المئات من صواريخ «إم 600» الدقيقة نسبياً، والتي بوسعها ضرب وسط اسرائيل. ولفتت الى ان عدد صواريخ حزب الله هائل جداً، ويُقدر اليوم بقرابة 60 الفاً، لكن في حال نشوب المواجهة مع حزب الله، فإن الكثير من الآمال منوطة بقدرة سلاح الجو وأسرة الاستخبارات على ضرب الصواريخ بعيدة المدى في ارضها، وقبل اطلاقها.
من جهته، قال رئيس الموساد الاسرائيلي السابق، افرايم هاليفي، في حديث مع الاذاعة الاسرائيلية أمس: «لو كنت إيرانياً لشعرت بقلق كبير من التصريحات التي يطلقها قادة اسرائيليون، حول إمكان مهاجمة المنشآت النووية»، مشيراً الى ان «الأشهر الثلاثة المقبلة، ستكون مصيرية في ما يتعلق بايران وبمشروعها النووي».
وأعرب هاليفي عن اعتقاده بأن «القيادة الإيرانية تخاطر وتعرّض نفسها للخطر عبر تبنيها تقديرات خاطئة حول تصميم إسرائيل والإدارة الاميركية، وهي تخطئ أيضاً إذا اعتقدت بأن موافقتها على استئناف المفاوضات النووية مع الدول الكبرى، تمنحها حصانة غير محدودة في وجه هجوم عسكري».
أما القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، فشدّدت على أن الاعتقاد السائد هو أن الضربة العسكرية الاسرائيلية لإيران، باتت وشيكة، ومرد ذلك عاملان اثنان: الاول ان اسرائيل غير معنية بالحرب في الشتاء، بسبب الأحوال الجوية، وثانياً ان نتنياهو غير مؤمن بتأييد الرئيس الأميركي باراك اوباما للضربة، في حال انتخابه لفترة رئاسية ثانية، الامر الذي يعني أن نافذة الفرصة مقلصة زمنياً، وان الهجوم سينفّذ في الأشهر القريبة المقبلة. من جهته، قال رئيس معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي الجنرال عاموس يدلين، إنه لا يوجد 200 الف صاروخ تهدد اسرائيل، بل ربما يوجد 1000 صاروخ، او 9000 صاروخ بعيد المدى، لكن يوجد 190 ألف صاروخ قصير المدى، وهي صواريخ يمكن التعامل معها عبر عملية برية وازالة تهديدها عن اسرائيل. وشدد يدلين، الذي كان يشغل منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (آمان)، على «وجوب الا نخوّف أنفسنا من مئتي الف صاروخ. الا ان يدلين اكد في المقابل انه عندما تسقط الصواريخ على تل ابيب، وستسقط، فإن اشخاصاً سيقتلون، لكن شرعية اسرائيل بالعمل ستكون اعلى بكثير، وقدرتنا على القيام بأمور لم نقم بها حتى اليوم، ستكون اكبر بكثير».